اعداد: سعيد عباس محمد طلعت.. في حضرة رجل (فريد) (1-2) وكما للسودان إرث وحضارات وقيم ومبادئ كما الجبال الراسيات أيضًا لديه رجال وأبطال وأفذاذ نقشوا أسماءهم على صلابة جدار ذلك القطر المترامي ألقًا وفنًا وإبداعًا فتركوا بصمات لا تخطئها العين حتى من رمدٍ فكانوا محطات إبداع وروعة وجمال فراحت أجسادهم وظلت أعمالهم بين ظهرانينا أبد الدهر كما النيل يجري ويسقي على مر العصور والدهور والأجيال وإذا صحّ المثل القائل (لكل منّا نصيب من اسمه) فمحمد طلعت فريد فعلاً هو محمود ومتطلع وفريد بحق وحقيقة ولنا في هذه المساحة الصغيرة أن نأخذ غيضًا من فيضه أو نستل خيطًا رقيقًا حانيًا من ذلك النسيج الإنساني الضخم المترامي علمًا وفنًا وأدبًا. (1) هو محمد طلعت فريد من مواليد مدينة أم درمان في عام 1912م بدأ تعليمه الأولي والمتوسط والعالي بأم درمان وكان من القلائل الذين التحقوا بكلية غردون التذكارية وقتذاك الحين في عام 1934م بكلية العلوم ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها برتبة الملازم ثاني في عام 1938م وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة اللواء، وفي عام1956م أكمل دورات عسكرية متعددة داخل السودان وخارجه اجتازها بامتياز ومن أبناء دفعته أحمد عبد الوهاب أول الدفعة واللواء حسن بشير والأميرلاي عمرمحمد إبراهيم والأميرلاي أحمد أبوبكر شقيق الشاعر محمود أبوبكر صاحب نشيد (صه ياكنار) الذي لحنه الموسيقار إسماعيل عبد المعين. (2) كان محمد طلعت مقاتلاً مخلصًا لتراب هذا الوطن ومن ضمن الميادين التي قاتل فيها على سبيل المثال مناطق جبهة شرق إفريقيا ومناطق حدود كسلا ومنطقة الحدود الإثيوبية ومنطقة كرن وذلك عندما كان جيشهم مسلحًا ومدججًا مسافرًا من السكة الحديد بالقطار فودعتهم الفنانةعائشة الفلاتية في أغنيتها الشهيرة الخالدة (ودعت الحبيب هنا دا في السكة الحديد) والأغنية بعنوان (يجو عايدين إن شاء الله عايدين). (3) يذكر أن طلعت فريد كان رياضيا قويا وماهرًا وأطلق عليه لقب أبو الرياضة نسبة لإجادته عدداً من الألعاب الرياضية المختلفة بمهارة فائقة فقد كان ملاكمًا وسباحًا ولاعب تنس وبطل جمباز فضلاً على مهارته العالية في كرة القدم إلى جانب توليه زمام أمر الرياضة بالبلاد في جوانب عدة ومختلفة أبرزها وزير الرياضة وقد لعب فريد لفريقي الهلال والمريخ في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي. (4) لم يكن فريد متعصاً للأزرق أوالأحمر بل كان همه تطوير المنشط والدفع به للأمام حتى انتقاله بين الهلال والمريخ لم يترك أي رواسب نفسية أو سلبية بين الفريقين كما يحدث الآن لذلك كان يجد الاحترام من جماهير وإدارة الناديين ومايؤكد ذلك حادثة مباراة المريخ ومنتخب الجيش الانجليزي التي كانت في ملعب حوش الخليفة بأمدرمان وقد حضرت حشود جماهيرية كبرى لحضور ذلك اللقاء حتى نفدت التذاكر من الصباح الباكر ولكن منتخب الجيش الانجليزي لم يأت للملعب ولم يقدم أي اعتذار حتى موعد صافرة بداية المباراة مما جعل الجمهور يتذمر ويشجب وهذا ما أراده الانجليز ولكن محمد طلعت فريد انبرى للموقف بكل شجاعة وجرأة فخاطب الجمهورالموجود داخل الملعب بالصبر وضبط النفس واقترح عليهم مباراة مع فريق الهلال بدلا عن الانجليز فوافق الجمهور وبدا فريد يجّمع لاعبي الهلال الموجودين بحوش الخليفة لمشاهدة المباراة رغم أنهم لم يكونوا جاهزين بأحذية الكرة ولا الملابس فقد لعب معظمهم حافي القدمين وآخرون بجلاليبهم وكانت المباراة قمة في الروعة والجمال ولكن إدارة نادي الهلال أخضعت اللاعبين في المساء لمجلس محاسبة شديد لأنهم لعبوا دون علم الإدارة وباسم النادي ولكن فريد سارع إلى اجتماع الهلال وشرح لهم أسباب المشاركة والفتنة التي كانت ستحدث لولا هذه المباراة وبالمقابل تفهم أعضاء مجلس إدارة نادي الهلال الأمر وشكروه على ذلك (نواصل غداً).