*للأسف لا يمكن فصل السياسة عن تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية و..الخ، فمعروف أن الحرب بدايتها أيضاً سياسة وأن الأزمات الاقتصادية من نتائج الخيبات السياسية. *نقول هذا بعد إدانتنا التامة لموقف رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت في مفاوضات النفط ورفضه التوقيع على مقترح الآلية الإفريقية، فالواقع الدرامي الذي تسببه مثل هذه المواقف السياسية الخاطئة يلقي بظلاله السالبة على المواطنين في الشمال والجنوب. *لذلك ظللنا نقول بأن كل مشاكلنا سياسية، ولابد من معالجتها سياسياً، قبل أن تتفاقم تداعياتها كما هو حادث الآن. وهذا يتطلب تكثيف الجهود أكثر لمحاصرة كل أسباب التوتر القائمة، على الأقل في السودان الباقي. *صحيح يوجد تداخل سياسي وعسكري في دارفور وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق وحول أبيي، إلا أننا نرى إمكانية محاصرة تداعيات النزاع هذه عبر الاتفاق السياسي القومي الممكن إذا خلصت النوايا وجد العزم وصدقت الإرادة السياسية. *إن ما يجري في هذه المناطق، بل وفي مناطق أخرى في الشمال وفي الوسط، أيضاً يحتاج إلى حلول سياسية بالتراضي، وهذا يستلزم أن تتنادى القيادات السياسية في الحكومة والمعارضة، ليس بهدف اقتسام السلطة والثروة، وإنما للوصول إلى اتفاق سياسي شامل يستكمل السلام في دارفور ويطفئ نيران النزاعات التي طالت جنوب كردفان والنيل الأزرق وحول أبيي ويلبي المطالب العادلة لكل المتضررين من أهل السودان الباقي. *لابد أن يتضمن الاتفاق السياسي الذي لم يعد يحتمل أي مماطلة أو تسويف، الوصول إلى صيغة وفاق مع دولة جنوب السودان تخرج بنا من دوامة الخلافات التي باتت تهدد أمن بلدينا ومواطنينا في الشمال والجنوب، بعيداً عن التقسيمات التي فرضها واقع الانفصال بتعزيز أواصر الصلات الطبيعية، على الأخص في مناطق التداخل الحدودية التي لا يمكن فصلها إنسانياً وبشرياً. *وهذا يتطلب أيضاً الإسراع بالوصول إلى صيغة لمعالجة أوضاع السودانيين من أصول "جنوبية" إذا صح التعبير.. في السودان الباقي، خاصة وأن الغالبية منهم انقطعت صلتهم بالجنوب ولم تكن لهم علاقة بالحركة الشعبية ولا بالحرب الأهلية، ولنسترشد في ذلك بالآية الكريمة {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (164) } سورة الأعراف.