تدحرجت القضية الخلافية حول النفط مع دولة الجنوب كما توقعنا لتجد مساحة لها في مجلس الأمن الدولي ضمن جدول أعماله المزحوم بالقضايا العالمية الكبيرة ليلة قبل البارحة، كأسرع قضية يهتم بها مجلس الأمن... وما هذه الخطوة إلا نذر تهديد أمريكي، لتحقيق مساعيها غير المواربة للاستيلاء على نفط الجنوب، كما ذكرت الحكومة الروسية من قبل أن الإدارة الأمريكية فصلت الجنوب من أجل الدخول كلاعب أساسي لعمليات النفط في الجنوب، وهو ذات الفهم الذي خاضت به الحرب في العراق، وهو ذاته وراء عدائها لإيران. وحثت الطرفان على التوصل سريعاً (حلوة سريعاً دي، والتي لا تأتي إلا من صاحب حق) الى اتفاق بشأن تقسيم النفط والإيرادات، وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس بعد جلسة مغلقة لمجلس الأمن بشأن جنوب السودان إن الخطوة التي اتخذتها الخرطوم بالإفراج عن تلك الناقلات هي (خطوة مهمة جاءت متأخرة) ونأمل أن تخلق ظروف تسمح للطرفين بالجلوس الى الطاولة والتوصل بأسرع ما يمكن الى ترتيب دائم فيما يتعلق بالنفط وتقاسم الإيرادات والذي بدونه سيعاني الجانبان كلاهما وسيكون فقدان الإيرادات النفطية عاملا معرقلا للجميع، بحسب ما أوردته الوكالات. لم يصدر هذا الخبر إلا من السفيرة الأمريكية فقط، أظنها هي الناطق الرسمي باسم مجلس الأمن، ولكن يظل أس الاهتمام الامريكي أنها ترغب أن تكون هي صاحبة القول الفصل عن النفط في المنطقة وإن لم يكن في العالم بأثره، ولذلك هي لا تتخفى إطلاقاً من أجل تحقيق أهدافها، ويظهر ذلك في اللغة الآمرة التي استخدمتها سوزان رايس في تصريحاتها الصحفية. وبالمقابل فإن إدارة الشأن الاقتصادي في البلاد فيه شيء من الاستغفال، واللامبالاة، وما يفقع المرارة ما ذكره مركز (smc) أن قرار دولة جنوب السودان الخاص بإيقاف تصدير النفط عبر السودان لا يؤثر على ميزانية الدولة باعتبار أن الموازنة لا تعتمد بشكل أساسي على النفط وإنما البدائل الاقتصادية الأخرى... بالله شوف!.. فإذا كانت سبعة ملايين جنيه من ميزانية الدولة هي رسوم نقل النفط ما تعادل (30%) من الإيرادات المتوقعة، لا تؤثر على الميزانية، فما الذي يؤثر عليها؟!. أنا أشك أن يكون هذا الحديث قاله عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية... وإلا فإننا في حالة توهان حقيقية لا مجازية، فالطريقة التي تدير بها دولة الجنوب القضية هي أكبر بكثير من التصورات التي يضعها أهل الاختصاص هنا، وهنا يظهر الفرق.