خيرا فعلت اللجنة الأمنية بولاية الخرطوم وهي تعلن تصديها لأي محاولة تسعى لتحويل الاحتفال بالمولد النبوي إلى مناسبة لإشعال الفتنة. في رأيي المتواضع – الفتنة وقعت وانتهى الأمر – حدث هذا بمجرد شروع البعض في التهجم والهجوم على حق الصوفية في الاعتقاد والتفكير والاحتفال بما يرون من مناسبات – ومن المهم التذكير بأن الاحتفال بالمولد النبوي ليس طقسا صوفيا خالصا وان أعدادا مقدرة من الناس لا ترتاده لأنه كذلك. فالاحتفال بالمولد كغيره افترق عن منبته وبات مناسبة جامعة يلتقي فيها الناس ويفرح بها الأطفال وتزداد فيها مداخيل التجار وأصحاب الجبايات – فأسعد المحليات في ايامنا هذه هي تلك التي تقع في أراضيها ساحة للاحتفال بالمولد. لنتناقش بهدوء مع الإخوة أنصار السنة فحتى الساعة لم نتثبت نحن عوام الناس ولا الحكومة المركزية والحكومات الولائية من أن الاحتفال بالمولد يشكل تعديا على صحيح الدين او خروجا على اصوله – نحترم رأي كل من يعارض ويرفض هذه الاحتفالية بشرط أن يحترم وجهة نظرنا الراسخة والممتدة في عمق التاريخ. لسنا في وارد الانصراف عن قضايا اكبر واعم واشمل تبدأ بالاقتصاد ولا تنتهي بالسياسة لنخوض في تفاصيل اجتهادية لا تقدم ولا تؤخر. الاشتباكات في ساحة المولد في ام درمان بين فريق من انصار السنة وفريق من الصوفيين دخلت التاريخ باعتبارها الحدث الاول من نوعه في تاريخ الاحتفال بهذه المناسبة – فليس اخطر على الأمن والمجتمع من تحويل جماعة مسالمة مثل الصوفيين الى طرف في لعبة العنف والعنف المضاد – تحول خطير إن هو استمر او تراخت الجهات المختصة في احتوائه. على ذكر الجهات المختصة نسأل لماذا سمح لأنصار السنة بنصب خيمة في ساحة المولد؟ – مفارقة غريبة أن تصر على الوجود في ساحة ترفضها وترفض المناسبة المقامة فيها – ورجاء لا تحدثونا عن الدعوة والتنوير في هذه الحالة – لان الضجيج والحركة في الساحة لا تسمح بذلك أصلا – الا اذا كان القصد الاستفزاز وجس النبض واثبات الوجود وغير ذلك. مساجد الجماعة "على قفا من يشيل" وقد استخدمتها في الدعوة وجذب الأنصار وهذا حقها لكن ليس من حقها أن تنزل الى الشارع والساحات لتصدم وتصطدم بمن يخالفونها الرأي – باب الدعوة مفتوح أمام الجميع لكن بالحسنى هناك الكتب والتسجيلات والانترنت "ما حبكت على المولد يا ناس" لماذا تتجاهل الجماعة كل هذا البراح لتدخل نفسها والبلد في عنق زجاجة؟. نذكر أن الهجوم على القبة في العيلفون ما زال طازجا وحيا في النفوس ولعل هذا ما يفسر رد فعل الصوفيين في ساحة المولد بأم درمان. الكرة الآن في ملعب الحكومة – إن شاءت وضعت النقاط على الحروف وفعلت القوانين التي تمنع الاعتداءات المتبادلة وتصعيد الخطاب والشطط في الوعد والوعيد – على الجهات المختصة عدم الركون للمناظرات وجلسات الحوار وتقريب وجهات النظر– الجماعتان تقفان على طرفي نقيض وليس من مجال لجسر الهوة بينهما – كلاهما يرفع سلاح الإلغاء في وجه الآخر خاصة السلفيين – وعليه يجب على الحكومة الزام الطرفين بضبط الخلاف بينهما وحصره في إطاره النظري البحت- وفرض عقوبات صارمة بحق كل من يخالف ذلك - وإلا فالأسوأ سيقع لا محالة " والفينا مكفينا".