اعتلى (جلوط) الحافلة وجلس في مقعده المفضل جنب الشباك على كنبة (شكرا)، وهو يدندن بلحن هابط، قبل أن يتفاجأ بالكمساري يقترب منه في أدب ويسأله: * معليش يا أستاذ..تطلب شنو؟ قهوة شاي، نسكافيه. * اللهم طولك يارووووح.. البلد دي مالا الليلة، يا زول انت مجنون؟ * تسلم يا أستاذ.. لكن ما وريتني طلبك؟ قبل أن يرد (جلوط) على الكمساري تفاجأ بجميع الركاب وهم يحملون بين أيديهم أكواب الشاي والقهوة، فاقترب من أذن الكمساري وهمس له في هدوء: * والله يا (عمك) ممكن شاي.. بس عليك الله بعدين ما تفضحني ماعندي قروش ع... * أستغفر الله ..قروش..انت تديني أنا قروش؟ ليه الإساءة دي يا أستاذ؟ * يا ولدنا إساءة شنو؟ انت مش الكمساري؟ * أيوا..بس ما بشيل قروش، أنا البديك قروش وانت نازل بعدين. * وانت تديني قروش ليه يا لذيذ؟ * (بدل مشوار)..أصلك قاعد في الكنبة الأخيرة وحتأخد مشوار لحدي ما تنزل، حتكون تعبت ولا أنا غلطان؟ لم يرد (جلوط) على الكمساري، بل ظل يرتشف كوب الشاي في ريبة حتى وصل إلى مقر المعاينة، فرفع يده محدثا فرقعة عالية بأصبعه، ليتفاجأ بجميع الركاب ينظرون إليه في شذر، بينما اقترب منه الكمساري مسرعا وهو يقول: * دا شنو الإزعاج دا يا أستاذ؟ * إزعاج شنو يا حبة؟ داير أنزل. * اوكي عايز تنزل جنبك هنا زر أخضر، دوس عليهو والبص حيقيف براهو، فهمت؟ هبط (جلوط) من البص وهو يفرك عينيه في ذهول، فكل المشاهد التي مر بها، تؤكد له واحد من اتنين، يا إما الناس دي كووولها جنت، يا إما هو نائم وبيحلم. ولكي يتأكد من أنو ما بيحلم أخرج هاتفه الجوال وضغط على الأزرار في عصبية قبل أن يأتيه من الجانب الآخر صوت صديق عمره (فتحي طراش): * يا فتحي..انت وين؟ * أنا في الجمانيزيوم يا (جلطوطي). * في شنو؟ * انت ما سامع ولا شنو؟ * أيوا ما سامعك كويس، أصلو الشبكة الأيامات دي كعبة و... فجأة انقطع الاتصال بين (جلوط) وصديقه، وقبل أن يدخل (جلوط) جواله في جيبه المقدود، ارتفع رنين هاتفه الجوال وما إن نظر للشاشة حتى أطلق شهقة كبيرة، فالمتصل عليه كانت شركة الاتصال ذاااااااااتا. * األو..أستاذ (جلوط)؟ * لا..أقصد أيوا.. * نحن آسفين جدا للإزعاج.. بس جاتنا إشارة إنو الشبكة بتاعتك ضعيفة شوية، عشان كدا نحن بنتقدم ليك باعتذار رسمي، وحنراجع الشبكة بتاعتك، وكمان حنديك رصيد مجاني لمدة سنة، تعويضا ليك على الأضرار السببتا ليك الشركة. * يا اخوانا انتو فهمتوني غلط أنا ما... * شكرا كتير ليك أستاذ جلوط ونتمنى ليك تعاون مثمر معانا.. (تيت..تيت..تيت) نواصل غداً