نسمع كثيرا عبارة (يا زول والله دي أحلام زلوط ساااكت)، وبين ذلك الزلوط الحقيقي صاحب المثل، و(جلوط) المواطن السوداني البسيط، شعرة أرهف بكثير من شعرة معاوية، لذلك كان الشبه بينهما كبيرا مع وجود فارق بسيط وهو أن احلام (زلوط) يمكن ان تتحقق، اما (جلوط) فلن تتحقق احلامه ولو بعد مائة عام،(مية شنو؟ والله دي بعد ترليون سنة ما تتحقق)، هكذا قاطعني شيخ كبير في المواصلات، وهكذا ضحكت في سري من ذلك التصحيح المفاجئ وانا أكتب المقال. ماعلينا.. سأقص اليوم عليكم حكاية عجيبة شوية، وهي حكاية (جلوط) الذي استيقظ ذات صباح مذعورا، فالشمس في ذلك اليوم لم تسجل حضورا في دفتر الصباح، وهو الشئ الذي دفع (جلوط) للركض عبر الزقاق حتى توقف امام والدته (ستنا) وسألها في توتر: * يمة..يمة..الشمس مالا ماطلعت الليلة؟ * يا ولد انت جنيت؟ نحن في عز الربيع، عشان كدا الشمس غايبة. * الربيع؟ هكذا تساءل (جلوط) في سره قبل ان ينهض لارتداء ملابسه واللحاق بإحدى المعاينات الكتيرة ومسيخة، لثواني ظل (جلوط) يراقب وجهه في المرآة، قبل ان يعقد حاجبيه المتساقطين بفعل (سندوتشات الطعمية)، ويردد في همس:(الليلة اليوم دا مااااااااطبيعي). خرج (جلوط) من منزله للشارع وما ان خطا بقدميه عتبة الباب، حتى تفاجأ بمحصل الموية وهو يبتسم في تهذيب ويقول: * السلام عليكم يا استاذ، آسف جدا للازعاج بس جينا الليلة عشان... * عشان تدونا الفاتورة وتشيلو قروش الشهر و... * لا لا يا استاذ انت فهمتني غلط، نحنا جايين الليلة نطمن على المواسير كووولها، ونشوف لو محتاجين لاي صيانة او كدا.. * اهااااااا !! دا حنك جديد خاشين بيهو عشان تزيدو القروش صاح؟ * قروش؟ قروش شنو يا استاذ..انت نسيت انو الموية بقت مجاني وكمان الكهرباء؟ * شنو؟ * طبعا.. وحتى النفايات، كل الحاجات دي اتلغت الرسوم بتاعتها، وبقت (فري)، وحتى كمان بقى عندك حق علينا. * كيف يعني؟ * يعني لو لا قدر الله يوم من الايام ماسورتك (اتحلجت) وخلافه، عندك تعويض رسمي مننا. نظر (جلوط) لمحصل الموية دقائق، قبل ان يضحك ويغلق الباب خلفه ويتجه للمواصلات وهو يردد في تعجب: (الزول دا شكلو راكب الشارع). (نواصل غداً)