رمت الإدارة الأمريكية بسنارتها بطعم إعفاء الديون في بحر قضايا السودان المائج بعواصف الخلافات القوية حول القضايا الاقتصادية العالقة بينها وجارتها المنفصلة منها دولة جنوب السودان، وبسبب إيقاف الأخيرة إنتاج النفط لعدم الاتفاق على رسوم نقله عبر الأنابيب التي تمر بالسودان، في أسلوب ذكي من الإدارة الأمريكية لكسر جمود المفاوضات الجارية في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا هذه الأيام. وقد نقلت وسائل الإعلام أمس عن الرئيس الأمريكي باراك أوباما توصيته بأن يستفيد السودان من إعفاء ديونه على الولاياتالمتحدةالأمريكية التي قدرها ب(250) مليون دولار، ضمن مبادرة صندوق النقد والبنك الدوليين لتخفيف ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون الخارجية (HIPC)، الذي أطلق في عام 1996م، ووسعت قاعدته عام 1998م ليشمل أكثر (20) دولة بينها السودان، وذكر أوباما في رسالته السنوية الخاصة بطلبه إجازة موازنة عام 2013م بالكونغرس أن ال(250) مليون دولار تعكس تكلفة الميزانية التقديرية لإعفاء بسبة (100%) من الديون السودانية المستحقة للولايات المتحدة. وهو خبر يدعو للبهجة والحبور مع عيد الحب الذي احتفى به العالم أمس الثلاثاء، وكأن الرئيس الأمريكي يقدم دعوة لأهل السودان للاحتفاء بعيد الحب، الذي لهم فيه نظر إن لم نقل محرم بحسب فتاوى البعض. ولكن خلفية الخبر تقول إن وزارة الخارجية الأمريكية أكدت أن أي إعفاء لديون السودان مشروط بإيفاء دولتي السودان الشمالي والجنوبي ببنود اتفاقية السلام الشامل، وقدرة السودان على تلبية المتطلبات اللازمة لإعفاء الدول الفقيرة بما في ذلك القرارات المتعلقة بحقوق الإنسان، وفي ذات الوقت لم تقطع (العشم) وقالت إن السودان بإمكانه أن يصبح مؤهلا لإعفاء ديونه، وهذه الخلفية تدعم ما ذهبت إليه أنه أسلوب ذكي من الإدارة الأمريكية، للتأثير على نتائح المفاوضات باديس ابابا، لكنها غير ملتزمة بالتعهدات التي قطعتها على نفسها. ظل وزراء المالية من لدن الزبير محمد الحسن، ود. عوض الجاز، وعلي محمود في دورتيه بالوزارة يؤكدون أن السودان مؤهل لنيل استحقاقات مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون ال(HIPC) إلا أن أسباباً سياسيةً منعته من الاستفادة، وقد رهن مسؤول أميركي في تصريحات العام المنصرم استفادة السودان من المبادرة بموافقة الكونغرس الأميركي، وهو مربط الفرس، الذي يتوقع أن تظهر نتائجه بعد تقديم موازنة، فيها بند لإعفاء ديون السودان للكنقرس الأمريكي، وإلى أن يحدث ذلك فأنا عند رأيي أنه طعم لفك تعقيدات القضايا الاقتصادية العالقة.