من المقرر أن يختتم اليوم المؤتمر الاقتصادي القومي الذي نظم أعماله حزب الأمة القومي بالتنسيق مع الأحزاب والفعاليات الأخرى بعد أن قدمت فيه أوراق علمية عن الواقع الاقتصادي تضمنت بعض المقترحات والحلول قدمها خبراء في الاقتصاد من مختلف ألوان الطيف السياسي يمكن أن تتبلور في صيغة إعلان أو ميثاق اقتصادي يسترشد به متخذ القرار السياسي في الحاضر وفي المستقبل بدلاً من سياسات رد الفعل التي أصبحت تُنتهج في الآونة الأخيرة خاصة بعد انفصال الجنوب. مثل هذه المؤتمرات التي تتناول القضايا الأساسية في حياتنا تستحق الدعم والمساندة كما تستحق الإشادة والتقدير لأنها تعتبر خطوة إيجابية تجاه العمل السياسي الإيجابي الذي يخاطب قضايا المواطنين وهمومهم ويجتهد في الخروج بموجهات متفق عليها تصلح خارطة طريق للخروج من نفق الاختناقات القائمة، سلمياً وديمقراطياً. خارطة الطريق هذه وصفها الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي بأنها طفرة استباقية نحو ميثاق وطني يحقق أجندة الخلاص تلتف حولها الأحزاب والفعاليات السياسية والمدنية وتعمل على هديها لمحاصرة أسباب النزاعات القائمة والاحتراب الحالي. التحية مستحقة لحزب الأمة القومي ولكل الأحزاب والفعاليات التي شاركت في هذا المنبر الاقتصادي الذي عكف على تشخيص الحالة الاقتصادية ووضع روشتة العلاج للواقع الاقتصادي المأزوم الذي خلفته الممارسات السياسية والاقتصادية القائمة. إننا ننتظر أن يخرج هذا المؤتمر بحزمة من القرارات والتوصيات تسهم بصورة فاعلة في دفع عملية الإصلاح الاقتصادي في السودان الباقي، ولكن ذلك يستوجب من الحزب الحاكم أن يضع في الاعتبار أن الإصلاح الاقتصادي وثيق الصلة بالإصلاح السياسي، وأنه لا بد من الإسراع باستكمال السلام في بلادنا ودفع استحقاقات التحول الديمقراطي عبر الاتفاق القومي. هذا يستوجب- كما عبر الإمام الصادق المهدي في كلمته- اعتماد نهج سياسي جديد يحقق دعماً قومياً للأجندة الوطنية بما فيها الميثاق الاقتصادي الذي نأمل أن يكون قد وضع من التوصيات ما يعيد استحقاقات الرعاية الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم ومياه الشرب في مكانها اللائق من دولاب الاقتصاد الوطني، ويواجه الفوارق التنموية ويحد من مشكلة الفقر. إن إطلاق مثل هذه المبادرة القومية يسهم في محاصرة الاختناقات القائمة سياسياً واقتصادياً وعدلياً وأمنياً، ولكن ذلك يتوقف على مدى الجدية والصدق في الالتزام بتطبيقه لصالح المواطنين الذين تحملوا كثيراً ثمن النزاعات والخلافات والسياسات الخاطئة.