الذي يمر بالقرب من مجمعات العيادات الطبية والمستوصفات الخاصة (التي انتشرت مثل البقالات في كل مكان) يلحظ الإهمال الشديد الذي يتم التعامل به مع مخلفات هذه الأماكن، وهى بطبيعة الحال، تدخل ضمن تصنيف النفايات الطبية، ولها خطورة بالغة على العديد من الأطراف. ولاينطبق الأمرعلى هذه الأماكن فقط، فالمستشفيات الحكومية تتضاعف فيها نسبة الإهمال والخطورة، أماعن المراكز الصحية والشفخانات في أطراف العاصمة والولايات فحدث ولا حرج!! وقد ظلت الصحافة – طوال السنوات الماضية- تنبه لخطورة هذا الوضع، وذلك من خلال التحقيقات الصحفية والحوارات والمقالات، يضاف إلى ذلك جهود ظلت تبذلها العديد من الجهات وعلى رأسها الجمعية السودانية لحماية البيئة. خطورة هذه النفايات تكمن في أنها تحمل العديد من الأمراض الخطرة، ويحتاج هذا النوع من النفايات إلى التعامل معه بطرق علمية من حيث جمعها وتخزينها والتخلص منها، بعض الأرقام تشير إلى أن 75% من هذه النفايات (غير خبيثة)، ولكنها حتى إذا افترضنا ذلك، فإن النفايات العادية لها خطورة بالغة على صحة الإنسان، كما أن ال25% المتبقية تدخل مباشرة في دائرة الخطر الشديد، وتتسبب بشكل واضح في انتشار أمراض (خبيثة) يصعب الشفاء منها، وهذه النسبة كافية لدق ناقوس الخطر. وإذا نظرنا إلى الطرق التي يتم بها التخلص من النفايات (بصورةعامة) نجدها في غاية التخلف وعدم المسؤولية، وتبدأ العملية من العنبر حيث يرقد المريض، وهنا يتم رمي هذه المخلفات في السلة التي تقع مباشرة تحت سرير المريض، وتقبع في مكانها إلى أن (يقيض) الله لها عامل نظافة (مسكين) لا يدري في الغالب الأعم، خطورة العمل الذي يقوم به على نفسه وعلى المحيطين به. تخرج النفايات من العنابر إلى صناديق القمامة الموجودة في (حوش) أو خارج المستشفيات وتمكث هناك ماشاء الله لها، حتى تأتي عربة نقل النفايات، وهنا تتعرض مجموعة أخرى من العمال لأخطار جمة.. وتزداد دائرة الخطر..!! ثم تحمل هذه النفايات في ناقلات ضخمة تذهب بها إلى (الخلاء) المزعوم والذي أصبح مناطق سكنية في ظل التمدد الذي حدث للمدن والأحياء، وهناك إما أن تترك في العراء أو تحرق.. وفي كلتا الحالتين فإن الناس يدفعون الثمن. صحيح أن بعض المستشفيات صارت تتعامل مع هذه النفايات عبر (محرقة) خاصة تقلل الأخطار الناتجة وتضمن السلامة بنسبة كبيرة، لكن الحقيقة المرة كم نسبة هذه النفايات التي يتم التخلص منها بصورة سليمة مقارنة مع تلك التي تسهم في اتساع دائرة الكوارث الصحية؟ وماهو نصيب الولايات من هذه (المحارق)؟ إن الحلول الجزئية لدرء خطر النفايات الطبية لا تجدي والمحاولات الفردية لن تفعل شيئاً أمام الانتشار الكبيرللوحدات الصحية في كافة أنحاء البلاد، وما لم تول الحكومة هذا الموضوع جل اهتمامها بحيث تتكامل دائرة المحاصرة، من قوانين وتشريعات ومواصفات صارمة، واستجلاب معدات حديثة ونشر الوعي وسط العاملين في الحقل الصحي والمرضى وعامة المواطنين، ما لم يتم كل ذلك، فسوف نظل نحرث في السراب..!!