دعا مختصون الى تشكيل فريق عمل وطني يقدم رؤية وطنية شاملة لادارة النفايات في البلاد، وتأسيس الهيئة الوطنية لإدارة النفايات، وتطبيق سياسات التخلص والتقليل من انتاج النفايات الخطرة، وحذروا من خطورة النفايات الطبية في ظل عدم وجود طرق سلمية للتخلص منها تترتب عليها نتائج كارثية، واوصوا في حلقة نقاش حول «المخلفات الطبية..الآثار السلبية والمعالجات» التي نظمتها هيئة المستشارين بالامانة العامة لمجلس الوزراء، بضرورة تقييم الأثر البيئي لأي مرفق او مؤسسة صحية، وإعادة النظر في المستشفيات والعيادات الصحية داخل الاحياء السكنية ومعالجة آثارها الصحية خاصة فيما يتعلق منها بالنفايات الطبية التي وصفوها بالخطرة على صحة الانسان. وقال الدكتور بابكر محمد علي، مدير الادارة العامة للطب العلاجي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، في ورقته التي قدمها حول «المخلفات الطبية» ان عدم وجود طرق سلمية للتخلص من النفايات الطبية تترتب عليه نتائج كارثية، وكشف ان عدد المؤسسات الصحية بولاية الخرطوم فقط يفوق ال(5) الف مؤسسة، تنتج يوميا ما يقارب (5) طن، وصفه بالرقم المزعج صحياً. واستعرض انواع المخلفات الطبية واجملها في: مخلفات المواد المعدية، والمواد الحادة، والمواد الكيميائية، والباثولوجية، ومخلفات المواد المشعة، والمخلفات الصيدلانية، والمخلفات السامة ذات الاضرار الجينية البيئية، والمخلفات المحتوية على المعادن الثقيلة ومخلفات اسطوانات الغاز المضغوط. وللتعامل السليم مع المخلفات الطبية الخطرة بالمرافق الصحية قال بابكر، يجب تطبيق نظام التصنيف للمخلفات الطبية وغير الطبية، واستخدام الاكياس المخصصة لكل نوع من النفايات، واستخدام طرق بديلة للتخلص من بعض النفايات الطبية بدل الحرق مثل التعقيم البخاري والمعالجة الكيماوية قبل وضعها مع النفايات الاخرى، ووضع وحدات دم المتبرعين غير الصالحة للاستخدام «بسبب انتهاء الصلاحية او احتواءها على ميكروبات الدم المعدية» في اكياس حمراء ويتم التخلص منها بواسطة المحارق فقط وليس بالطرق الاخرى، كما ان الادوية منتهية الصلاحية أو سيئة التخزين تعاد للمصدر او الشركة الموردة حتى يتم التخلص منها بمعرفتهم، وقال ان اضرار المخلفات الطبية تتمثل في: الاضرار الصحية للمخلفات المعدية والحادة، والتهابات الجلد، وامراض الجهاز التناسلي، والسل، الالتهابات المعوية والتهابات السحايا، والبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية وسوائل التعقيم، مشيرا الى عدة طرق لمعالجة المخلفات الطبية او التخلص منها تتمثل في التعقيم بالبخار، والتعقيم بالكيماويات، والتعقيم بالحرارة الجافة، وحول المتطلبات الخاصة بنقل المخلفات الطبية قال يجب ان تكون الشركة او الجهة المسئولة عن نقل المخلفات معترفاً بها ومسجلة، وان لايسمح لأية جهة التعامل مع نقل المخلفات الطبية والتخلص منها الا بعد استلامهم تصريحات خاصة تؤهلهم لذلك، واضاف «يجب الاهتمام بكل الافراد الذين لهم علاقة مباشرة مع جمع ونقل المخلفات الطبية، ويجب ان يؤخذ بالاجراءات والمواصفات والعلامات المعمول بها دولياً» وقال ان طرق التخلص النهائي من المخلفات الطبية تتمثل في: المحارق والردم والتعقيم الكيماوي والتصريف الى شبكة الصرف الصحي. واوصى في ورقته بدراسة مشكلة المخلفات الطبية بالمرفق الصحي قبل البدء في اي حلول، بمعرفة وتعيين انواع المخلفات، والتحكم في كمية المخلفات ومما تتكون منه واماكن انتاجها، ودراسة تكلفة كل الخيارات المتاحة، وتحديد الطريقة المثلى للتخلص من النفايات الطبية بدقة، وتزويد العاملين بمعولمات عن مخاطر المخلفات الطبية. وقال الدكتور عبد السلام ابراهيم بشير، كلية الطب جامعة الخرطوم: ان هناك انواعاً اخرى من النفايات تشكل خطرا على الصحة العامة عددها في: معامل المنشآت التعليمية في المدارس والجامعات، ومعامل التصوير الفتوغرافي وطباعة الافلام وماكينات الطباعة الورقية، ومعامل صناعة الجلود والبطاريات والاسمدة ومواد التجميل، ومعامل صناعة البترول والتعدين، وقال ان مسئولية معالجة قضية النفايات هي مسئولية جماعية ولكن المسئولية الاولى تقع على عاتق وزارة الصحة وتشاركها في المسئولية وزارة التعليم العالي والتعليم العام ووزارة الثقافة والصناعة، مشيرا الى ان «الطمي» يعد أحد وسائل التخلص من النفايات، ولكن مياه الشرب تمر عبره لذا يجب وضع معالجة مناسبة له، واضاف النفايات الطبية جزء منها اعضاء بشرية وهذه فيها جانب شرعي وبالتالي يجب ان تعامل معاملة أخرى ان تدفن بموجب الشرع، ودعا الى ضرورة التوعية والتعليم بخطورة النفايات والتدريب على التخلص منها وكيفية تصنيفها. من جهته قال الدكتور ميرغني تاج السر، المدير السابق لمعهد الدراسات بجامعة الخرطوم، ان عملية التخلص من النفايات عبر طريق «الردم» مهما عملت من تحوطات فإن آثارها تصل للمياه الجوفية وبالتالي تؤدي الى تأثيرات سالبة على الانسان، واضاف «كذلك وطريقة التخلص عبر «الحرق» تعود بالاثر السلبي المباشر على حياة الناس». واستعرض دكتور تاج السر، خطة عمل ادارة النفايات، وقال يجب ان تكون هناك رؤية وطنية شاملة لإدارة النفايات لأنها ليست طبية فقط، بل هناك نفايات أخرى، ولكنه اشار الى ان النفايات الطبية لها مخاطرها الخاصة، ودعا الى ان يكون هناك فريق عمل وطني للتعامل مع النفايات المختلفة وان يكون هناك رصد لها ولأنواعها وتصنيفها وطريقة نقلها وكيفية التخلص منها، واضاف «لا توجد لدينا تقديرات للنفايات بوضعها الراهن في السودان، مشيرا الى ضرورة تقييم الوضع الراهن للنفايات في السودان» واوصى في استعراضه بضرورة تشكيل فريق وطني يتناول محاور معالجة وحصر النفايات الطبية، وقال لايوجد مركز وطني للتدريب على إدارة النفايات، ودعا الى تأسيس الهيئة الوطنية لإدارة النفايات، وانشاء مركز للتدريب الوطني لإدارة النفايات. من ناحيته قال البروفيسور ابوبكر ابراهيم، المجلس الطبي، ان من أهم محاور العمل في مجال معالجة النفايات الطبية هو عملية جمعها وتخزينها والتخلص منها، مشيرا الى ان التخلص من النفايات يحتاج لدراسات اقتصادية بمختلف وسائل التخلص منها. وأشار الدكتور حسن عبد الرازق، مسئول الجودة بوزارة الصحة، الى ان النفايات الطبية لا تحتاج للمعالجة فقط، بل لإدارة آمنة، وقال ان اختلاط النفايات الخطرة بالعادية يجعل التعامل معها معاملة النفايات الخطرة، اضاف «لابد من تحديد مصدر انتاج النفايات، ويجب وضع برامج محددة تحدد الخطوات الصحيحة لمعالجة النفايات الخطرة في كل مؤسسة، ويجب ان يكون هناك دليل للاجراءات» وقال حسن لابد من تطبيق سياسات التخلص او التقليل من انتاج النفايات الخطرة، ودعا الى تحديد عمالة متخصصة ومدربة لنقل النفايات والتخلص منها. وقال عمر مصطفى عبد القادر، امين الصحة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، ان وزارة البيئة بالولاية هي الجهة المسئولة من ادارة عملية النفايات، واشار الى انه يوجد جهاز في ولاية الخرطوم لمعالجة النفايات لم يعمل منذ سنتين، واضاف «لدينا مكب نفايات بالولاية مجهز بأحدث ما توصلت إليه التقنيات الحديثة في هذا المجال». من ناحيتها قالت الاستاذة آسيا ازرق، مديرة ادارة الصحة البيئية بوزارة الصحة، ان الوزارة بدأت في تقييم الوضع الراهن للنفايات في المستشفيات بدعم من منظمة الصحة العالمية، كما بدأت الوزارة في تنفيذ برنامج التخلص من النفايات وتم تدريب الكوادر، وكذلك اجازة سياسات الرعاية الصحية، وان الوزارة عملت تحليلاً للوضع الراهن في كل من ولايات كسلا وجنوب كردفان والنيل الازرق، وقالت ان نتائج المسوحات التي اجريت على المستشفيات لتعرض للوخز بالإبر، سجلت نسب عالية بلغت (44 %) بمستشفى بحري، و(24 %) الصداقة ام درمان، و( 48 %) ام درمان للولادة، و(34 %) ابن سيناء، و(39 %) مستشفى ام درمان العلاجي. وشدد دكتور امير عبد الله خليل، رئيس مجلس ادارة مستشفى ام درمان، على ضرورة اعادة النظر في المستشفيات والعيادات داخل الاحياء السكنية، وقال ان معالجة نفايات المستشفيات تؤثر على مياه الشرب في الاحياء السكنية، ووصف عملية نقل مياه المستشفيات عبر العربات بأنها عملية نقل للامراض وتوزيعها في الشوارع. ودعت زينب عووضة من المجلس القومي للبيئة، الى ضرورة تدريس كورس المخلفات الطبية لكل من له علاقة بالعمل الصحي، ودعت الى توعية شرائح المجتمع بهذه النفايات الطبية.