قبل أن يجف حبر بيان الخارجية كانت الخرطوم توجه بطرد السفير الكيني بالخرطوم وتطلب منه مغادرة السودان خلال (72) ساعة، وقال الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السفير العبيد مروح فى تصريحات صحفية جديدة أمس أعقبت طرد السودان للسفير الكيني إنهم سحبوا السفير السوداني بنيروبي ولكنه لم يصل بعد للخرطوم، في المقابل شهدت القنوات الدبلوماسية حالة من الحراك الدائم بين الطرفين. حيث تردد أن نيروبي طلبت من الخرطوم التهدئة وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، والموافقة على استقبال مبعوث رئاسي كيني يصل البلاد لشرح الموقف الكيني خلال الأيام القادمة. استلام مذكرة تسلمت وزارة الخارجية أمس مذكرة من السفارة الكينية بالخرطوم أعرب فيها الرئيس الكيني مواي كيباكي عن رغبته في إرسال مبعوث رئاسي خاص للخرطوم الأسبوع المقبل لبحث تطورات الأوضاع بين البلدين على خلفية مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الكينية في حق رئيس الجمهورية. وقال الناطق الرسمي باسمها السفير العبيد مروح في تصريحات له إن المذكرة تطلب من السلطات المختصة في السودان إكمال ترتيبات الزيارة المرتقبة لافتاً إلى أن الخارجية أحالت المذكرة إلى رئاسة الجمهورية لتلقي التوجيهات بشأنها . في وقت فتح فيه المروح الباب أمام كل الاحتمالات لاحتواء الموقف خلال ال(72) ساعة القادمة فيما توقع أن تستجيب دول إفريقية أخرى لضغوطات مجموعة الضغط الدولية لتحذو حذو كينيا باستصدار قرار قضائي مماثل يقضي بتوقيف رئيس الجمهورية. وقال إن رد الفعل الأول للخارجية الكينية أوحى بأن الحكومة الكينية غير راغبة في تصعيد دبلوماسي بين البلدين، وبرر مروح تراجع الخارجية عن بيانها الذي صدر ظهر أمس الأول والذي ألحقته بإبلاغ السفير الكيني بمغادرة البلاد واستدعاء سفير السودان بنيروبي خلال (72)ساعة، برر بأن البيان قصد منه إرسال رسالة إيجابية للحكومة الكينية وفي المقابل انتظار رد فعل رسمي منها يتسم بالإيجابية. وأضاف "لكننا لم نتلقَ عبر الوسائل الدبلوماسية أو عبر وسائل الإعلام رد فعل على القرار أو على البيان " ومضى إلى أنه عقب ذلك تم عرض الموقف الخاص بالمحكمة الكينية على قيادات الدولة وعلى خلفية ذلك اتخذ قرار استبعاد السفير الكيني واستدعاء السفير السوداني بنيروبي، وجدد بأن تلك الخطوة هي خطوة احتجاج دبلوماسي ورسالة أقوى من الأولى ولا تعني بحال قطع العلاقات الدبلوماسية وأكد بأن السفارتين ستواصلان عملهما كالمعتاد ببقية الاصطاف ما لم يحدث تطور جديد. في المقابل يرى مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا د.محمد حسين الركابي أن الحكومة السودانية لا يمكن لها أن تسكت مهما حدث خاصة وأن أثر المذكرة كبير ويمس رئاسة الدولة ورمز سيادة البلد وهو نتيجة لأمر سياسي وغير قانوني، غير أنه عاد وأضاف فى حديثه ل(السوداني): إن المساعي الدبلوماسية قد تؤتي أكلها، وقد تعيد الحكومة الكينية حساباتها وتعود العلاقات من جديد، وتساءل الركابي قائلاً: ما الجديد في الأمر ولماذا صدرت المذكرة الآن علماً بأن الرئيس زار كينيا أكثر من مرة بالرغم من قرار المحكمة الجنائية الدولية وعضوية كينيا في المحكمة، عازياً الأمر لضغوطات تعرضت لها كينيا وقال هناك ضغوط على المحكمة بأن تصدر هذا القرار والحكومة الكينية صمتت عن ذلك. غير أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن القيادة الكينية شعرت بالفعل بحرج بالغ بعد قرار المحكمة وسعت لتدارك الأمر، وأنه في هذه الأثناء تجري اتصالات بين نيروبي والخرطوم لتخفيف حدة الأزمة، بين البلدين اللذين لم يعودا جارين بعد انفصال الجنوب، ولكن في المقابل فإن هناك العديد من المصالح المشتركة بينهما، وبين هذا وذاك ستكشف الأيام وحدها مدى نجاح تلك المساعي فى تقريب شقة الخلاف. طلب كيني في المقابل قالت وزارة الخارجية إن قرار المحكمة الكينية بشأن الرئيس البشير يعتبر ترجمة لمجهودات محمومة ظلت تقوم بها مجموعة من الناشطين، حاولوا من قبل إقناع الحكومة الكينية والضغط عليها لاستصدار قرار سياسي وعندما باء مسعاهم بالفشل لجأوا لخيار الحكم القضائي. ويأتي القرار، إثر طلب تقدم به الفرع الكيني للجنة الدولية للمشرعين، ومفاده أن كينيا التي وقعت المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية، مرغمة على توقيف البشير، وهو ما لم يحصل خلال زيارة قام بها الرئيس السوداني في أواخر أغسطس 2010 إلى نيروبي. درء فشل وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية السودانية إن هنالك علاقة وثيقة بين هذه الخطوة وبين النجاحات التي حققتها زيارات رئيس الجمهورية الخارجية وأنها تأتي كمحاولة للحد من تلك النجاحات. وأضاف أنه من الواضح أن خطوة المحكمة الكينية ذات صلة بإخفاقات مدعي المحكمة الجنائية الدولية الأخيرة، حيث فشل في إقناع الدول الأعضاء في ميثاق روما بتنفيذ طلباته باعتقال الرئيس البشير حيث كانت زيارة ملاوي آخر نماذج ذلك الفشل، بجانب فشله في إقناع القيادة الليبية بتسليم رموز نظام القذافي، وحاول مدعي المحكمة الجنائية تبرير فشله بالقول أنه ما دامت ستتشكل حكومة في ليبيا فليس لديه مانع من محاكمتهم داخل ليبيا. وأشار البيان إلى أن المدعي العام اعترف بنفسه في مؤتمر القانون الدولي مؤخراً بأن المحكمة تعمل على أسس سياسية وأن إحالة ملف السودان بواسطة مجلس الأمن هو إجراء سياسي بالدرجة الأولى. ومضى بيان الخارجية وقال (نعتقد أن الأمر يتصل بتداعيات الخلاف الداخلي في كينيا حول مستقبل التعامل مع المحكمة الجنائية بأكثر من اتصاله بالأوضاع في السودان، وهذه الخطوة لن تؤثر على علاقات السودان مع كينيا وهو قرار قابل للاستئناف وشأن داخلي تحكمه العلاقة بين الجهاز التنفيذي والسلطات القضائية في كينيا) . قرار وصرح قاضي المحكمة العليا الكينية، نيكولاس أومبيغا، أن "المحكمة تصدر بناء عليه مذكرة توقيف بحق عمر البشير. ويعود إلى المدعي العام ووزير الأمن الداخلي إصدار قرارات التوقيف في حال عاد البشير إلى كينيا". وكان الفرع الكيني للجنة الدولية للمشرعين ندد في طلبه الذي قدمه خلال العام 2010، بقدوم البشير في أواخر أغسطس 2010 إلى كينيا لحضور مراسم إعلان الدستور الجديد. ولم تقم السلطات بتوقيفه آنذاك مما آثار انتقادات عدة من قبل الأسرة الدولية. أثر المذكرة وكان البشير زار نيروبي مع عدد من زعماء المنطقة لحضور مراسم التوقيع على دستور كينيا الجديد. وقال وزير الخارجية الكيني موزيس ويتانغولا إن البشير زار نيروبي «لاننا دعونا كل الجيران وهو جار لنا»، ممتنعاً عن تقديم أي اعتذار. وأضاف «لن نعبر عن أي اعتذارات بشأن أي شخص ندعوه لأنني واثق بأننا نعزز بذلك السلام والأمن والاستقرار في المنطقة أكثر من أي شىء آخر». وقال وقتها وزير الخارجية الكيني موزيس ويتانجولا في تصريحات صحفية بعد انتقادات لنيروبي بعد رفضها الانصياع لطلبات المحكمة: " إنه موجود هنا بناء على دعوة منا إلى كل جيراننا و(دول) جنوب القارة لحضور لحظة تاريخية بالنسبة لكينيا. إنه ضيف على الدولة. والمرء لا يؤذي ضيفه أو يحرجه. ليس هذا من قيم أفريقيا”. ويقول الخبير القانوني الدكتور إسماعيل الحاج موسى في حديثه ل (السوداني) ، لا أستطيع أن اتفهم الدواعي لهذا القرار لأن المحكمة كانت موجودة منذ قرابة العامين عندما وجهت كينيا الدعوة للرئيس البشير لحضور الاحتفال بالدستور، وقتها قامت الدنيا ولم تقعد من أمريكا ودول أخرى لكن كينيا أصرت على موقفها مع أنها خلاف السودان موقعة على نظام روما ولكنها أصرت على استقبال الرئيس البشير. وأضاف بعدها مباشرة نظم البرلمان الكيني ورشة عمل حول، كيف يمكن للأفارقة مواجهة جموح المحكمة الجنائية الدولية، وكينيا وقتها كانت تقود هذا الاتجاه، وقلل الحاج موسى من أثر المذكرة الكينية الصادرة بحق توقيف الرئيس البشير، وقال لا أثر لهذه المذكرة وحتى المذكرة التي أصدرت من المحكمة الجنائية الدولية لا أثر لها حيث سافر الرئيس البشير إلى الصين، وتشاد وغيرهما من الدول. وحول دلالة توقيت صدور المذكرة يوضح الحاج موسى بأنه لا معنى لها وقال لا معنى لها من حيث التوقيت ولا المعنى خاصة وأن الوضع في دارفور يتجه إلى أحسن. ويرى الحاج موسى بأن المذكرة لا تستحق رد فعل كبير من الحكومة. وأضاف "ممكن ناطق رسمى للحزب أو الدولة يعبر عن استهجانة لهذا القرار غير المدروس وغير المبرر، وفيه تضارب مع الدولة الكينية التي وجهت الدعوة للرئيس البشير رغم قرار المحكمة الجنائية الدولية". غير أن الخبير القانوني الأستاذ نبيل أديب قال "من الطبيعي أن تصدر هذه المذكرة طالما أن هناك مذكرة من المحكمة الجنائية، وطالما الدولة الكينية هي عضو في المحكمة الجنائية الدولية يكون قرار المحكمة واجب النفاذ". ويقول أديب في حديث ل (السوداني) إن إصدار مذكرة بتوقيف الرئيس يعقد العلاقة بين الدولتين. وأضاف لكن بالنسبة لكينيا ليس لها القدرة للتغيير ما دام القضاء هو من أصدر القرار، خاصة وأن القضاء مستقل. وزاد قائلا يبدو أن الحكومة لم تصدر هذا الأمر وهي قد استقبلت الرئيس البشير من قبل، وإذا تم ذلك فإن الرئيس لن يذهب إلى كينيا. ويرى أديب أنه كان من المفروض أن يرسل السودان محامين ويوضح بيانه، لكن السودان وقف بعيداً وترك الأمر من غير دفاع، وقال هذه المسألة ستستمر طالما هناك أمر قبض إلا إذا وصل السودان إلى شيء سياسي مع مجلس الأمن لأنه هو من أحال القضية إلى المحكمة الجنائية. وأضاف لذلك لا يمكن أن تضمن أي دولة يمكن أن تنفذ أو لا. وأشار إلى أن آخر زيارة للرئيس البشير للصين كان هناك لغط بتغيير مسار الطائرة. وقطع أديب بأنه لا يمكن أن يتوقف هذا الأمر إلا بحدوث تسوية مع مجلس الأمن. مواقف سابقة وكانت كينيا قد رفضت تلبية طلب المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير أثناء زيارته على لسان عدد من مسؤوليها، وقال المتحدث باسم الحكومة الكينية الفريد موتوا إنه “لا يوجد مبرر لأن تعتقل أي دولة، بما في ذلك كينيا زعيم دولة أخرى لأن ذلك بمثابة إعلان حرب على الدولة المجاورة”. وشدد المتحدث على أنه “إذا قرر الرئيس البشير زيارة كينيا أو أن يحل ضيفاً رسمياً علينا فلن نعتقله ولن نتمكن من ذلك، لأنه عمل يجافي الأعراف الدبلوماسية، وعلى المحكمة البحث عن سبيل آخر للعثور عليه إذا أرادت اعتقاله”. وقال إن بلاده “لن تلبي طلب المحكمة بعد أن طلبت نقل مكان انعقاد المؤتمر إلى أديس أبابا لأسباب عديدة لا بسبب الضغوط التي فرضت عليها”. الأمر الذي آثار وقتها استياء في المحكمة، حيث عبرت المحكمة الجنائية الدولية عن استيائها للقرار الكيني مؤكدة على ضرورة “التزام كينيا بالقانون الدولي”.