مجرد (مداعبه) بريئة قادتني لأكثر موقف محرج في حياتي، وهي محاولتي قراءة فنجان قهوة لجارتنا، بعد أن حملت فنجانها الخالي ونظرت اليه جيداً وقلت لها على سبيل المزاح: (والله يا خالة بتول..جاياك قروش كتيرة خلاص)..لتضحك طويلاً قبل أن ترفع يديها للسماء وتقول (آمين)..وتنتهي القصة..أو انني كنت اظن كذلك..! في صباح اليوم التالي استيقظت على طرقات عنيفة صادرة من باب منزلنا، فنهضت بسرعة وقمت بفتح الباب لأتفاجأ بجارتنا (بتول) وهي تطلق زغرودة عالية في وجهي تطايرت معها عصافير النوم التى كانت تأمل في معاودة الخمول مرة أخرى، ولدقائق صرت اتطلع ل(بتول) ومن خلفها (حنان) و(السارة) قبل أن اسألهن بصوت واهن: (في شنو يااخوانا...النجح ليكم منو؟؟)..ولكن لدهشتي صاحت (بتول) في غبطة: (النجحت انتا يا ولدي..أجي.. يايمة انت ولدي واعقر عليك.)..لم افهم ما قالته (بتول) بقدر ما كنت مهتماً لأهم سر ذلك الاقتحام (الزغاريدي)، لتنبري لي (السارة) وهي تصيح: (امس انت مش قلت لبتول جاياك قروش كتيرة وقريت ليها الفنجان بتاع القهوة حقها.؟)..عقدت حاجبيّ وانا احاول أن اتذكر، ولكن (حنان) دخلت في الخط وقالت وهي تهز رأسها في سرور: (اها..القلتو حصل..وبتول الليلة الصباح جاتا 5 مليار عدييييل)..حاولت أن افهم اكثر..ولكن تلكم النساء لم يمنحنني الفرصة للفهم، فقد اقتحمن المنزل وجلسن مع والدتي يحكين لها عن معجزة ابنها..(اللي هو انا)..!! ثلاثة ايام بلياليها والحلة تتعامل معي على انني معجزة تستحق الاحترام، الكل يناديني ب(الساحر)، وصالون منزلنا امتلأ عن آخره بنساء الحي، كل منهن تحمل فنجانها وتطلب مني أن اقوم بقراءته لها، أسوة ب(بتول) التى ربحت (5) مليارات فجأة، بعد أن طلعت لها (ورثة) في سقط لقط...وما زاد الطين بله، انني حاولت أن اشرح للجميع أن ما حدث كان مجرد مصادفة، لذلك حملت اقرب فنجان امامي وقلت بصوت عال: (غايتو صاحبة الفنجان دي حيدخلوها السجن)..لتندلع داخل الصالون موجة من النحيب والعويل، بينما نهضت بعض النسوة واحطن ب(عشة الدلالية) في مواساة..فهي صاحبة الفنجان..وهي التى تنبأت لها بالسجن..لتزيد الامور سوءاً..بعد أن فسرت بعض النسوة حديثي ضمن الواقعية، خصوصاً أن (عشة) اعترفت في وقت سابق لبعض النساء انها (مديونة)، ويمكن أن تدخل السجن..(وجيت انا الفالح اكحلا...عميتا). ولا اكذب عليكم أن حياتي تحولت للنقيض تماماً، ففي كل صباح اصحو أجد (بني آدم) يحمل فنجانه وينتظرني حتى اقوم بقراءته له، حتى أن شهرتي ازدادت واتسعت، واصبحت (فكي عديييييل) يبحث عنه نجوم المجتمع للأخذ برأيه والتنبؤ لهم بما سيحدث..!!! وظل هاتفي لا يتوقف عن الرنين.. طلبات، حوارات صحفية.. وطلبات للاستضافة في القنوات الفضائية..وطلبات لزيارة بعض دول العالم لتبادل الخبرات والثقافات.!...حتى انني كدت أن اصدق انني (فكي). شربكة أخيرة: بعد مرور شهر على الموضوع، تفاجأت ذات صباح برجل غريب الملامح، جلس الي جانبي وقال لي في هدوء: (انت يا زول داير تصل لي شنو؟)..لم افهم حديثه وقبل أن اسأله، عرفني بنفسه قائلاً:(انا زميل)..وقبل أن اعترض على عبارة (زميل) تلك، فهمت انه (فكي) بأحد (الحلل المجاورة)، وجاء يطلب التنسيق ما بيننا في الزبائن..وحتى في طرق العمل..اما اذا رفضت طلبه فهو لن يتوانى في تحويلي ل(كديسة)..وبيني وبينكم (كديسة) دي كانت حاااارة علي..عشان كدا اعلنت اعتزال المهنة.. ويادار ما دخلتك (كديسه).!!