واقعية بلا ضفاف علي عبدالله محمد علي تشكيلي ومصمم فني هي زفرة بامتداد هذه الآهة.. بعد أن جف الدمع على سواحل رصيدك الحافل من الإرث التشكيلي الإنساني الفني الراقي، على ضفاف واقعية بلا ضفاف. واقعية جسدت فيها بالفرشاة واللون، بالخزف والحجر، بالتصوير الفوتوغرافي وبأصعب صنوف حرفيته- الأبيض والأسود- حيث تختبر الموهبة والمهارة والرصد الدقيق، والإحساس المرهف للتعامل مع، ومن خلال الضوء والظل وما هو أبعد من ذلك. البعد الزمني الإنساني للتوثيق لِلَحظة، يتجمد فيها الزمن.. من خلال عين المصور الراصدة- صورة فوتوغرافية تحرك فيك الوجدان و فينا مسرى الوجد، سجلاً حافلاً لتأريخ تلك اللحظة كنزاً للذكرى والتاريخ - صورة تختتم بها حفل قران، أو تسجل بها لحظة أحبك يا صغيري لعيد ميلاد، أو بورتريه لوجه والد فقدناه وما زلنا نتذكرة متصدرا وسط الحائط في الصالون، بفعل آلة التصوير تلك، ومن يقف خلف آلة التصوير تلك، والكثير من الصور والمناسبات، وصورتك تتصدر كل تلك الصور في قلوبنا حباً لك.. أبا الحسن، استدعاء للذاكرة، إستدعاء لاستديو العظمة في حي العظمة لواقعية أنت صاحبها. واقعية بلا ضفاف... أبو الحسن فنان شامل، تشكيلي مُلهَم، يستلهم أنماط الحياة المتحركة حوله فيغوص في جزيئياتها، ويرصد ما لا يراه غيره، فيعكسه لوحات تسجل بل تؤرخ للتراث (مُدوَنَة أسميتها مدونة أبو الحسن التشكيلية) فهي بالفعل التشكيلي تفتح كتاب التاريخ على مصراعيه لتدون عبق اللحظة التشكيلية المذهلة التي يسجلها كملون راصد بارع ذي ذاكرة تصويرية تسجل أدق التفاصيل، بالخط واللون في الحركة والسكون، وبالسحر الآسر الذي تعكسه لوحاته بصدقها وعفويتها وألوانها وتلوينها البارع، والبراعة إتقان يسمى الأستاذية، يا أستاذ أبو الحسن.. أبو الحسن، نحات بارع يسبر غور الكتلة أياً كانت خامتها فيعمل فيها بأدواته فإذا بها منحوتة تشكلت بأحاسيسه ورؤيته لجماليات هذا الكون الذي ندور في فلكه فتتحرك فيزياء المشاعر وكيمياء التكوين وشفافية الرؤيا، لتحكي لنا حكاية كان ياما كان، متجددة بتجدد الزمن معنا وحولنا وبنا، وبالأنموذج الذي وهبنا إياه. أبو الحسن، محب حتى النخاع. أحب الشرق دون انتظار لعطاء. وهذا شأن المحبين. ومن يقدر المحبين المخلصين يرد لهم هذا الجميل حباً بحب. وأقله أن يهبه الشرق مرسماً باسمه يجتمع فيه فنانو الشرق لمزيد من العطاء امتدداً لهذه السيرة الحافلة بالبذل والعطاء. وأن يفتتح هذا المرسم بقسم دائم، تعرض فيه لوحاته ومنحوتاته ومقتنياته بصورة دائمة. وإن كان هذا غير متيسر التنفيذ حالياً فقاعة من قاعات رئاسة الولاية تسمى باسمه تعطيه حقه حالياً إلا كثيراً. آهٍ أبا الحسن، فمثلك من التشكيليين المبدعين الذين أنجبتهم هذه الأرض الولود المعطاءة هنا منسيون والكثير لا يعرفونهم لأنهم ليسوا نجوم تلفزيون أو متلهفي أضواء، بعضهم يدفن ويدفن إبداعه معه، وبعضهم يتلألأ نجمه حينما يغادر إلى خارج الوطن، وبعضهم تخدمه الصدفة، وبعضهم يموت متحسراً متألماً له ولغيره، لرهافة في الحس، وعفة في القلب، آهٍ أبا الحسن آه.