تمهيد: في البدء أود أن أشكر أسرة تحرير "صحيفة السوداني" لإتاحتها لي الفرصة لكي أطل عبر صفحاتها مطلقاً هذه النيران. كما أحب أن أنوه إلى أن النيران التي ستنطلق من هذا العمود لا تهدف لاصابة أهدافها إصابات قاتلة، كما قد يتبادر إلى الذهن، فالرصاصات المستخدمة (مطاطية) مقصود بها تنبيه هذه الأهداف ورفع حاسة الاستشعار عندها لتفادي المخاطر. كما أشير إلى أن الأسلحة المستخدمة هنا متنوعة، فهناك ما يمكن أن نسميه (أخطاء مطبعية) مجازاً، حيث أنها أخطاء "مقصودة" تغير المعنى لآخر قد يكون أقرب إلى الحقيقة، وهناك "الموضوعات القصيرة"، "الصور المقلوبة"، "تفسير الأحلام" وغيرها من الأسلحة النارية التي أتمنى أن تصيب أهدافها بدقة. (1) خطأ مطبعي - رغم اختلاف الآراء إلا أن حزب المؤتمر الوطني ما زال يصر على التزامه "بتنفيس" جميع الاتفاقيات التي وقعها مع الأحزاب الأخرى. - رغم مضي ثلاثة أسابيع لم ينجح اتحاد الكرة حتى الآن في التعاقد مع قناة فضائية لنقل "مرافسات" الدوري السوداني. - في كل مرة نسمع تصريحا من مسئول كبير بسعي الحكومة الجاد "لتحزين" أوضاع الشعب المعيشية. صور مقلوبة: يريد الرجل من المرأة أن يكون هو أول من تحب، بينما تريد المرأة من الرجل أن تكون هي آخر من يحب. الرجل الناجح هو الذي يكسب أكثر مما تنفق زوجته. والمرأة الناجحة هي التي تجد هذا الزوج. وراء كل عظيم إمرأة .. ووراء كل ساقطة رجل. أسماء الأصوات ومصادرها: حفيف الشجر صهيل الفرس خوار الثور خرير المياه جعجعة الرجال ونقة النساء. أقوال مأثورة تقول العرب ثلاثة أشياء لا وجود لها إلا في الخيال وهي: الغول والعنقاء والخل الوفي. ونحن نقول ثلاثة أشياء متوفرة بالسودان وهي: الفول والعنساء والحزب الوصي. (2) مكافأة الفساد طلبت وزارة العدل من شاغلي الوظائف القيادية بالدولة ملء استمارة "إقرار ذمة"، وكما يعلم الجميع أن هناك مسئولون تقلدوا وظائف قيادية لفتر طويلة وآخرون لم تزد فترة تمتعهم بمناصبهم عن بضعة أشهر، لذلك أرى أنه من العدل أن تعطي وزارة العدل المسئولين الجدد "فترة سماح" قبل أن تطالبهم بملء هذه الاستمارة. ولكن، ولأن المسئول عندما يتقلد المنصب القيادي يجد أن أخذ المال العام أسهل مما يتوقع، وحتى لا نتجنى عليه ونفتح أمامه باب الفساد على مصراعيه كما كان في الجمهورية الأولى، أرى أن يملأ المسئول الجديد "استمارة الأحلام"، وهي استمارة توضح ما يتمنى أن يقتنيه في فترة السماح. وبذلك نكون قد وضعنا حداً لفساده. وحق علينا عندئذ أن نسمي الجمهورية الثانية بجمهورية "مكافحة الفساد"، أما الأولى فأرى أنها كانت جمهورية "مكافأة الفساد"، حيث سادت فيها سياسة "فقه السترة" وعملية نقل المفسد لمكان آخر أكثر فساداً لكي يتوه فساده وسط فساد الآخرين. مقابل العمل بمقترحي هذا أطالب الحكومة السنية بمنصب قيادي وفترة سماح لا تتعدى أسبوعا واحدا، بشرط أن تكون بدون ملء "استمارة الأحلام"، وبعد داك خلوها مستورة. وإن شاء الله تقولوا علىّ مسئول ماسورة. (3) جلابية حماد أستطيع أن أجزم بأن كل الشعب السوداني، عدا مسئولي الحكومة والمؤتمر الوطني طبعاً، يرى أن (الحكومات) السابقة فاشلة. وأهم أسباب فشلها هو الغياب التام للتنسيق بين الوزارات والمؤسسات والهيئات المختلفة التابعة للدولة. وذلك لعدم وجود استراتيجية أو خطة عامة ليسير على هديها المسئولون. فالواضح أن أية جهة تنفذ كما يحلو لها، وبدون شفافية ودون أن تطلع أية جهة أخرى على ما تعمل، أو على ما تقوم به من سياطة. وهذا يذكرني بقصة "جلابية" حماد. فيحكى أن حماد ولد وحيد وسط ستة بنات. وفي يوم "وقفة" العيد أحضر "جلابيته" من الترزي، إلا أنه اكتشف أنها طويلة. فطلب من أخواته، أن يقصرنها له. إلا أن كل واحدة منهن كانت تعتذر له بحجة أنها مشغولة. فالأولى مشغولة بنظافة المنزل، والثانية بتركيب الستائر والثالثة بنظافة الأثاث ... وهكذا. فيئس حماد واقتنع بأن يلبس "جلابيته" بحالها، فذهب ونام. إلا أن كل واحدة من أخواته الست كانت عندما تنتهي من مهمتها تتذكر "جلابية" حماد، فيرق قلبها لحاله فتقوم بتقصيرها دون أن تخبر أخواتها بذلك. وفي صباح العيد عندما لبس حماد "جلابيته" لم تتدلى عن ركبتيه، فقد صارت "عراقي" مشوه. الآن، وبفعل الحكومات السابقة، صار السودان "عراقي" مشوه. لا نتعشم في أن تطيل لنا الحكومة الحالية "العراقي" ليعود جلباباً كما كان، ولكن نتمنى أن تزيل عنه التشوه وتحافظ لنا على طوله الحالي، فإننا نخاف أن تتكشف عوراتنا. (4) حليب بالماء كتب محرر في جريدة محلية دون أن يذكر اسمه خبراً يقول: "اشتريت بالأمس كرتونة حليب مبستر خاص بإحدى الشركات، ولما ذهبت للمنزل وجدته مخلوطا بما يعادل ستة أرطال ماء.. فإذا لم ترسل لي هذه الشركة ستة أرطال حليب على عنوان هذه الجريدة خلال ثلاثة أيام فإنني سوف أعلن اسمها بالجريدة لكي يعرف الجميع حقيقة بضاعتها. وما إن وزعت الجريدة بالسوق حتى بعثت إليه خمس شركات بثلاثين رطلا من الحليب، وكل واحدة منهن تظن أنها هي الشركة المقصودة. ترى ماذا سيحدث إذا بعث الحزب الحاكم خطاباً لمجلس الوزارء يقول فيه :" هناك وزارة بلغ فيها الفساد درجة لا يمكن السكوت عليها. فعلى وزير هذه الوزارة تقديم استقالته حالاً، وإلا سيتم إقالته ومحاسبته". أتوقع أن يتقدم معظم الوزراء باستقالاتهم، وكل واحد منهم يظن أنه هو الوزير المعني. ( 5) خدمة إلزامية للدستوريين من مساوئ الإنقاذ أنها أحيت القبلية والجهوية وعمقتها في المجتمع السوداني، وقد اضطرها ذلك لأن تعمل على إرضاء كثير من القبائل السودانية بتعيين أفراد من هذه القبائل في وظائف دستورية، مما زاد عدد الدستوريين بدرجة لم يسبق لها مثيل. وصاروا يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع، ومن أجل إراحتهم بالكامل، أقترح بأن يتم تأسيس جامعة تسمى "جامعة الدستوريين" أسوة بجامعة المغتربين لتعليم أبنائهم فيها، وكذلك تأسيس جهاز لخدمتهم يسمى "جهاز شؤون الدستوريين المرتاحين بالداخل". إلا أن ما يحزنني كثيراً هو عدم استفادة الدولة من كثير من هؤلاء الدستوريين الذين نعلم تماماً أن معظمهم بدون مهام. لذلك أقترح أن تكون هناك خدمة إلزامية لمدة ساعتين في اليوم لكل "دستوري" يؤدي فيها العمل الذي كان يقوم به من قبل.