جيل المستقبل المنتظر لبناء الوطن بعد التسلح بالعلم والمعرفة يتخرج معظمه من الجامعات بلا عقل، البرلمان يطلب من وزارة الداخلية دراسة أعدتها في وقت سابق حول تفشي المخدرات بالجامعات، يعني الحكاية أصبحت ظاهرة في كل جامعات السودان وبلا استثناء.. يعني كل ما يرجع طلاب العلم من الجامعات فعلى الأسر أن تتحسس دواليب أبنائها وتبعثر في كتبهم الجامعية واشيائهم الخاصة للبحث عن سيجارة حشيش أو أي نوع آخر من أنواع المخدرات. *وزارة الداخلية وبحسب لجنة التعليم بالبرلمان حصرت نسبة المتعاطين بالجامعات يعني اكملت الدراسة ووضعت الملفات إلى أن ظهر المجلس الوطني بعد أن سمع بها يطلبها ليعقد حولها مؤتمرا عاما، يعني أن المشكلة بعد أن تحولت إلى ظاهرة وزادت حدة تفاقمها يبحث لها عن مؤتمر.. والخوف كله إذا انتهت مخارج المؤتمر إلى توصيات لتقبع التوصيات وقبلها الدراسة التي قادت إلى المؤتمر مجرد ملف داخل البرلمان لتطلبه جهة ثالثة ترغب في التقصي أو الدراسة للمرة الألف. أفرغت الجامعات من محتواها الثقافي والاجتماعي والسياسي بحجة ان الجامعات لقاعات الدرس وليس للعمل السياسي، فماتت الروابط الثقافية والجمعيات الأدبية والاجتماعية، ودخل دور التأهيل التربوي وحتي الأكاديمي غرفة الانعاش.. لماذا؟ لمحاربة العنف الطلابي أو هكذا خيل لهم.. لم يجد طلاب الجامعات أمامهم من حل لملء الفراغ الذهني والوجداني غير هذا الاتجاه إتجاه التعاطي والاتجار في المخدرات.. كان أركان النقاش السياسي على عهد جيلنا تجبر الطالب ان يذهب ويقرأ عن تكوين الأحزاب والتيارات السياسية التي يتحدث بأسمها من يقودون هذه الأركان ويتناقشون ويحتدون مع بعضهم والتعارك أو ما أصطلح على تسميته مؤخراً بالعنف الطلابي.. كان البحث عن أفكار ومرجعيات هؤلاء هي في حد ذاتها غذاء عقلي للطالب وبدلاً من تنمية هذه الظواهر مع مكافحة العنف الطلابي أختصر الطريق وتمت محاربة كل ما له علاقة بالخلاف والاختلاف الفكري تحت اسم مكافحة العنف الطلابي.. أما الجامعات الخاصة فلوائحها تمنع تماماً قيام أية جمعية أو ممارسة أي نشاط. وبالمناسبة كل الأسماء الكبيرة الموجودة الآن في الحياة السياسية والفكرية خرجت من رحم أركان نقاش الجامعات وتغذت من جمعياتها الثقافية ومكتباتها وبمناسبة مكتبات الجامعات ورغم أن عدد الطلاب لم يكن يمثل 1% من مجموع اعداد اليوم إلا أنه كان من المستحيل ان تجد مقعدا فارغا وإذا لم تحجز مكانك باغراض لن تجده إذا ذهبت لمحاضرة أو حتى لتناول الوجبة.. هل أبناؤنا الآن بالجامعات يدخلون المكتبات أو يطلعون على أمهات الكتب للبحث أو إرواء الذهن؟ كيف لا يبحثون عن التعويض في مواقع أخرى حتى تضطر وزارة الداخلية للبحث عن المشكلة وعن الآثار السالبة؟. قبل إنتشار ظاهرة منظمات المجتمع المدني التي تقف الآن مكتوفة الأيدي رغم ما يتلقاه معظمها من تمويل مجهول الهوية كانت الجامعات وعبر الجمعيات العاملة في الأنشطة الإنسانية والبحثية كانت هي التى تقوم بدراسة الظواهر السالبة في المجتمع ظواهر لم يكن من بينها تفشي المخدرات، لان كلمة التعاطي نفسها كانت تستخدم فقط للمدخنين أو متعاطي التمباك، كانت هذه الجمعيات تنسق مع الشرطة والرعاية الاجتماعية وغيرها من الأجهزة يمدها الطلاب بالبحوث والدراسات وتقوم هي بالمعالجة.. كنا مجموعة من الطلاب كونا جمعية حماية المشردين، كنا نقوم بالبحث والدراسة لظاهرة تشرد الأطفال التى أصبحت وقتها ظاهرة كانت الجمعية على علاقة بالرعاية الاجتماعية حيث قدمنا مجموعة من الدراسات العلمية.. الجامعات كانت خلية نحل من النشاط الثقافي والاجتماعي كان الطلاب بروابطهم خاصة ذات العلاقة بالروابط الجغرافية أكثر تحركاً خارج الخرطوم لا تمر ساعة إلا وهناك قافلة صحية أو ثقافية متحركة لأحد اقاليم السودان، القوافل الصحية كانت تشكل أهمية كبيرة جداً حيث تقدم خدمات صحية وعلاجية مجانية.. كل ذلك إندثر أو شبه إندثر بسبب التخوفات السياسية تجاه دور الجامعات في الحياة العامة. أرجو الا يقف البرلمان عند المؤتمر المزمع عقده لابد من دور كبير للدولة.. الدولة في كافة أجهزتها الشرطية والأمنية والعدلية والبحثية والعلاجية ويا وزارة الرعاية الاجتماعية عووووووووك..