تفاصيل ماحدث..!! إعداد: أحمد دقش كان رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت يجلس على كرسي وثير في انتظار دوره لمخاطبة قادة الجيش الشعبي، وقد سبقه بالحديث كل من وزير السلام بحكومته باقان أموم، ونائب رئيس الحكومة د.رياك مشار وقد تحدثا بروح إيجابية عن العلاقات مع السودان وبشرا قادة الجيش باتفاق الحريات الأربع، واسترسل أموم في تفاصيل الاتفاق، وبمجرد أن صعد سلفاكير للمنصة الرئيسية لمخاطبة قادة الجيش تهامست أصوات من كبار قادة الجيش الشعبي ترفض الاتفاق وتهاجم موقعيه، بحجة أن الحكومة في السودان تدعم بعض فصائل النوير وأنها تضرب الجنوب بالطائرات. ما هي إلا لحظات وتمرر ورقة صغيرة من قائد كبير بالجيش الشعبي إلى سلفاكير أثناء حديثه، ليتوقف لحظات لقرائتها ويتحول في مسار حديثه مباشرة والإعلان عن عن دخول الجيش الشعبي لدولة جنوب السودان لمنطقة هجليج، وفي اتجاه آخر أصدر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد بياناً أكد فيه صد القوات المسلحة لقوات الجيش الشعبي وحركة العدل والمساواة وحرمانهم من تحقيق أهدافهم في احتلال منطقة هجليج، وقالت القوات المسلحة انه وفي تمام الساعة الثامنة صباحاً دخلت قوة محدودة إلى داخل حدود السودان وطلبت مقابلة قائد الموقع الدفاعي في محطة التشوين التي يوجد بها عدد من العمال في محطة الكهرباء على الحدود بحجة التفاهم حول مزاعم نوايا سودانية في التوغل داخل أراضيه وأضاف "عند تحرك قائد الموقع لمقابلتهم انسحبت القوة وعادت في الساعة الثانية ظهراً بقوة كتيبتين من الجيش الشعبي وهاجمت محطة التشوين حيث قاتلت القوات المسلحة ببسالة ثم تراجعت بعدها لموقع الشهيد الفاضل في الخلف والذي يبعد عن الحدود الدولية مسافة عشرة كيلومترات، كما قال بيان القوات المسلحة إن الهجوم تم عبر محورين وأضاف "تمكنت القوات المسلحة من تدمير عدد دبابتين ت 55 وست عربات مسلحة بدوشكات ورباعي ومدافع ب10 وراجمة 1.7"، وقال إن القوات المسلحة قتلت منهم أعداداً كبيرة غالبيتهم من ضباط وجنود الجيش الشعبي لدولة جنوب السودان مما ادى إلى انسحابهم مهزومين مدحورين في اتجاه الجنوب. تعليق زيارة الهجوم الذي نفذته قوات الجيش الشعبي التابعة لدولة جنوب السودان سيفتح الباب واسعاً للنزاع بين الدولتين وربما يعيد العلاقات بينهما إلى زانة التصعيد خلال الايام المقبلة، وفي الاتجاه المقابل اعلنت الحكومة على لسان نائب رئيس الجمهورية د.الحاج آدم يوسف عن تعليق زيارة الرئيس البشير إلى جوبا، والتي كانت مقررا لها الثالث من أبريل المقبل، وقال نائب الرئيس إن كافة الاتفاقيات المبرمة مع الجنوب تصبح بلا قيمة حتى تبسط القوات المسلحة سيطرتها على الارض بجنوب كردفان وتطرد المعتدين تماماً، فيما أعلن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير عن تشكيل لجنة عليا للتعبئة والاستنفار. وحدد الرئيس البشير من خلال القرار اختصاصات اللجنة المتمثلة في وضع الترتيبات اللازمة لما أسماه ب(نفرة الردع الكبرى) وتهيئة المعسكرات لإعداد المجاهدين بجانب أي مهام أخرى لازمة لتحقيق أغراضها. تعبئة واستنفار وبالنظر لتكوين لجنة التعبئة والاستنفار التي شكلها رئيس الجمهورية والتي يرأسها النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، بجانب تعيين وزير الدفاع الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين رئيساً مناوباً، وعضوية كل من وزير الداخلية ابراهيم محمود حامد، ووزير التعاون الدولي اشراقة سيد محمود، ووزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود عبد الرسول، ووزير الرعاية والضمان الاجتماعي أميرة الفاضل، والمدير العام لجهاز الأمن الوطني الفريق اول محمد عطا المولى وآخرين، من الواضح من تشكيل تلك اللجنة أن الحكومة تلقي بكامل ثقلها لمواجهة دولة الجنوب والحركات المتمردة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور، فيما قالت القوات المسلحة إن اشتباكات محدودة وقعت بينها وقوات الجيش الشعبي لدولة جنوب السودان على الحدود بين الدولتين بولاية جنوب كردفان، وأكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد ل(اس ام سي) إن الهجوم المشار اليه تم صباح امس، مؤكدا أن الهجوم قامت باستغلاله مجموعة من متمردي حركة العدل والمساواة متسللة إلى منطقة هجليج حيث استهدفت موقعاً للقوات المسلحة خارج حقل النفط وتصدت لها القوات المسلحة التى ما زالت تتعامل مع بقايا فلولهم. أسباب الصراع النزاع حول منطقة هجليج بين السودان وجنوب السودان قديم قدم النزاع حول الاراضي والحدود بينهما، حيث بدأت الخلافات بينهما حول المنطقة من خلال اللجنة السياسية المشتركة وفي وقت مبكر سبق حتى ذهابهما إلى محكمة التحكيم الدائم بلاهاي لإنهاء النزاع حول منطقة أبيي. وربما يمثل النفط الموجود في المنطقة واحداً من أهم أسباب الصراع حول المنطقة وتمسك الطرفين بها، سيما وأن الحكومة السودانية تبني آمالاً عراضاً على أن تساهم الكميات النفطية بالمنطقة في المساعدة في فك الاختناق الذي تعاني منه الميزانية بعد فقدان عائدات النفط. وكان رئيس وفد الحكومة المفاوض بأديس ابابا قد ذكر في وقت سابق أن الحركة الشعبية سابقاً وحكومة الجنوب لاحقاً أصرت على فتح النقاش حول منطقة هجليج إلا أن وفد الحكومة أصر على أن القضية قد حسمت بالقرار الصادر من محكمة التحكيم الدائم بلاهاي والذي بموجبه أُتبعت المنطقة للسودان، وقال إن اللجنة السياسية المشتركة في ذلك الحين أوصت بأن يتم إدراج قضية هجليج ضمن المناطق المتنازع حولها لتصبح خمس مناطق بدلاً عن أربع بموجب موافقة مؤسسة الرئاسة التي كانت تضم في ذلك الوقت الرئيس البشير ونائبه الاول سلفاكير ميارديت، والنائب علي عثمان محمد طه، إلا أن الحسم النهائي للقضية بحسب إعلان الحكومة جاء بعد قرار محكمة التحكيم الدائم بلاهاي، فيما كشفت مصادر رفيعة تحدثت ل(السوداني) أمس أن حكومة الجنوب حينما حاولت فتح ملف القضية من خلال جولة مباحثات أديس ابابا الاخيرة رفضت الحكومة ووفدها لذلك المقترح بشدة وتمسكت بضرورة أن يمضي التفاوض من حيثما توقف في الجولة السابقة وأن لا تعود الاطراف إلى الوراء لتدرج قضايا جديدة في جدول الاعمال المتفق عليه مع الوساطة، وأضافت المصادر ل(السوداني): "وفد الجنوب أصر وقال انه سيذهب بالقضية إلى لاهاي وقلنا لهم إذهبوا إلى الجحيم"، فيما كشفت مصادر أخرى ل(السوداني) عن امتلاك الحكومة لوثائق تتعلق بتبعية المنطقة تعود إلى تاريخ بعيد، وقالت انها المنطقة الوحيدة التي ضمنت في (الغازيتا) بوضوح في تبعيتها ومساحتها وكافة التفاصيل المتعلقة بها، واوضحت المصادر أن تلك المصادر رحلت من هيئة المساحة إلى موقع آمن، وأضافت "التطورات العسكرية التي قامت بها دولة الجنوب لا تعدو أن تكون توجها لبعض لوردات الحرب والمستفيدين بصفاتهم الشخصية من الدعم المالي الذي يقدم للمتمردين من الحركات المسلحة السودانية". إيقاف نفط لكن نائب رئيس حكومة دولة جنوب السودان د.رياك مشار أكد في وقت سابق بلاهاي عقب صدور قرار محكمة التحكيم بتبعية منطقة هجليج للسودان في ذلك الوقت، أكد مشار أن منطقة هجليج تتبع لولاية الوحدة، فيما قَالَ لوكا بيونق وزير شؤون الرئاسة في حكومة الجنوب في ذلك الحين، إن قرار المحكمة بإخراج مناطق النفط خاصةً منطقة هجليج خارج حدود أبيي لا يعني تبعية المنطقة للشمال. وقال بيونق «لمرايا أف أم»، إن منطقة هجليج تقع ضمن مناطق النزاع الحدودي بين ولايتي الوحدة وجنوب كردفان، فيما توجهت الحكومة في السودان إلى وقف دفع (50%) من عائدات النفط لحقول هجليج إلى حكومة الجنوب اعتباراً من يوم صدور قرار التحكيم بلاهاي، وأشارت إلى أنه وبموجب القرار ستلتزم الحكومة بدفع (2%) فقط من العائدات لحكومة جنوب كردفان، وكشف عضو وفد الحكومة في التحكيم حول أبيي في ذلك الوقت الدرديري محمد أحمد في تصريحات صحفية عقب عودته من لاهاي كشف عن اتفاق بين الشمال والجنوب على تصفية الحساب حول الأموال التي دُفعت لحكومة الجنوب من حقول هجليج وذلك بالخصم من نصيب حكومة الجنوب. إلغاء اتفاقيات وقال نائب رئيس الجمهورية د.الحاج آدم، في حديث للتلفزيون القومي أمس إن لا مجال للحديث عن زيارة للرئيس البشير أو اتفاقيات أو تفاوض مع جوبا إلى حين انجلاء الموقف الأمني في هجليج وحسم القوات المسلحة للموقف وطردها للمعتدين، وأضاف: "إذا كانت قواتنا المسلحة في الميدان تقاتل الآن فلن نتحدث عن تفاوض إلى أن ينجلي الموقف وإذا اضطررنا للحرب فيجب أن نرد الصاع صاعين"، وقال إن اعتداء جيش دولة الجنوب على هجليج يوضح عدم وجود إرادة سياسية جادة لتلك الدولة للعيش في سلام مع السودان، في وقت قال فيه بيان صادر عن وزير الإعلام عبد الله علي مسار إن زيارة وفد حكومة الجنوب للسودان يعد خداعا وتضليلا، وكذب فيه دعاوى سلفاكير باحتلال منطقة هجليج واكد جاهزية القوات المسلحة للحفاظ على سلامة وامن الحدود السودانية في كافة الجنوب، واكد تعرض منطقة هجليج لهجوم وصفه بالغادر واليائس من قبل قوات الجيش الشعبي مدعومة بقوات من حركة العدل والمساواة، واكد تكبيد تلك القوات خسائر فادحة في الارواح والممتلكات، وأضاف البيان: "وردتهم القوات المسلحة على أعقابهم خاسرين"، واعتبر حديث سلفاكير عن احتلال الجيش الشعبي لمنطقة هجليج ينم عن حقد دفين على السودان وشعبه وعلى القوات المسلحة، وقال إن الاتفاقيات التي وقعت في اديس ابابا وإن الوفد الذي حضر من الجنوب للخرطوم يمثل خداعاً وتضليلاً، فيما أكدت مصادر ل(السوداني) أن الهجوم تم على مناطق تبعد عن هجليج ب(20) كيلو متر وقالت إن المقر الرئيسي لمنطقة هجليج يبعد عن الحدود مع دولة الجنوب ب(70) كيلو متر، وقالت المصادر إن التصعيد الأخير يرجع إلى عدم إلمام رئيس الجنوب سلفاكير بالكثير من التفاصيل الداخلية، سيما المتعلقة بالعلاقات بين السودان وجنوب السودان، وأضافت "هناك لوردات حرب تعمل على دعم المتمردين وبالتالي تنعكس الاستفادة لهم كأفراد بأخذ أموال بحجة دعم التمرد او الجبهة الثورية"، وقالت المصادر إن وقوف ذلك الدعم سيقطع عليهم السبيل للمال ويهدد مصالحهم، وأضافت المصادر "هؤلاء اصحاب المنظور الضيق وهم على قلتهم لكنهم مؤثرون في اتخاذ القرار". وربما تمثل دلالات تصريحات سلفاكير أمام اجتماع مجلس تحرير الحركة الذي انعقد بمدينة جوبا امس، اتجاهاً جديداً ومساراً منفصلاً يتم من خلاله حسم النزاع بين الدولتين بالتصعيد العسكري، وربما اتهامات سلفاكير للقوات المسلحة بقصف منطقة جاو، صباح امس، وحديثه عن أن دخول قوات الجيش الشعبي لمنطقة هجليج تطلبه الوضع الحالي، كرد على الحكومة السودانية، يمثل رسالة للحكومة السودانية بأن حكومته تمتلك كروتاً للضغط عليها من خلال وجود الحركات المتمردة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور داخل أراضي الجنوب، وربما يتضح التنسيق بين تلك الحركات والجيش الشعبي من خلال المعلومات التي أوردتها القوات المسلحة عن تسلل مجموعة من (العدل والمساواة) واشتباكها مع مجموعة من القوات المسلحة بعيداً عن منطقة هجليج. تكتيك سياسي ويرى الخبير العسكري، معتمد منطقة أبيي السابق اللواء عبد الرحمن أرباب أن الهدف الرئيسي من الهجوم على منطقة هجليج من قوات الجيش الشعبي يتمثل في ضرب مناطق النفط بغرض قطع مصادر الحكومة للحصول على عائدات للنفط لسد الفجوة التي خلفها انفصال الجنوب وذهاب عائدات النفط بكميات كبيرة في الفترة الاولى وإيقاف الجنوب لضخ نفطه عبر السودان في الفترة الأخيرة، ويشير إلى انها حرب اقتصادية في المقام الاول. ويذهب أرباب إلى أبعاد الهجوم على هجليج ويقول إن الحركة الشعبية درجت على استباق أي جولة من المفاوضات بإحداث قضية كبيرة على الارض بغرض استخدامها في الضغط في جولات التفاوض وداخل الغرف المغلقة، ويضيف: "وما توريت ببعيدة عن ذلك"، ويؤكد أن الهجوم يحمل في باطنه رسائل سياسية وعسكرية من الجنوب لحكومة السودان تتمثل في أن الجنوب لديه كروت يمكن أن يستخدمها في الضغط على الحكومة، ويقول ارباب إن تلك الكروت هي الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق، وأضاف "تصريحات سلفاكير تؤكد ذلك وتعني انهيار الاتفاقيات بين الدولتين سيما المتعلقة بقضية تأمين مناطق النفط، بحسب اللواء ارباب. ويقول اللواء أرباب إن النزاع حول منطقة هجليج يشوبه العديد من التعقيدات، وقال إن النوير يعتبرونها منطقة تتبع لولاية الوحدة بسبب وجود كميات كبيرة من النفط في أراضيها. وقال ارباب في حديث ل(السوداني) إن الحركة الشعبية أعلنت في لاهاي من قبل على لسان رياك مشار أن منطقة هجليج قد خرجت من حدود أبيي ولكنها لم تخرج من حدود الجنوب، وأكد أرباب وجود تعقيدات اخرى حول المنطقة بين الدينكا والمسيرية. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته