الجيلاني وابن تيمية شرح شيخ الإسلام – أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية – (661 – 728ه) في فتاويه – المجلد العاشر – كلمات من فتوح الغيب، وأثنى على الشيخ عبد القادر الجيلاني كثيراً، وبين أن عقيدته سلفية وأنه من المشايخ المستقيمين الذين لهم لسان صدق في هذه الأمة، فالشيخ عبد القادر سلفي العقيدة حنبلي المذهب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – (...والشيخ عبد القادر ونحوه من أعظم مشايخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع والأمر والنهي وتقديمه على الذوق والقدر، ومن أعظم المشايخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية، فإن الخطأ في الإرادة من حيث هي إرادة إنما يقع من هذه الجهة، فهو يأمر السالك أن لا تكون له إرادة من جهة هواه أصلاً، بل يريد ما يريده الرب عزّ وجل، إما إرادة شرعية إن تبين له ذلك، وإلا جرى مع الإرادة القدرية فهو إما مع الرب وإما مع خلقه، وهو سبحانه له الخلق والأمر). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – (...وأما أئمة الصوفية والمشايخ المشهورون من القدماء مثل الجنيد بن محمد وأتباعه، ومثل الشيخ عبد القادر وأمثاله، فهؤلاء من أعظم الناس لزوماً للأمر والنهي وتوصية بإتباع، وتحذيراً مع المشي مع القدر كما مشى أصحابهم أولئك، وهذا هو الفرق الثاني الذي تكلم فيه الجنيد مع أصحابه. والشيخ عبد القادر كلامه كله يدور على إتباع المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور، ولا يثبت طريقة تخالف ذلك أصلاً لا هو ولا عامة المشايخ المقبولين عند المسلمين، ويحذر من ملاحظة القدر المحض بدون إتباع الأمر والنهي كما أصاب أولئك الصوفية الذين شهدوا القدر وتوحيد الربوبية، وغابوا عن الفرق الإلهي الديني الشرعي المحمدي الذي يفرق بين محبوب الحق ومكروهه ويثبت أن لا إله إلا هو). وقال ابن تيمية – رحمه الله تعالى – عن الشيخ عبد القادر الجيلاني وشيخه حماد الدّباس – رحمهما الله تعالى - :(فأمر الشيخ عبد القادر وشيخه حماد الدباس وغيرهما من المشايخ أهل الاستقامة بأن لا يريد السالك مراداً قط وأنه لا يريد مع إرادة الله عزّ وجل سواها، بل يجرى فعله فيه فيكون هو مراد الحق، إنما قصدوا به فيما لم يعلم العبد أمر الله ورسوله فيه، فأما ما علم أن الله أمر به فعليه أن يريده ويعمل به، وقد صرحوا بذلك في غير موضع، وإن كان غيرهم من الغالطين يرى القيام بالإرادة الخلقية هو الكمال وهو الفناء في توحيد الربوبية). فالجيلاني – رحمه الله تعالى – لم يكن من أولئك الغالطين الذين اكتفوا بتوحيد الربوبية الذي هو جزء من الحق، بل كان من أهل الفناء الكامل المحمدي النبوي الديني الشرعي، والذي هو توحيد الإلوهية.