بهجة الأسرار وكلام الجيلاني يظن عدد كبير من الصوفية أن شيخ الإسلام ابن تيمية (661ه - 728ه) من ألد أعداء الصوفية، وأنه لم يتكلم عن الصوفية بخير وأنه لم يشرح كلمات من فتوح الغيب للشيخ عبد القادر الجيلاني – قدس الله سره – ولذلك إذا صنف العالم من الصوفية كتاباً عن الجيلاني أو غيره من أعلام التصوف لا يجعل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية – قدس الله سره – في مراجعه وقد أشار إلى هذه المسألة الأستاذ محمد أحمد الراشد في كتابه المنطلق في المقدمة، وذكر أن معظم الصوفية يحذرون أتباعهم من كتب ابن تيمية – رحمه الله تعالى – وكتب الحافظ عبد الرحمن بن الجوزي – رحمه الله تعالى – ويعتمد جماعة من علماء الصوفية المعاصرين على أمثال أبي الحسن الشطنوفي المقرئ المصري – رحمه الله تعالى – في كتابه (بهجة الأسرار ومعدن الأنوار) ضارباً بما قاله ابن رجب في ذيل الطبقات عن الشطنوفي، وما قاله الكمال جعفر الأدفوني عرض الحائط. ففي كتاب (بهجة الأسرار) تكثر الرواية عن المجهولين ويوجد فيه شطح ودعاوي وكلام باطل لا يليق نسبته إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله - ولعل السبب الذي جعل بعض المتأخرين يردد كلمات منكرة عن الشيخ عبد القادر الجيلاني – رحمه الله تعالى – لم تصدر منه – أن بعض من جمع كلامه قد جمع ما جمع من غير تمييز بين ما قاله وما نسب إليه، فقد ذكر ابن رجب أن المقرئ الشطنوفي المصري قد جمع أخبار الشيخ عبد القادر في مجلدات، وجمع فيه الطم والرم. وقد أشار ابن كثير السلفي – رحمه الله تعالى – إلى طائفة من غلاة القادرية فقال عن الشيخ عبد القادر الجيلاني – رحمه الله تعالى – (...ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات ويذكرون عنه أقوالاً وأفعالاً ومكاشفات أكثر مغالاة...) أما الشيخ عبد القادر الجيلاني نفسه فيقول فيه ابن كثير – رحمه الله تعالى – (...وانتفع به الناس انتفاعاً كثيراً وكان له سمت حسن وصمت، غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان فيه تزهد كثير، وله أحوال صالحة، ... وقد كان صالحاً ورعاً صنف كتاب (الغنية) وكتاب (فتوح الغيب) وفيهما أشياء حسنة، وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة، وبالجملة كان من سادات المشايخ – انظر البداية والنهاية لابن كثير 12: 252 -. وقد شرح شيخ الإسلام ابن تيمية – قدس الله سره – كلمات من كتاب "فتوح الغيب" للشيخ عبد القادر الجيلاني – قدس الله سره – وهذا الشرح الذي يقع في مائة صفحة تقريباً هو جزء من فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية، المجلد العاشر. وقد قمت بالتعليق على هذا الجزء من الفتاوي، وتخريج أحاديثه، وعزو الآيات القرآنية إلى سورها، وخدمته خدمة تليق به وبمؤلفه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتليق بمن شرحت كلماته صاحب كتاب فتوح الغيب – رحمهما الله تعالى -.