السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظمتها ندوة العلامة عبد الله الطيب بجامعة الخرطوم
نشر في السوداني يوم 13 - 04 - 2012


رصد : أبو عاقلة إدريس إسماعيل
يا أعز الناس حبايبك نحن زيدنا قليل حنان
ده العمر زادت غلاوته معاك وصالحني الزمان
يا أحن الناس حنان
.. بهذا المقطع المتقدم للشاعر إسحاق الحلنقي زينت الشركة السودانية للهاتف السيار " زين" جدارية قاعة الشارقة ، وفي الخلفية صورة وضيئة الابتسامة والإشراق للفنان الراحل الكبير محمد وردي .. وفي الثالثة حتى السادسة من عصر يوم الاثنين التاسع من أبريل 2012م كانت الندوة " 313" .. ندوة معهد البروفيسور عبد الله الطيب للغة العربية بجامعة الخرطوم – برعاية زين وعالمها الجميل – " هجرة اللحن والطير .. محاولة للكشف عن جوهر الفن العميق عند الأستاذ الراحل محمد وردي "..
قدم الأب الفخري لندوة العلامة عبد الله الطيب بجامعة الخرطوم بروفيسور عبد الملك محمد عبد الرحمن نصر المدير الأسبق للجامعة كلمة الندوة قائلاً .
" لم يكن أبداً تضخيماً مبالغاً فيه وصف كاتب أجنبي لوردي : فنان إفريقيا الرمز الذي لا يندثر . إنه يترك للأجيال القادمة تراثاً فنياً موسيقياً باقياً – ليس في السودان فحسب ، بل أيضاً في أنحاء كثيرة من إفريقيا ( خاصة في شرقها ) ذلك أن الموسيقى ، مثل الشعر ، غير معنية بالحدود والحواجز الوهمية بين أبناء الجنس البشري . هكذا قال شاعر أمريكي بارز من القرن التاسع عشر :
البشرية – لغتها العالمية الموسيقى ، والشعر ملاذها في بحثها عن السلوى والبهجة ..
لذا لا غرابة أن كان قد ابتدرت كلية العلوم الرياضية وعميدها الشاعر الأديب الدكتور محمد عبد المنعم إسماعيل ترشيح الفنان الكبير محمد وردي لدرجة الدكتوراة الفخرية في جامعة الخرطوم قبل نحو عقد من الزمان . كان اختياره قد حظي عند أساتذة الجامعة بإجماع لم أر مثله من قبل أو من بعد . سمعت وزير الثقافة الأسبق الأستاذ عبد الباسط عبد الماجد يقول : " جامعة الخرطوم جامعة ذكية . ترغب أحياناً في تكريم نفسها ، آنذاك تختار من هو حقا أهل للتكريم وتباهي بتكريمه " .
.. وفي جانب الإفادات قدم الصحافي السر سيد أحمد محطات في مسيرة الفنان محمد وردي الفنية الطويلة من واقع ذكرياته ، منذ مولده وحتى قيام نظام الإنقاذ ، حيث نشرت على مدى ثماني حلقات في مجلة " المجلة " في مارس / أبريل 1995م :
" جاء وردي إلى الخرطوم في العام 1957م لتسجيل بعض الأغنيات باللغة النوبية ثم العودة . في تلك الزيارة احتفى به النوبيون ابتداء من السياسي المخضرم محمد نور الدين الذي قدمه إلى المجتمع العاصمي من خلال لقاء رتبه له في منزله لبعض رؤساء تحرير الصحف الموجودة آنذاك أمثال بشير محمد سعيد وأحمد يوسف هاشم وفضل بشير قائلاً إنه بديل لخليل فرح . بل إن محمد نور الدين أصر على وردي ألا يذهب إلى أي حفل بالمواصلات العامة وإنما يركب سيارته الشيفرولية ويقودها ابنه صلاح .
ذهب وردي إلى الإذاعة وغنى لفترة ثلاث ساعات أمام لجنة مكونة من مدير الإذاعة وقتها متولي عيد ونائبه عبد الرحمن خانجي وأبي بكر خاطر كبير المذيعين وعلي شمو ، واقترحوا عليه أن يبقى في الخرطوم وأن يتصل بقريبه نور الدين لتدبير أمر نقله إلى العاصمة وهو ما حدث عبر تدبير افتتاح مدرسة تابعة للحكومة المحلية .
أول حفل غناء شارك فيه ذلك الخاص بالقاضي صلاح حسن حيث غنى بدلا عن إبراهيم عوض ولأول مرة أمام المايكروفون ، ثم واصل في الليلة نفسها ليغني في بيت عرس آخر ودون دعوة .
اعتمد وردي في الدرجة الرابعة في الإذاعة ، وفي أحد أيام التسجيل طلب من كل العازفين الحضور للتوقيع والتمرين قبل البدء . أحد كبار العازفين وهو حسن الخواض جاء بعد إضاءة النور الأحمر مما دفع بوردي إلى عدم السماح له بالمشاركة . ولم يكن مثل هذا التصرف معهوداً من ناشئة المغنين ، الأمر الذي دفع متولي عيد للإشادة بهذا الموقف وترفيع وردي إلى الدرجة الثالثة خاصة بسبب تزايد الطلب على أغنياته في برنامج ما يطلبه المستمعون ، ثم قرر خرق التقليد السائد ونقله إلى الدرجة الأولى في أقل من عام ، ولهذا استدعى كبار الفنانين مثل عثمان حسين ، وحسن عطية ، وأحمد المصطفى ، وإبراهيم الكاشف سائلاً رأيهم حيث وافقت الأغلبية ونقل ، وهو ما دفع وردي إلى التركيز على الفن ومن ثم الاحتراف واستقال من وظيفته المدرسية في أبريل 1959م رغم أن كبار الفنانين كانت لهم أعمالهم الخاصة التي يستندون عليها " .
أستاذ العربية بكلية الآداب في جامعة الخرطوم الدكتور فؤاد شيخ الدين أفاض في حديثه باللغتين النوبية والعربية عن الحضور النوبي في إبداع وردي .. في " وجدان إفريقيا " أشار الكاتب الديبلوماسي الراحل جمال محمد أحمد (1915 – 1986م ) عضو مجمع الخالدين إلى اعتداده بنوبيته :
" أنا سريحة من زماني وذاتي .. أطمح أن تكون لي رؤيتي ، تحمل طابع زماني ،. وسمات التراث الذي كان وحده في دمي قبل أن يلتقي بفن هؤلاء الأئمة وعلمهم وأسلوبهم"
.. في شهادته العلمية الموسيقية عن موسيقى وردي وألحانه وإيقاعاته وتجاربه الوترية وغوصه في بحار الدليب والطمبور وإمكانيات السلم الخماسي وتجريب وردي انتبه الدكتور أنس العاقب إلى إفادة الأديب اللبناني شاعر " المواكب " جبران خليل جبران عن الموسيقى فهي " مجموعة أصوات محزنة نسمعها فتستوقفك وتملأ أضلعك لوعة وتمثل لك الشفاء كالأشباح .. وهي أيضاً تأليف أنغام مخدجة تسمعها فتأخذ بمجامع قلبك فيرقص بين أضلعك فرحاً وتيهاً "
الباحث الفني خالد فنوب – صاحب كتاب : " بين بدي وردي " تحت الطبع – عرض في الندوة تسجيلاً نادراً للموسيقار محمد عثمان وردي قبيل أن يسجل رسمياً لإذاعة أم درمان في عام 1957م .. محمد وردي يتغنى لأمير العود حسن عطية " هل تدري يا نعسان " .. رفض مدير الإذاعة الأسبق متولي عيد أن يسجل أغنية من ألحان محمد وردي ومن أدائه ، لكنه قبل تسجيلها عندما نسب وردي ألحان الأغنية إلى علي ميرغني .. فسر الفنوب ذلك الموقف من متولي عيد بأنه يرمي إلى احترام التخصص في كل فن .
توقف خالد الفنوب عند أغنية " الحب والورود " التي اشتهرت باسم " يا طير .. يا طاير " للشاعر إسماعيل حسن فضل السيد ( 1929 – 1982م ) والتي لحنها خليل أحمد ، وأداها محمد وردي .. في ندوة العلامة عبد الله الطيب بجامعة الخرطوم في أصيل الاثنين 9 أبريل 2012م أجاد أداء أغنية " الحب والورود " – أولى أغنيات المطرب الموسيقار محمد وردي – الفنان عاطف عبد الحي ، بمصاحبة العواد عوض أحمودي في العزف على العود ، وقد أحسن فن الحوار والتقديم على المنصة الأستاذان محمد أحمد العوض ومحجوب دياب عضوا الندوة ..
حد الزين – والدة شاعر الرومانسية الغنائية إسماعيل حسن – على حد قول الإعلامي الباحث خالد فنوب بكت عندما سمعت محمد وردي – صديق ابنها – يغني لأول مرة في دارها ، وكان هذا مؤشراً لما سوف يلاقيه وردي من نجاح باهر وتقدير بالغ لفنه من عامة الشعب وخاصته ، وهذا الموقف يدل على ذائقة حد الزين الفنية العالية .. حد الزين التي قدمت للناس إسماعيل حسن صاحب أكبر ثنائية في تجربة وردي الإبداعية .. إسماعيل حسن الذي كان يصفق له الجمهور ويدمي أياديه بالتصفيق في كل حفلة غشيها من الحفلات .. تماما كما يصفق لمطرب الحفلة ..
تغنى الفنان عاطف عبد الحي ، وعزف على العود العواد عوض أحمودي بأمثلة مقدرة من تجارب الفنان الكبير الراحل محمد عثمان حسن وردي فنان إفريقيا الأول .. " أسمر اللون " – من التراث النوبي " - و " يقظة شعب " لمرسي صالح سراج .. و " يا أعز الناس " لإسحاق الحلنقي .. و " من غير ميعاد " للتجاني سعيد .. و " جميلة ومستحيلة " لمحجوب شريف .. و " قسم بي محيك البدري " لصالح عبد السيد أبي صلاح .. و " الحب والورود " لحن : خليل أحمد ، وأداء محمد وردي ، والأغنية من كلمات إسماعيل حسن :
يا طير يا طاير من بعيد فوق الغمام
من ربوعي أحمل الشوق يا حمام
إن شاء الله تمشي وتمشي يا طير لي تعود
لي حبيبي تحمل الحب والورود
أحكي عني قولو يا طير هل تعود
من فؤادي ليك وليهو ألفين سلام
يا طير يا طاير خوفي بس تنسى الكلام
يوم تشوفو هالي زي بدر التمام
في جبينو نور يشع يضوي الضلام
وفي عيونو يرقد الشوق والغرام
حبي عارف إنو في صمتك كلام
يا طير يا طاير لي حبيب زي اليمام
هادي طبعو زي صغير قبل الفطام
ديمة ضاحك ثغرو يعلوه ابتسام
من فؤادي .. برسل الشوق والسلام
الشاعر الصحفي سعد الدين إبراهيم – وقد تغنى له الفنان محمد وردي بأغنية " حوار : نختلف أو نتفق " وكانت له معه مشاريع فنية مثل أغنية " نجفة " تحدث عن الشعراء الذين تغنى بكلماتهم وردي ، وهم أكثر من سبعة وعشرين شاعراً ، وأكثر من تغنى له وردي منهم إسماعيل حسن ، يليه إسحاق الحلنقي ، ومحجوب شريف ، ومن بعدهم يأتي محمد علي أبو قطاطي ، ثم عمر الطيب الدوش ، والتجاني سعيد ، وعلي عبد القيوم ، وكمال محيسي ، والجيلي عبد المنعم عباس ، وصلاح أحمد إبراهيم ، ومحمد مفتاح الفيتوري ، ومحمد المكي إبراهيم ، وأبو آمنة حامد ، وصالح عبد السيد " أبو صلاح " ، وعبد الرحمن الريح ، والسر دوليب ، والمكاشفي محمد بخيت ، ومحمد عبد القادر أبو شورة ، ومبارك بشير ، والجيلي محمد صالح ، ومحمد عثمان محمد صالح كجراي ، ومرسي صالح سراج ، وصاوي عبد الكافي ، وصديق مدثر ، وعبد الواحد عبد الله يوسف ، ومحمد يوسف موسى ، ومحمد الحسن دكتور ، وسعد الدين إبراهيم ...
وردي نفسه كان شاعراً وقارئاً مجيداً للشعر الحديث ؛ ولذا وجد في " الطير المهاجر " بنائية الشعر الحديث وموسيقاه الداخلية ، إضافة إلى روح شاعرها صلاح أحمد إبراهيم
غريب وحيد في غربته حيران يكفكف دمعته
حزنان يغالب لوعته ويتمنى بس لي أوبته
طال بيه الحنين فاض بيه الشجن
واقف يردد من زمن
بالله يا الطير المهاجر للوطن زمن الخريف
تطير بسراع تطير ما تضيع زمن أوعك تقيف
وتواصل الليل بالصباح تحت المطر وسط الرياح
وكان تعب منك جناح في السرعة زيد
في بلادنا ترتاح ضل الدليب أريح سكن
.. وردي بصراحته المعهودة وصدقه الشفيف تمنى لو أنه غنى " العزيزة " لسعد الدين إبراهيم ، لكنه لم يكن ليغني " عن حبيبتي أنا بحكي ليكم " لسعد الدين أيضاً ؛ وذلك لكثافة رمزيتها الشيء الذي لا يميل له وردي – رحمه الله – في أغلب الأحيان ، مع أنه غنى نصوصاً رمزية كثيفة في غاية العمق والكثافة والاحتشاد مثل : " الود " ، و " بناديها " لعمر الطيب الدوش ، و " وقلت أرحل " للتجاني سعيد .
أشار " الجنرال " الأستاذ أحمد طه رئيس اللجنة القومية لتكريم وردي الوطن إلى أغنية الحقيبة في تجربة العملاق محمد وردي ممثلة في أغنية " قسم بي محيك البدري " لشاعر حقيبة الفن الأكبر صالح عبد السيد أبي صلاح ، وقد أراد وردي في تلك التجربة أن يثبت مقدرته على أداء حقيبة الفن .. أغنية الوسط .. أغنية أم درمان .. وقد نجح كثيراً في أدائه الحقيبة بشهادة أبي داؤود ، كما أحسن أداء أغنيات الدليب والعزف على الطمبور بشهادة النعام آدم ..
قسم بي محيك البدري غرامك منه ضاق صدري
حبيبي البي العلي تدري
المحي نور ليلة القدر نصب قوس حاجبه لي غدري
معاك .. في داخلى الخدر فؤادي .. المالكه من بدري
.. انفعل جمهور الندوة بأداء عاطف عبد الحي وعوض أحمودي لأغنيات الفنان الخالد محمد وردي .. وتفاعل الجمهور مع رومانسية " لو بي همسة " .. من كلمات الشاعر إسماعيل حسن ، ومن ألحان وغناء محمد وردي :
لو بهمسة .. لو ببسمة .. قول أحبك
لو بنظرة .. نظرة حتى عابرة قول أحبك
لو بتحلم في منامك .. قول أحبك
لو ترسل لي سلامك .. قول أحبك
كل كلمة من شفايفك أحلى غنوة
كل نظرة من عيونك فيها سلوى
كل نسمة من ديارك فيها نجوى
كل همسة يا حبيبي عندي حلوة
يا حبيبي عمري كلو .. كلو أهديتو لحبك
يا حبيبي إنت عارف والغرام يشهدبو ربك
يا بدوري في الظلام والظلام يحجب لي دربك
ناري بعدك والحنان والجنة قربك
إنت عارف أنا يا روحي بحبك
.. كشف العواد عوض أحمودي في " هجرة اللحن والطير " عن آخر أعمال العملاق محمد وردي في مشروعه الفني الكبير : " حوار – نختلف أو نتفق " للشاعر سعد الدين إبراهيم ، و " يا واحد الحسن " للشاعر الجيلي عبد المنعم عباس ، وهو عمل فني بالفصحى، وقد سبق أن تغنى وردي للجيلي عبد المنعم ب " مرحباً يا شوق " و " الهوى الأول " ..
مفاجأة الندوة :
وعن آخر تجارب وردي الغنائية الكبيرة – حسبما ذكر العواد عوض أحمودي الذي شارك وردي في مسيرته الفنية بالعزف على العود بعد عودة وردي الأخيرة إلى رحاب الوطن عام 2002م – أغنية " يا وجهها " للجنوبي شاعر مصر الثوري الكبير .. شاعر " مقتل القمر " ، و " البكاء بين يدي زرقاء اليمامة " ، و " تعليق على ما حدث " و " العهد الآتي " ، و " أقوال جديدة عن حرب البسوس " و " أوراق الغرفة 8 " الراحل أمل دنقل :
شاء الهوى أن نلتقي .. سهوا
كم كنت أفتقدك
يا وجهها الحلوا
كل الذي سميته : شدوا
من قبل ما أجدك
أضحى على شفة الصبا .. لغوا
كن لي كما أهوى
أمطر علي الدفء والحلوى
ويدي تبث سماتك الشجوا
فيئن مرتعدك
يا حينما أعدك
الصيف فيك يعانق الصحرا
والثغر مرتعش بلا مأوى
وعذابه : سلوى
إن جئت أنفض عنده الشكوى
في الليل أفتقدك
فتضئ لي قسماتك النشوى
تأتي خجول البوح مزهوا
وعلى ذراع الشوق أستندك
وأحس في وجهي لظى الأنفاس
حين يلفني رغدك !
وأنام !
تحملني رؤاك لنجمة قصوى
نترفق الخطوا
نحكي ، فأرشف همسك الرخوا
ويهزني صحوي .. فأفتقدك
لكن بلا جدوى
بلا جدوى
يا وجهها الحلوا
أمطر ، فإني مجدب السلوى
ما زلت لا أقوى
أن أنقل الخطوا
إن فاتني سندك
يا وجهها الحلوا
ما زلت أفتقدك
ما زلت أفتقدك
.. في ندوتها " 313" قدمت ندوة العلامة عبد الله الطيب – بقيادة فتاها الحلاحل الأديب النابه الدكتور الصديق عمر الصديق مدير معهد بروفيسور عبد الله الطيب للغة العربية بجامعة الخرطوم – بذلا تربوياً سديداً في مقاربة وثيقة بين أعرق الجامعات السودانية وبين المجتمع السوداني العريض .. وقد زاوجت الندوة الموسومة ب " هجرة اللحن والطير .. محاولة للكشف عن جوهر الفن العميق عند العملاق محمد وردي " بين الرصانة والمسئولية وبين المتعة والمؤانسة ، وأهدت الندوة إلى الجمهور الذي تنادى إلى قاعة الشارقة في احتشاد ملحوظ عدداً مقدراً من الأوراق العلمية والدراسات والمقالات الإبداعية عن تجربة الراحل الفخيم الموسيقار محمد وردي – أسبغ الله عليه حلل الرحمة وشآبيب المغفرة والرضوان - .
أراني في " هجرة اللحن والطير " ألمح طيفاً شفيفاً لموسيقار الشعر السوداني جعفر محمد عثمان خليل ( 1927 – 2011م ) يختال مزهواً وقد اختارته ربة الشعر ممثلاً للشعراء في مهرجان وردي :
عرس لزهر الربا آذار أو عيد وموسم لجديد الحسن موعود
وعيدنا اليوم من آذار توأمه لكن عرس أمير الفن مشهود
في مهرجان سعى من أجله ودعا - قبل العشيرة – إخوان الصفا الصيد
وضوأته الوجوه الزهر مشرقة كأنها من ثريات عناقيد
أمثولة من حفاوات وتكرمة هذي الحشود تنادت والأغاريد
يوم تصور من نبل ومن عظم بل إنه للسجايا الغر تجسيد
قد رفرفت فوقه روح الخليل فهل بعد الخليل لعرس الفن تخليد
شهيد عزة إن وافى فلا عجب فاليوم من فلتات الدهر معدود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.