في حديثه معي لهذه الصحيفة وعقب جولة مباحثات أديس قبل الأخيرة قال دكتور صابر محمد الحسن رئيس اللجنة الاقتصادية في فريق التفاوض ان رأيه الشخصي الا يذهب وفد الحكومة لجولة المباحثات مع حكومة الجنوب.. لان الجنوبيين غير جادين في إنهاء الملفات العالقة، ولا توجد جسور ثقة بين الطرفين خاصة بعد أن رفض سلفاكير التوقيع على الإتفاق في اللحظات الأخيرة، كان د. صابر مستاءاً من طريقة وفد الجنوب الذي تحركه أجندة أخرى وإذا لم تلتزم الوساطة بموقف مفاوض الجنوب فعلي وفدنا عدم مغادرة الخرطوم وعندما سألته إذا ما كان سيعتذر عن الرحلة القادمة قال إن استئناف المفاوضات من عدمه هو قرار سياسي وعليه إذا طلب منه الوفد الذهاب سيكون من ضمنهم بحكم موقعه.. وقتها كانت دولة الجنوب تفعل ما تفعل في ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان في مواقع بعيدة عن هجليج.. رجع الوفد وهو يتأبط الحريات الأربع ولم نشأ إحباط وفدنا مع دموع إدريس كما فعل عدد من الزملاء، يومها قلنا انها خطوة إلى الإمام علينا أن نواصل لكسب المزيد من دروب السلام.. الآن وبعد الاعتداء الغاشم على هجليج ظهرت نفس الأصوات من الداخل ومن خارج السودان تنادي بالرجوع إلى التفاوض.. وأصوات أخرى ترى استئناف المحادثات بعد الخروج من هجليج.. في رأيي لابد من منح وفدنا المتفاوض استراحة محارب حتى بعد خروج القوات الغازية.. ليس من الحكمة أن تجرب حكومتنا المجرب، لابد من وضع إستراتيجية أخرى لعملية التسوية السلمية مع الجنوب.. بدون وجود ضمانات إقليمية ودولية تؤكد رغبة الجنوبيين الجنوح إلى السلم علينا التوقف عن مبدأ الحوار مع دولة تريد ارغامنا على الحوار بمنطق مصالحها.. برغم الهزات السياسية والاقتصادية التى مر بها السودان إلا ان أول اختبار عملي كشف ثقة كل السودانيين في القوات المسلحة السودانية وهي بالفعل قادرة على حماية البلاد من تفلتات دولة الجنوب.. الدرس الذي ستلقنه إلى اعدائنا سيكون له إنعكاسات على أرض الواقع السياسي.. سيجعل أصحاب العقول الخربة من الجنوبيين يرجعون إلى طاولة المفاوضات بعد أن تكسر شوكتهم وعنجهيتهم قواتنا المسلحة. على حكومتنا أن توقف المفاوضات إلى حين وجود أرضية تفاوض لا تخضع للابتزاز السياسي.. لسنا في حاجة إلى بترول الجنوب ولا إلى تجارة حدود ولا حرية انتقال في الوقت الراهن... يمكن للشعب السوداني ان يتحمل الأزمات الاقتصادية لكنه يرفض الهزائم السياسية. علينا أن نوقف أولاً "حقارة" الجنوبيين ومن بعد تفاوضوا وأذرفوا الدموع لا يهم. اختلف مع الذين رأوا ان بعض المعارضين حاولوا استثمار الوضع الأمني في هجليج لافتعال أزمات اقتصادية حتى يخرج الشارع ضد الحكومة إذا كان رأينا هكذا في الشعب السوداني نكون قد ظلمنا عقل هذا الشعب.. المواطنون في الأوضاع العادية يمكن ان يخرجوا إحتجاجاً على الأسعار أو غيرها لكن في وجود اعتداء أجنبي وبهذه الطريقة الساخرة فلا يمكن ان نطعن في مواطنة أبناء هذا الشعب الذي أبدى استعداده للوقوف مع الجيش.