نعم..كنا بالأمس في موقف دفاع عن الفنان الشاب محمود عبد العزيز، وكنا نقف في صفه ضد كل من يكتب ضده لأننا وبصراحة نعتبره (مستهدفاً) من عدد كبير من أصحاب الأقلام الباحثة عن الشهرة وعن اللمعان عبر مهاجمته ، أما اليوم فالموقف مختلف..وللحديث طعم آخر يتسم بالكثير من المرارة، و(محمود) يوطن فعلياً لأحاديث أولئك عن عدم احترامه لجمهوره، يؤكد كتاباتهم الأخيرة عنه، وهو يتخلف عن الحضور للغناء في حفل جماهيري للمرة الثالثة على مدار هذا العام، وهو الحفل الذي كان من المفترض أن يقام أمس الأول بالمسرح القومي، ولكن (محمود)-غاب كالعادة- وتسبب في كارثة كبيرة داخل المسرح، بعد أن أفرغ الجمهور غضبه في ممتلكات المسرح وحطم أثاثاته بصورة وحشية، ولولا لطف الله وعنايته لاتسعت المشكلة وصارت أكبر بكثير. لن أنكر أنني من أشد المعجبين بفن ذلك الشاب الذي (فات الكبار والقدرو) وخلق لنفسه شعبية قلّ أن تتكرر في مسيرة الفن السوداني، ولكن ذلك الإعجاب والتأييد لن يمنع إطلاقاً من أن نقلها للفتى -وفي وجهه- بأنه صار يهدم كل مابناه طوال أكثر من عشرين عاماً، وأصبح بالفعل (مستهتراً) بجمهوره الذي أعطاه ولم يبقِ لنفسه شيئاً، بل وصار يتعامل بطريقة عجيبة وعشوائية مع تاريخه الفني دون أن يراعي لحجم الخسارة التي يتكبدها كل صباح، وانسلاخ (حواتي) في كل يوم من جمهوره العريض. لانريد أن نقسو على (محمود)..ولكن لاخير فينا إن لم نقلها له، ولا خير فيه إن لم يسمعها ويعيها جيداً، ويعلم أنه ينهي (فعلياً) مسيرته وتاريخه الفني بتلك التصرفات العجيبة التي أصابت جمهوره بالحيرة، وأصابتنا نحن بالحسرة والأسف لما آل إليه حال مطرب كان قبل سنوات أنشودة الشباب ومثالاً للموهبة الحقيقية والفن الأصيل. جدعة: والله العظيم تملكتني الحسرة وأنا أقرأ خبر غياب محمود عن حفل المسرح القومي-دون أعذار واضحة- وتملكني الحزن وأنا أشاهد جمهوره الذي يسد قرص الشمس، يبتعد واحداً تلو الآخر، وينسحب من ضمن تلك الكتيبة بلا رجعة، بعد أن قالها الكثيرون أمس الأول وهم في حالة من الغضب الشديد: (محمود بقى مابحترمنا..ولابقدر تعبنا عشان خاطرو). شربكة أخيرة: محمود...ريدتنا الحق حصلا..!!