قبل سنوات...وصل الفنان الشاب طه سليمان إلى قمة الشهرة عبر ترديده لأغنية (عوض دكام)...تلك الأغنية التى وجدت من الضجيج والانتشار مالم تجده مثيلاتها من الاغنيات الحريصة على إحكام (ربطة الطرحة)...وأذكر جيداً أن المشانق في ذلك الوقت نصبت للفتى في كل مكان...بحجة أنه فنان (ما مسؤول)...وأنه ولد (عايز يبوظ الغناء)...وأخف الاوصاف التى كانت تطلق عليه أنه (مستهتر). وقبل أيام تسوقني الاقدار لحضور حفل زفاف أحد الاصدقاء...وعندما أتت فقرة (الزفه)...تفاجأ الجميع بأنسياب اغنية غربية صارمة المفردات...يخيل لي أن أحداً من الحاضرين لم يفهم و(لا كلمة منها)...وعند تلك النقطة اقتربت من أحد اصدقائي الجالسين بجواري وهمست له قائلاً: (لا يعني الزول دا مالقى ليهو اغنية سودانية يدخل بيها العرس.؟)...هنا التفت إلى ذلك الصديق في دهشة وقال لي بعد أن ظل حاجباه يرتجفان في توتر: ( كيف يعني يعمل ليهو زفة سودانية..؟ أنتا داير الناس تقول عليهو متخلف..؟؟)...تلك الاجابة جعلتني (ألم خشمي) علي...قبل ان ابتسم في سخرية...واتذكر تلك (الحرب) التى اعلنها الكثيرون على اغنية (سنتر الخرطوم)...والتى كانت على مايبدو قد مست (آلامهم) الحقيقية. نعم...يمكن أن تكون أغنية سنتر الخرطوم أو عوض دكام لاتصلح للتصنيف ضمن الاغنيات التاريخية أو الراسخة أو حتى ضمن النماذج الغنائية الجادة...لكن هذا لايمنع انها أغنية تناولت الكثير من الجوانب (المظلمة) التى يحاول البعض اخفاءها سواء في الرياضة أو الفن أو الدراما أو حتى ضياع هويتنا كسودانيين مابين زفة (أجنبية)، ورقصة (هندية)..و...البقية تأتي قريباً. جدعة: من ينكر أن السينما والدراما (غلبتنا)...؟ ومن ينكر أن العلاج صار اليوم يحتاج لأن تدفع (أمنية) لكي يتم اسعافك...؟ ومن ينكر أن التعليم اصبح مجرد (بزنس) ليس الا...ودونكم (رياض الاطفال) التى اصبحت ب(الشئ الفلاني)..ومن ينكر...ومن ينكر...ومن ينكر...؟ لسعة: أغنية سنتر الخرطوم هي بالمختصر المفيد وضع كل الحقائق في قالب ضيق جداً، أو بالادق هي سرديات هادئة خزلتها الموسيقى الصاخبة. شربكة أخيرة: لاتملك أمامه إلا ان تحترمه...فهو فنان بمعنى الكلمة...وإنسان تشع دواخله بالحنية والنبل والكرم...يلقاك هاشاً باشاً ولو لم تكن تجمعك به إية معرفة سابقة...يبادرك ب(الونسة) فتختار الصمت لحلاوة حديثه...نعم...أنا اعني عبد القادر سالم...ذلك الرجل الذى كلما التقينا به إطمأنت قلوبنا (قليلاً) على الفن السوداني...سلامات ايها الرائع. السوداني