شورى الحركة الاسلامية.. زهو الماضى وأسى الحاضر..!! .. لا أدرى اذا ما عاد الزمان بالاسلاميين الى الوراء عقدين من الزمان أو يزيد ببضعة سنوات هل كان خيالهم سيأخذهم الى رسم صورة تماثل ما خرجت عليه صورة ونتائج مؤتمر شوراهم الذى عقد أخيرا يوم الجمعة الماضية بضاحية العيلفون بالخرطوم..؟؟.. هل كان هؤلاء سيتفهمون خيالاً يحدثهم عن انعقاد الاجتماع الدوري لمجلس شورى الحركة الاسلامية فى مناخ منغلق وأفكار يائسة وتصريحات غامزة وغموض غير مبرر وسرية مضحكة تسخر منها التجربة ويستهزىء بها التاريخ.. أبعد ما زاد عن نصف القرن فى أحضان التنظيم الاسلامى الحديث وما قارب عن ربع القرن على سدة الحكم يأتى الاسلاميون ليعقدون اجتماع شوراهم فى (شعاب العيلفون) وكأنهم ما خرجوا الى المدينة وما عادوا لمكة فاتحين وكأنهم لا زالوا فى قبضة أبو جهل وسوط أمية بن خلف ونفاق عبدالله بن سلول.. .. ما الذى حدث ويحدث ليعود الاسلاميون هامسون يتحدثون همساً يكملونه باشارات أيديهم وايماءات أعينهم وكأنهم فى تجربة السودان فى مرحلة دار الأرقم بن أبى الأرقم تحصى عليهم الأنفاس وتمنع دونهم القاعات.. حتى قاعات الدار الذى أعلنوه دارهم منعوا منه أو منعوا أنفسهم منه ليعودوا الى العيلفون عساهم يلجأون الى دفء ماضى مضى الى غير رجعة بزهوه وصدقه.. من حضر الاجتماع من عضوية مجلس الشورى أو من لم يحضر أو من اعتذر أو رفض الحضور لا يدرى أحد وليس بالضرورة أن يدرى أحد أو يعلم شيئاً عن تفاصيل ما تم.. ما هى أجندة الاجتماع وماذا ينوى المجتمعون الخروج به.. ماذا ناقشوا وبماذا خرجوا.. أيضاً لا أحد يدرى حتى من العضوية الملتزمة من الاسلاميين سواءً كانوا يحملون بطاقات المؤتمر الوطنى أو بطاقات ما يطلق عليه الآن الحركة الاسلامية.. وعلى ذكر الأخيرة طيب الله مجراها ومسراها.. أين هى هذه الحركة ومن المنتمين لها..؟؟.. هل هم عضوية بعضها من المؤتمر الوطنى أم جلها منه بفلترة الأخير واعتماد أصحاب الانتماء القديم أم استصحاب الآخرين معهم لتكون الاجابة (كل الحاملين لبطاقة المؤتمر الوطنى) هم حركة اسلامية..!!.. ما هى الحقيقة هنا.. بعضهم ظن يوماً بأن الحركة الاسلامية هذه هى حالة برزخية خاصة تقع فى محيط خاص بين المادة التى تسمى (الوطنى) أو تلك المادة التى تسمى (الشعبي).. ولكن سرعان ما نفى الأمر وظل الشعبى شعبياً والوطنى وطنياً بينما ظلت الحركة الاسلامية فى مخيلة الاسلاميين العريضة المراقبة والصامتة كما والعنقاء ذلك الكائن الأسطوري الذى يراه كل على خياله وهواه.. أحد الاخوة الكرام صاحب التاريخ الاسلامى والتنظيمى الكبير قابلته قبيل صلاة الجمعة الماضية ذات اليوم الذى انعقد فيه اجتماع العيلفون فقلت له مداعباً أين أنت يا رجل لماذا لم تذهب لتتابع على مقربة من ما يدور فى اجتماع شورى الحركة الاسلامية.. (.. قلت له ذلك وأنا أعلم ولعه التاريخى القديم بمتابعة ما يرشح أولاً بأول من داخل الفعاليات التنظيمية للحركة الاسلامية خاصة الاجتماعات المرشحة للاحتدام والنقاش الساخن..).. نظر الي الرجل وقد كنت أظن أنى قد أفلح فى اجتذابه الى حديث ملىء بالأشواق والأشجان الا أنه فاجأنى بقوله : (.. حركة اسلامية..؟؟.. وين دى الحركة الاسلامية.. انتو لسة يا ناس بتحلموا.. الحكاية دى خلاص انتهت.. انتهت..) قالها بصوت ونفس فيه شىء من الصفير فذكرنى وعلى الفور بفاصلة قناة الجزيرة الى تبثها بين برامجها والتى يرفع فيها أحد التونسيين الثائرين لافتة من خلفه كتب عليها انتهت اللعبة فيشير اليها الرجل مع حركة من يديه تعبر عن الانتهاء مع صافرة من شفتيه معلنة انتهاء زمن اللعبة..!!.. وبالعودة الى العيلفون والى القليل القليل الذى تسرب من الاجتماع (الخطير) لشورى الحركة الاسلامية.. نجد أن ما قاله الرئيس البشير عن ما خلفته السلطة وما خلفه الحكم على عضوية الحركة الاسلامية من فساد وتدنٍ أخلاقي هو أحد اهم ما جاء به الاجتماع فلأول مرة يسمع الناس حديثاً كهذا من الرئيس عمر البشير مما يعني الكثير وبالرغم من أن بعضهم قد فسر ذلك فى اطار الفعل الاستباقى الذى تتم المبادأة والمبادرة به قبل الآخرين ليضحى مبدأً وموقفاً لمن بادر به بحيث يشكل رؤيته ويصوغ طرحه فيكون الأمر هنا أشبه بسحب البساط من تحت الأقدام.. بالرغم من تحليل هؤلاء الا أن هنالك ما أشار وبحكم المنقول على قلته واقتضابه الى حالة جديدة حاول الرئيس البشير رمي خطوطها الأولية بين مجالس المجتمعين علهم ينظرون الى موقع أقدامهم ويتفحصونها حتى لا تميد بهم الأرض بمثل ما انزلقت ببعضهم الى أسفل سافلين سواءً كان هؤلاء المنزلقون بالداخل أو كانوا من الخارج فالانزلاق هو الانزلاق سواءً كان سودانياً أو عربياً أو حتى دولياً.. ولفساد عضوية الحركة الاسلامية حديث طويل يطول وفيه الكثير من المدهشات والغرائب التى يعلمها بعضهم ولا يعلمها آخرون الا أن معرفة الاسلاميين بعضهم البعض معرفة لصيقة وتاريخية تجعل من اثارة الأمر داخل اجتماع شوراهم أمراً مدهشاً قد يقابله بعضهم بالهتاف والتصفيق الحار بمثل ما قد يقابله آخرون ببرود وتحفظ فيما قد يراه البعض باعتباره مؤامرة على الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطنى والحكومة هكذا معاً جملة واحدة..!!.. وأياً ما كان تقدير المراقبين وخاصة من العضوية الصامتة والعريضة من الحركة الاسلامية لما خرج به اجتماع العيلفون الا أن حديث مبادر كما وحديث الرئيس البشير هذا عن عضوية الحركة الاسلامية وفساد كوادرها بفعل تأثير السلطة والمال يجب أن يكون محفزاً حقيقياً لانتظار المزيد من التطورات الايجابية التى تعود بالاسلاميين الى مربع الفعل الحقيقى المؤثر لا القول الكاذب المراوغ فشدة الظلام لا يرفض من بداخلها شىء من بصيص الضوء الذى يمثل له أملاً فى الخروج الى فضاء تشبعه الشمس بضيائها.. وبالرغم أيضاً من تقليل الكثيرين لما قد يأتى تبعاً لنتائج اجتماع العيلفون من تغييرات حقيقية ومفاهيمية لمن بيده الآن السلطة والقرار وبالتالى من يملك القدرة على التغيير واحداث شىء جديد على الخارطة السياسية السودانية الا أن اجتماع العيلفون هذا قد جاء كأول لقاء (اسلامي – اسلامي – حكومي) فيه شىء من أنفاس ما يحدث فى المنطقة من تغييرات سياسية كبيرة اعتمدت شيئا من أدوات المكاشفة والوضوح وحرية الرأى وتبادله وهو ما يبنى الآن وبسرعة واقع سياسى اقليمى جديد متطور ومندفع نحو تجربة جديدة تضعه على تماس مع التجارب السياسية والمجتمعية المتقدمة بحيث أضحى الرجوع الى الوراء أو التشبث بتجربة الحاضر أشبه بالتشبث بخيوط بيت العنكبوت (.. وان أوهن البيوت لبيت العنكبوت..).. وجدير بالحركة الاسلامية السودانية المعاصرة بفكرها وتجربتها وفى الوقت الذى تمضي فيه المنطقة بواقعها السياسي والاجتماعي الى آفاق أرحب تستوعب المجتمع الانساني بحاجاته المادية والمعنوية.. أن توجد لها مكاناً بين الأفكار والساحات وألا تسجن نفسها بنفسها فى سجن الماضى بزهو تجربته والحاضر بأسى وقلق واقعه..