صادم منظر سيارة المرحوم نادر خضر، أي سرعة كانت تسير بها واي صدمة تلقتها ، اول ما طفر الى ذهني تلكم اللحظة الفارقة في حياة فنانا الرزين الذي رحل باكرا. كيف مرت عليه تلك البرهات واي كلمات تفوه بها. نبهنا كثيرا لخطورة الطرق السريعة في السودان وما تتطلبه من دقة وحذر، ما ضر الناس لو فكروا وتدبروا في الكيفية التي يقودون بها سياراتهم على الطرق السريعة. ففيمَّ العجلة وليس في الدنيا ما يدرك حتى وان توهمنا ذلك. تحولت سيارة نادر ذات الدفع الرباعي الى كتلة واحدة من الحديد، اختفى الهيكل الخارجي تماما، وانكمش المحرك الى الوراء حتى لامس الزجاج الامامي الذي تهاوى بدوره، حتى الاطارات لم تسلم، وكل هذا حتم موت نادر ورفاقه الثلاثة. مرعب مشهد السيارة لن ينساه كل من شاهده وكيف له ذلك ، لنتعظ لنأخذ العبرة "الحديد غدار" هكذا يقول الميكانيكية والسائقون، ومع ذلك ننخدع بجدته حينا وبقوته حينا وباستبعادنا الدائم للموت القريب منا دائما احايين اخرى. احزنني رحيل نادر خضر ، اكتشفته مؤخرا من خلال برنامج اغاني واغاني، اعجبني صوته وقدرته على اداء اغاني فنانينا الكبار ، اعجبني اكثر هدوءه وتأدبه في الحديث ، ولا ادري كيف سيكون البرنامج هذا العام من دونه. تجربة صعبة تنتظر اسرة البرنامج فكل شيء سيذكرهم به. اتمنى تخصيص حلقة او اثنتين من برنامج اغاني واغاني المقبل لنادر خضر. ومؤكد ان السر قدور وفريقه سيفعلون ما هو اكثر من ذلك وفاء لاحد اعمدة البرنامج. قبل اسابيع قليلة فجعنا برحيل الشاعر محمد الحسن سالم حميد في حادث سير ايضا في طريق شريان الشمال واليوم نادر خضر في طرق التحدي. وهذا لا ينسينا كثيرين رحلوا في هذا الطريق او ذاك للاسباب نفسها، التخطي وبؤس الطرق. كثيرون رحلوا لكنهم ليسوا من المشاهير، وغالبا ما يتعامل معهم الاعلام كأرقام تورد هكذا. الحقيقة المرة ان معدلات الحوادث على الطرق القومية السودانية وصلت الى مستويات مقلقة وكارثية يصعب تجاهلها. لا بد من وقفة لتحديد المطلوب من الدولة ومن مستخدمي الطريق في آن. وبما ان الامر يتعلق بالسلامة فعلى مستخدمي الطرق التكيف مع الوضع الحالي للشوارع. فليس في الافق ما يفيد بامكانية الحيازة على طرق واسعة ونظيفة بها مسارات خاصة بالشاحنات. لا مناص من التكيف مع الوضع الا اذا كان ثمة من يرغب في الانتحار ، فالتجاوز يتم برعونة في اغلب الاحوال ، كشف الطريق ممكن وتقدير المسافات والسرعات لا يحتاج عبقرية. ولا تنسوا ان الانسان بنفسه بصير كما انه مامور بعدم القاء نفسه الى التهلكة مهما كانت الدوافع مع كامل الايمان بالقدر. هي ساعات معدودة تلك التي تستغرقها الرحلات على الطرق القومية، ساعات محسوبة من عمرنا لا ينبغي الاستهتار باية ثانية فيها او التقليل من اهمية لعبة الاحتمالات السيئة التي تتحكم في حياتنا ككل. رحم الله نادر خضر ورفاقه الثلاثة ومن سبقهم في الرحيل عبر حوادث السير، ونسأل الله ان يلهم الاحياء منا الصبر والتدبر في النفس والاهل والبلد ككل كلما استقلوا مركبة في شوارعنا البائسة هذه.