(عندما يختلف الشريكان تنكشف الأسرار) وهناك رواية أخرى لمضمون هذه الحكمة قد لا تتناسب مع هذا الموضع، لكن بات جلياً، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن القرارات الاقتصادية والمالية (مساعي رفع الدعم عن المحروقات، وتعويم الجنيه) التي اتخذتها الحكومة، هي تطبيق فعلي لتوصيات البنك وصندوق النقد الدوليين، في توقيت وظروف غير مناسبة بعد أن تجاهلتها حين من الدهر، والتي لها آثار وخيمة على الاقتصاد إن نفذت جملة واحدة بلا تدرج فيها. لقد تمكن تقرير صحيفة (السوداني) حول روشتة صندوق النقد الدولي المستنسخة من البرنامج الاقتصادي الثلاثي (التقشفي) من كشف المستور والذي أفصح عنه الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي بالسودان بول جينكينز في الحوار الذي أجرته معه (السوداني) على الرغم من أن ممثلي الصندوق ظلوا طوال الفترة الماضية يتهربون من الحديث للإعلام المحلي، الأمر الذي يفسر أن التقرير لمس مناطق حساسة لمكتب الصندوق بالسودان، الأمر الذي جعله يدافع عن موقفه أو يحسن موقفه، أمام الجهة التي عاتبته أو أدخلها في إحراج. أعاد بول جينكينز الكرة مرة أخرى أو دحرجها إلى الحكومة واتهمها بأنها بطيئة في تنفيذ ما تقره من سياسات، أو أنها لم تنفذها بالطريقة التي اعتمدتها، ولذلك يلاحقها الصندوق من أجل تنفيذ ما تقره من سياسات، فيما لم يستطع فرض أي عقوبات عليها، ويضيف أن تفعل الحكومة شيئاً ولو على شاكلة القرارات سابقة الذكر أفضل من العدم والذي يؤدي إلى المزيد من الانهيار الاقتصادي. يبدو أن هذه الوقائع تؤكد أن الحكومة صادقة مع شعبها فيما تقول في الشأن الاقتصادي، وأنها الآن تملكه الحقائق (على بلاطة) كما هي أن الميزانية عاجزة، وتحتاج إيرادات تسد الفجوة، ولو برفع الدعم من كل شيء حتى من الخبز الذي صار في بعض المخابز ثلاث رغيفات بجنيه، وهذا يدلل على أن قيمته انخفضت بعد تعويمه، فيما يرى المواطن أنه لا يمكن أن يوفر الأموال لحكومات مشرورة، ثم لا تعالج له مشاكله، وبذلك يضع الحكومة أمام الأمر الواقع وهو خيار خفض طاقم الحكومات على المستويات المختلفة، ورفع الدعم عن المحروقات معاً، ويتحمل الجميع العواقب.