مدير الإدارة العامة للمرور يوجه باستمرار تفويج البصات السفرية يومياً للحد من الحوادث المرورية    لحظة فارقة    «غوغل» توقف تطبيق بودكاستس 23 يونيو    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    حزب الأمة القومي: يجب الإسراع في تنفيذ ما اتفق عليه بين كباشي والحلو    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    الفنانة نانسي عجاج صاحبة المبادئ سقطت في تناقض أخلاقي فظيع    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    جبريل ومناوي واردول في القاهرة    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالوثائق ... عبد الفضيل الماظ لم يستشهد في مستشفى العيون
نشر في السوداني يوم 08 - 06 - 2012

المستشفى لا علاقة له من قريب أو بعيد بثورة 1924م، ولا بملحمة الخرطوم العسكرية التي قادها البطل عبد الفضيل ألماظ عيسى
مسار الملحمة العسكرية لم يتخط الشارع الفاصل بين كلية غردون والمستشفى البيطري وبين المستشفى العسكري (وزارة الصحة الآن)
أخطاء تاريخية مؤسفة قادها صحفيون وحتى مؤسسة الرئاسة وقعت ضحية تلك الأخطاء وأعلنت تسمية المستشفى باسم البطل عبد الفضيل ألماظ ظناً أنه المستشفى الذي استشهد فيه البطل المغوار
المباني التاريخية على اليابسة إرث يجب عدم المساس به، وهي أفضل من تايتنك على الماء التي اعتبرتها اليونسكو إرثا يجب عدم المساس به
بقلم: علي طه مهدي خليل العليقي
رئيس رابطة أبناء وأحفاد ثوار 1924م
منذ أن تبادر لأذهان بعض الصحفيين والنقابيين وغيرهم أن مستشفى العيون سوف يعرض للبيع قاموا ولم يقعد البعض منهم حتى تاريخه، ومنهم من حول الاسم الذي أطلق على المستشفى وجعل المستشفى مركزاً قومياً تخصصياً لطب وجراحة العيون باسم مركز عبد الفضيل ألماظ وألصقوا ملحمة الخرطوم العسكرية (27 – 28/11/1924م) التي قادها البطل عبد الفضيل ألماظ عيسى بهذه المستشفى مؤكدين (ظناً) أنه المكان الذي استشهد فيه البطل المغوار عبد الفضيل ألماظ عيسى، وجاء كل ذلك بسبب الخطأ الرئاسي في هذه التسمية، التي يستحقها البطل عبد الفضيل ألماظ ليس على هذه المؤسسة فحسب بل على أبلغ المؤسسات الوطنية شأناً من مستشفى العيون نفسها، ففي ذلك اليوم الجمعة 28/11/1924م لم يبقَ في الخرطوم غير هذا البطل المغوار الذي حصد من قوات المستعمر البريطاني المكسيم أكثر من (700) فرد.
وللأسف الشديد فإن مؤسسة الرئاسة لم تتحقق ملياً من علاقة البطل ألماظ بهذه المستشفى، فهو لم يزرها مطلقاً لأن الأورطة التي ينتمي إليها لم تكن لها ارتباطات عسكرية بهذه المنطقة، ولم تكن إلا داخليات (ثكنات BREX) للجيش الإنجليزي، بل إن مؤسسة الرئاسة بإطلاقها اسم البطل على هذا المكان أسهمت في الترويج لهذا الخطأ التاريخي.
ومن بين من أشاع علاقة هذا المستشفى بثورة 1924م والبطل عبد الفضيل ألماظ عيسى صحفيون كبار منهم الأستاذ الكبير والصحفي صاحب القامة والرقم: محمد سعيد محمد حسن؛ فقد كتب عند الحلقة الثانية بعموده بصحيفة أخبار اليوم بالعددين (6293) و(6294) الصادرين في يومي الجمعة والسبت 7 و8/5/1433ه الموافقين 30 و31/3/2012م النص التالي: (إن المعركة التاريخية كانت في هذه المستشفى) ناقلاً بالحرف نفس أخطاء (صهره) المرحوم الأستاذ الكبير حسن نجيلة، على الصفحة (163) من الطبعة الثانية المنشورة في 1960م من مؤلفه (ملامح من المجتمع السوداني) بل حتى الخطأ الذي ورد في الكتاب عند تسمية كوبري النيل الأزرق بالنيل الأبيض نقله الأستاذ محمد سعيد كما هو، حيث جاء في الكتاب عند السطر (13) من الصفحة (163) التي يقول فيها الأستاذ حسن نجيلة: (وعرف أن حفنة من الضباط والجنود أرادت أن تجتاز كبري النيل الأبيض في طريقها للخرطوم بحري بغرض الاتصال بالجيش المصري)، ويقول الأستاذ محمد سعيد عند السطر (31) من الحلقة الأولى بعموده (وقد اقترن هذا الموقع بملحمة بطولة وشجاعة جديرة أيضاً بالالتفات بتجسيده للوطنية والفداء إبان 1924م) قاصداً بذلك ملحمة الخرطوم العسكرية.
وعند السطر السادس من الحلقة الثانية يقول حديث الأستاذ نجيلة نصاً بعد أن عدل عبارة كلمة (حفنة من الضباط) إلى (عرف أن ضباطاً وجنوداً): (وعرف أن ضباطاً وجنوداً أرادوا اجتياز كوبري النيل الأبيض في طريقهم للخرطوم بحري بغرض الاتصال بالجيش المصري...الخ).
كما أخطأ الأستاذ الكبير محمد سعيد محمد حسن أخطأ الزميل والرفيق (زميل ورفيق الصبا والشباب والرجولة) كمال حسن بخيت نفسه حينما كتب في مشهده السياسي بصحيفة الرأي العام الغراء بالعدد (5191) الصادر في يوم الاثنين 26/4/1433ه الموافق 19/3/2012م الصفحة الرابعة وبالمانشيت المتوسط (مستشفى العيون بالخرطوم – جزء من تاريخ النضال الوطني ويجب إلغاء فكرة بيعه)، وأكد ذلك أيضاً في مقاله المنشور بنفس الصحيفة بالعدد (5210) الصادر في يوم الأحد 16/5/1433ه الموافق 8/4/2012م قائلاً: (مستشفى العيون شاهد على عهد مهم من تاريخ السودان، ومستشفى العيون يحكي تاريخاً ناصع البياض للسودان)، وتبعه أيضاً العاملون بالمستشفى نفسه حينما ذكروا بالصفحة التاسعة (عمود 7 -8) من عدد صحيفة الوطني الغراء رقم (4060) الصادر في يوم الأربعاء 26/4/1433ه الموافق 18/4/2012م النص الآتي: (... وفقدان هذا الصرح التاريخي الذي يعبر عن تاريخ أمة يحكي أمجاد أبطال...).
وعلى الرغم من أنه لم تمضِ سوى أشهر قليلة من النشر السنوي الذي اعتدنا عليه عن ملحمة الخرطوم العسكرية الباسلة وعليها الصور الفوتوغرافية للمستشفى العسكري وهو مدمر جزئياً ولا تزال تلك المباني قائمة حتى اليوم بوزارة الصحة وكانت هي المستشفى العسكري (راجع صحيفة الوطن العدد رقم (3021) الصفحة (11) الصادر في يوم الثلاثاء 4/1/1433ه الموافق 29/11/2011م) وتجدون برفقة ذلك المقال صورة لهذا المستشفى ودققوا فيها ودققوا في مباني وزارة الصحة الاتحادية)، كما راجعوا صحيفة ألوان العدد 823) صفحة متابعات، الصادر في يوم الجمة 19/4/1419ه الموافق 18/12/1998م وإلى جانب وصف المعركة العسكرية الباسلة التي جاءت تحت عنوان: الذكرى الرابعة والسبعون لتضامن الأبطال الأشاوس مع الجنود المصريين في وجه المعسكر البريطاني، كشفنا في هذا المقال عن الاسم الكامل للشول بنت علي الأسيوطي (فوز) ومنزلها، وما ظلت تقدمه لأبطال ثورة 1924م، وذلك قبل أن يكشف عنها الفذ المرحوم د. حليم بعد ذلك بعدة سنوات، ونشرها في مقاله تحت عنوان (فوز والغموض النبيل).
بل إن الزعيم الأزهري ورجال العهد الوطني الزاخر في 1966م وتحديداً في الاحتفال بيوم الجندي السوداني في 12/8/1966م أقاموا النصب التذكاري للبطل عبد الفضيل ألماظ عيسى عند الجهة الجنوبية الشرقية من وزارة الصحة (أي عند المستشفى الذي دارت به المعركة) ولم يكن مستشفى العيون.
وهذا النصب اعتدت عليه مؤخراً الكشافة البحرية وجرى شكواها للمفوضية العامة للكشافة لإزالة شعار الكشافة البحرية والكتابة التي كتبت به زوراً وبهتاناً (تنفيذ الكشافة البحرية) الأمر الذي يثير الألم والدهشة، بل الاشمئزاز ليصدر ذلك عن الكشافة التي أنشأها الكشف الأول بادن باول، وأصدر قسمه العظيم (شرفي هو أن يعرف الناس أني أمين ويثقوا بي)، وهذا النصب وتصحيحاً لخطأ الدكتور المعز حسن بخيت في المؤتمر الصحفي للأطباء المناهضين لبيع المستشفيات المنعقد بقاعة طيبة برس في يوم السبت الموافق 5/5/2012م لم يكن المكان الذي استشهد فيه عبد الفضيل ألماظ بل المكان يقع خلف هذا النصب بنحو (800 متر) تقريباً، وأقيم النصب خارج المكان وبعيداً عنه ليؤدي غرضه الذي أقيم من أجله، ويكون تحت نظر الجمهور الكريم.
ويرفض العاملون أيضاً بيع مستشفى العيون ويلوحون بخيارات أخرى، هذا ما جاء بالصفحة (3) من صحيفة آخر لحظة بعددها (1999) الصادر في يوم الاثنين 19/4/1433ه الموافق 12/3/2012م.
ثم أتى أيضاً الصحفي النابغة أحمد حسن محمد صالح بعموده المنشور بالصفحة (7) بالعدد (5184) من صحيفة الرأي العام الصادر في يوم الثلاثاء 20/4/1430ه الموافق 13/3/2012م: (ولكنهم لم يتحدثوا عن علاقة المستشفى بالتاريخ الوطني وملحمة الخرطوم العسكرية وتحدثوا عن تاريخ البناء وما تقدمه في مجال العيون، إلا أنهم لم يقرؤوا تصريح الوالي وهو يقول إن المخطط الهيكلي أصبح قانوناً، وبالطبع فالقانون قانون إلا أننا نعلم أن هذا المنطقة قد طالها المخطط الهيكلي وبالتالي طالها القانون (وهذا أمر لا أود الخوض فيه) بقدر خوضي في تصحيح الفرية التي أصابت مستشفى العيون وهي براء من ملحمة الخرطوم العسكرية، وليعلم البروفيسور دفع الله والأستاذة لبنى عبد الله وهم قد تحدثوا في المؤتمر الصحافي لمناهضة بيع المستشفيات المرجعية عن أن البطل أصيب بمستشفى العيون ونزف ثم ذهب إلى وزارة الصحة، وهذا حديث لا يسنده لا عقل ولا منطق إن علمنا أن بين المبنيين (وزارة الصحة ومستشفى العيون) مباني تضم (الجنود البريطانيين، المدرسة الحربية، كلية غردون)، بل إن من الطرائف والمفارقات أنه في نفس المؤتمر ذكر الدكتور بهاء الدين أن المرحوم الدكتور حسين محمد حسين هو صاحب فكرة تحويل المبنى إلى مستشفى، وأنه قد اقترح ذلك على الأزهري الذي أمر على الفور أن يرحل المرضى ومرافقوهم من مستشفى الخرطوم إلى المبنى المقترح، وقد تم ذلك وباللواري، مما يعني أن المبنى قد أصبح مستشفى العيون بعد خروج الانجليز من السودان، وشارك في ذلك بروفيسور محمد عبد الرازق حينما ذكر معقباً على حديث د. بهاء أنه (أي مستشفى العيون) كان داخليات للجيش الانجليزي (BREX) وأنني أود عبد هذا المقال أن أنقل للقراء والمواطنين أجمعهم ما يلي:
بمراجعة لمؤلف الأستاذ مبارك بابكر الريّح عن ثورة 1924م الصادر عن مركز الثقافة المصري بأم درمان في 1957م بالصفحات (109 – 111)، ومراجعة الحلقات التي نشرها الأستاذ عاطف عبد الله بصفحات جريدة السوداني الأعداد (376، 379، 383) الصادرة في ديسمبر 2000م وعند الحلقة الثالثة، يذكر الكاتب عند السطر العاشر النص التالي: (وعلى مقربة من المستشفى العسكري (مقر وزارة الصحة الحالي) اعترضتهم كتيبة انجليزية في محاولة لمنعهم من اجتياز كوبري النيل الأزرق والتحم الفريقان في معركة حامية...).
وبمؤلف الأستاذ سلميان كشة بعنوان (اللواء الأبيض) الطبعة الأولى في 1957م وعند الصفحة (60) المأخوذة من الوثيقة التي حصل عليها المؤرخ السوداني (محمد عبد الرحيم) ملحمة الخرطوم سنة 1924م تقدمها للقراء مستندا رسميا من حكومة السودان مع ما حوت من ألفاظ نابية واتجاه انجليزي للاستفادة مما حوت من معلومات فيها الكثير من الصحة وإن أغمضت حق أولئك الأبطال الخالدين في التمجيد فقد صورت الحادث.
هذه ترجمة نشرة من السكرتير الإداري لمديري ورؤساء المصالح بعد نهاية التحقيق والمحاكمات، تقول عند الصفحة (61) من المؤلف بدءًا من السطر (6) من الصفحة:
زعماء التمرد (هكذا سماهم الانجليز المستعمرون) من الضباط السودانيين الملازم أول عبد الفضيل ألماظ، والملازم ثاني السيد فرح، وكلاهما من الأورطة الحادية عشرة السودانية، وقد كان الأول مسئولاً عن بلاتونين، من تلك الأورطة يرابطان بقشلاق سعيد باشا – (وهو مقر الدفاع المدني حالياً وشركة الصمغ العربي والغابات) أمام أبراج النيلين شمال المستشفى الملكي – حينذاك – (مستشفى الخرطوم التعليمي) وشمال مقابر الأنصار – حينذاك (مستشفى الشعب حالياً) – كانا سيقومان بالحراسة في الخرطوم بعد جلاء القوات المصرية، وأما الأخير وهو السيد فرح فقد كان مسئولاً عن الحراس بالسجن الحربي، وكان أول حدث في تنفيذ الخطة هو توزيع المسجونين وصرف لهم ملابسهم العادية وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف (عصراً) أبعد كل حراس السجن ما عدا ثلاثة منهم أمرهم بإطلاق سراح المسجونين عند سماعهم أول طلقة، وفي نفس الوقت تقريباً استعرض الملازم أول عبد الفضيل ألماظ بلاتونه في قشلاقات سعيد باشا ثم ترك حرساً هناك وقاد بقية رجاله إلى السجن الحربي حيث التقى بالملازم ثاني سيد فرح ورجاله البالغين ثلاثين رجلاً ومن هناك تقدم جميعهم إلى مدرسة ضرب النار حيث انضم إليهم الملازم أول سيلمان محمد – (واسمه كاملاً سليمان محمد أحمد العوض وهو جد المرحوم الضابط الفذ توفيق صالح أبو كدوك واللواء خالد حسن عباس أبو الريش فهو زوج والدته قبل زواج والده منها، وهو الضابط الذي أشير إليه أنه شارك في المعركة وهو عريس وأوصى حسن عباس بالزواج منها بعد وفاته ونفذ صديقه حسن عباس أبو الريش الوصية حيث أنجب منها خالد وفاروق ومحمد) والملازم ثابت عبد الرحيم والملازم ثاني علي محمد البنا من الأورطة السودانية الثانية عشرة، وكذلك الملازم ثاني حسن فضل المولى (وهو الذي سمى ابنه كمال على الزعيم كمال مصطفى أتاتورك وهو عم الصحفي النابغ المرحوم: الوليد مصطفى فضل المولى) – وقد كان الثلاثة الأوائل ملحقين بالمدرسة مدربين، وقد اقتحموا مخزن الذخيرة وأخذوا أربعة مدافع مكسيم فكرز وكل الجبخانة وحملوها في عربة خيل ثم توجهوا إلى السوق ولكن الأسباب التي دعتهم لاتخاذ هذا الطريق لم تعرف، وهناك في السوق استولوا على عربة خيل من الأهالي ثم اتجهوا جنوب شرق محلات (مرهج) – (محلات مرهج الآن غرب بنك مصر (بنك الشعب التعاوني ثم أخيراً بنك الخرطوم) – حيث هدد أحد الضباط بمسدسه (المستر ف. ج. كارلسي) من رجالات الخدمة السياسية – (المخابرات) – وبعد ذلك ساروا شرقاً بشارع الخديوي – (شارع الجامعة الآن) – أما المستر كارلس فقد أسرع من مكانه إلى المكتب الحربي وأدلى بمعلوماته إلى السردار الذي ذهب مباشرةً لمقابلة الكولونيل مكوان (الضابط الاحتياطي) في مكتبه حيث أخبره مراسل سوداني أنه رأى جماعتين من الجيش السوداني متجهتين نحو القشلاقات الإنجليزية (داخلية أبو دجانة الآن) و(متحف التاريخ الطبيعي) وكان الوقت قد قارب الرابعة والنصف، ومن ثم استقل الكولونيل مكوان سيارته ليتحقق من المسألة، كما اتصل بالقوة الانجليزية المرابطة بكلية غردون (ارقايلز) القشلاقات الانجليزية – (داخلية أبو دجانة ومتحف التاريخ الطبيعي) – أما المتمردون فقد وقفوا مدة قصيرة قرب تمثال غردون (مكان مجسم تحالف قوى الشعب العاملة الآن المطل على بوابة القصر الجمهوري من الناحية الجنوبية) – محاولين إخراج البلاتون السوداني من الأورطة الحادية عشرة – (أورطة عبد الفضيل) – الذي كان يحراس المكتب الحربي، وذلك لينضم إليهم ولكن اللفتنتانت د. ملهولاند كان قد سيطر على هؤلاء الرجال من قبل وقادهم إلى الكوبري – (كوبري النيل الأزرق) – حيث سلمهم إلى اللفتنتانت رفاي ليدلو وفي هذه الأثناء ذهب الكولونيل مكوان في عربة إلى الكوبري حيث أنذر الحراس ليكونوا على استعداد ومن ثم تقدم ببطء بطريق الخديوي – (شارع الجامعة) – ليقابل المتمردين وعند مروره بكلية غردون وجد جنود أرقايلز مسرعين لاتخاذ مكانهم على جانبي الطريق عند ملتقى شارع الخديوي بالشارع الذي يمر بين الاستبالية الحربية ومباني البيطرة – (انظر جيداً أيها القارئ الكريم لهذه الفقرة لأنها (جهيزة التي قطعت قول كل خطيب): الشارع الذي يمر بين الاستبالية العسكرية ومباني البيطرة (أي تقاطع شارع الجامعة مع وزارة الصحة والمستشفى البيطري وإدارة البيطرة، التي عرفت فيما بعد بوزارة الثروة الحيوانية، وكانت مكان هيئة المستشارين لجامعة الخرطوم وكلية الإعلام بالآداب، وتقع مبانيها مجاورة لكلية الهندسة الحالية، بل نحن طلاب في المرحلة الأولية زرنا فيها وزيرها في هذا المكان (سانتينو دينق) ووكيلها د. جعفر كرار رحمه الله وكنا نشاهد الحيوانات والخيول في هذا المكان ونحن في طريقنا جيئةً وذهاباً بين الخرطوم والخرطوم بحري، فكيف يكون المستشفى الحربية هو مستشفى العيون؟ – أمرهم بالتوقف وسألهم الكولونيل مكاون عن وجهتهم فأجابوا بأنهم سيلحقون بإخوانهم جنود الكتبية الثامنة المصرية بالخرطوم بحري، فحاول جهده لإقناعهم بالرجوع وهددهم بأنه سيطلق عليهم النار إذا حاولوا التقدم.
كانت محاولة الكولونيل مكاون في إقناع الجنود بالرجوع ستنجح لولا أن الضباط الذين كانوا مع الجنود هددوه بمسدساتهم فقفل راجعاً بطريق الشاطئ، ومنها إلى المكتب الحربي، عندها تحركت عربة الكولونيل مكاون ذاهباً لنائب السردار في عربته للبحث عن الميجر كوبر التابع لفرقة أوقلزو الذي وجده بعد بحث في ميدان كلية غردون – (الميدان الغربي الآن) – وأمره بأن يعزز فرقته في شارع الخديوي بكل مدافع الفاكرز الموجودة وكانت ستة في العدد عندما جهز مدافع الفاكرز أخذها الميجر كوبر والسردار إلى القوة المرابطة في شارع الخديوي، وكانت الدنيا قد أظلمت، واستمر الجنرال هدلستون في سيره للأمام ونادى في الجنود أنه السردار فلما لم يسمع مجيب تقدم نحو ستين ياردة صوب الثوار ونادى أنا هدلستون فرد عليه أحد الضباط (نحن لا نعرف هدلستون باشا ولكن نعرف رفعت باشا فقط) فرد عليهم الجنرال هدلستون أرجو أن تنفذوا أوامري فرد عليه الضباط (إننا ننفذ أوامر رفعت باشا فقط).
بعد هذه الخيبة قفل الجنرال هدلستون راجعاً إلى الفرقة ارقايلز وأمرهم بأن يطلقوا النار من جميع المدافع فرد الثوار بالمثل ولكن نيرانهم غير منظمة وعالية ولم تحدث أي إصابات كانت الساعة حوالي السادسة مساءً. عند سماع صوت البنادق جهز الميجور كارلز نائب ضابط صحة المديرية العنابر للمصابين وأرسل الشاويش الإنجليزي إلى المخازن ليحضر النقالات)
ونتابع بداية المعركة إلى أن يصل المؤرخ محمد عبد الرحيم في نقل الوثيقة الرسمية إلى الفقرة التالية: (وفي هدأة الليل تسرب بعض الثوار من أماكن إطلاق النار، ولكن تمكن البوليس من قتل بعضهم أو أسره بيد أن الغالبة نجت ودخلت القشلاق بأم درمان.
ابتدأت النيران في الفجر الباكر بدون أدنى تفكير من المقاومة من الثوار ولكن عندما تقدم الجنود البريطانيون نحو مباني الصحة الطبية – (انظر لهذا المكان: الصحة الطبية) – أمطرهم السودانيون وابلاً من نيران بنادقهم، كانت المباني كثيرة (وهي مباني المستشفى التي أزيل معظمها وتبقى مبنى القاعة الكبرى الحالي وكان من الصعب تحديد أماكن الثوار بالضبط، كانت ضحاياه (الإنجليز) كبيرة منهم تناكس والملازم ثاني مكاون وقتل الاثنان قبل أن يعتصم الثوار بمبنى الضباط المصريين الذي كان محاطاً بالأشجار.
كانت طلقات الفكرز ونار مدافع اللويس غير ذات أثر فعال وعليه فقد أحضر مدفع عيار 4.5 بوصة من الطابية وابتدأ يقذف قنابله في محيط 100 ياردة. لقد قذف نحو 30 قنبلة ظناً أن البناء قد دك وتقدمنا ولكن كانت محاولة فاشلة فقدنا خلالها كثيراً (قيل أكثر من 700 جندي من الإنجليز)، ولكن بعد ضرب ساعة متواصلة استطاعوا الوصول للبناء بدون خسارة كان الملازم أول عبد الفضيل ألماظ و14 من باقي الصفوف قد قتلوا.
وتطابقت نفس الرواية الرسمية مع رواية اليوزباشي قسم السيد خلف الله، أي أن المعركة قد دارت بالمستشفى الحربي (وزارة الصحة الآن) وبرفقة صورة من المبنى الذي لا يزال موجوداً حتى اليوم شاهد عصر، (ولو كانت المعركة عند كوبري النيل الأزرق (عند مستشفى العيون) لكانوا انتصروا في المعركة ولعبر الثوار الجسر والنهر معاً وانضموا للكتيبة المصرية ولتغير التاريخ.
إن مستشفى العيون بريئة من ملحمة الخرطوم العسكرية وإن المستشفى في صحة توكيدها أنها من المباني الأثرية ومعها كافة المباني على الشريط النيلي.
في الختام أتفق مع الكافة أن المبنى الأثري الذي عبر المائة عام ينبغي أن لا يزال، وكذلك على الوالي وأركان حربه في التخطيط العمراني الذين نفذوا المخطط الهيكلي وكرموا وأغدقت عليهم الحوافز المالية والعينية ينبغي أن ينشروا على الناس المخطط الهيكلي ولا يقولون شفاهةً إنه لا يشمل جامعة الخرطوم لأن المخطط الهيكلي إن أجاز مساحة مستشفى العيون داخله، فهو بالتالي يجيز بيع مستشفى العيون، وكما يعلم الجميع أن القصر الجمهوري ومبنى سودان كلوب (الاتحاد الاشتراكي سابقاً الخارجية الآن) واتحاد الأطباء والري والصحة (المستشفى العسكري الذي دار فيه رحى ملحمة الخرطوم العسكرية) جميعها مبان أثرية، وإذا كانت اليونسكو قد أجازت اليوم أن الباخرة تايتنك هي إرث للأمة ينبغي عدم المساس به فما بالك بما هو على اليابسة، أليس الأجدر أن لا تمس هذه المباني؟ بل نحذر منظمة حسن الخاتمة من إغلاق مقابر فاروق فهي إرث، ومن قبل ومن بعد فإنها شرعاً يدفن بها وها هي الفرقد حتى تاريخه ندفن بها.
رحم الله تعالى الشهيد البطل عبد الفضيل ألماظ عيسى، ورفاقه حسن فضل المولى، وثابت عبد الرحيم، وسلميان محمد أحمد العوض ونناشد الدولة بصيانة مقابرهم بمقابر فاروق، التي نعلمها ونزورها كل جمعة منذ سنوات طويلة، ونعلم كل الشخصيات الوطنية الفذة التي تضمها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.