حدثتني عن مدى التناقض والاختلاف الكبير عن ما يروج له بعض أبناء جلدتنا في دول المهجر الغربي بما يصورونه بالسوء القاتم عن أحوال البلد وبين مشاهدتها للواقع إبان عودتها للوطن إثر غياب عنه امتد لسنوات حيث مظاهر التعمير وآثار الطفرة الناهضة في البنيات التحتية. وكانت أيضاً عادلة في عرض ملاحظاتها ونقدها لبعض التفاصيل ولكن بروح يغمرها حب للتراب، وهمٌ يدعو لبذل المزيد من الجهد، وإشفاق محفوف بالأمل في النهاية للصعاب والمتاعب التي يتسبب فيها التربص المتلون والملتوي. أغرقتُها ضحكاً عندما علقتُ ساخراً على ما نقلته لي من إدعاءات هؤلاء بأن الحكومة تقوم بقصف المدنيين: (بالله الحكومة تقصف المدنيين لشنو؟) - ربما كانت قهقهتها المنفجرة نتيجة لطريقتي في الإجابة السريعة الساخرة، أو تجسدت فيها مقولة (شر البلية ما يضحك)، بلية الآذان التي لا تسمع إلا على موجة واحدة أو الأبصار التي لا ترى إلا طريقاً واحداً، أو بلية القلوب الممتلئة حنقاً وحسداً وهي تنفث السموم حول أخبار الوطن. (لا حياد مع قضايا الوطن المصيرية) تجديد إطلاقها من قبل وزير الدفاع في مؤتمره الصحفي الأخير ومن داخل قيادة الجيش لها ألف معنى متجدد،، الجيش الذي كان في الواجهة - بطبيعة مهامه - في معركة التحرير ورد العدوان، هو نفسه الآن في الواجهة لإحداث الاختراق في جدار المفاوضات، وهو حامل ملف الترتيبات الأمنية فإما تأمين المسار لفعاليات التفاوض الأخرى، وإما صدٌ ومنعة ومدافعة وحوائط تتكسر عندها رؤوس معتادي النطح المجنون. العراقيل والتعقيدات التي قام بوضعها مفاوضو جنوب السودان في مسار مفاوضات أديس أبابا الأخيرة كما أقر معظم المحللون والمراقبون دالة على عدم رغبة من الطرف الجنوبي في التوصل لاتفاق في هذه المرحلة أو ربما في مراحل أخرى، إلا بعد اكتمال سيناريو تحميل السودان للمسؤولية عقب انقضاء مهلة مجلس الأمن الدولي المحددة بالشهور الثلاثة القادمة، وبعدها تبقى كل التوقعات متاحة من فرض الحلول أو التدخل السافر بأيٍ من صوره وأشكاله، مما يرسم خطوطاً جديدة من الاستهداف ومحاولات لي الذراع. مداخلات واستفسارات كبار الصحفيين في مؤتمر وزير الدفاع حول: استراتيجية التفاوض وطرح البدائل، واستخدام الأوراق، ودور القوى السياسية والمجتمع المدني ومراكز البحث، كلها تسير على نسق الوطن أولاً، مهما حملوا من ملاحظات مهمة حول الأداء الحكومي، أو وجهوا انتقادات واجبة للسياسات العامة.. والدور الإعلامي البناء الذي نشده منظمو المؤتمر سوف يؤتي أكله ما توفرت المعلومات وأُبرزت الحقائق وتحرر التداول، ولقي الصحفيون المعاملة اللائقة كما حدث في القيادة العامة حينما لم يحجر مسئولو مداخلها على أي صحفي أبرز بطاقته من الدخول، ولأن عرين الجيش في حضرته يطيب الجلوس.. هاتفتني مرات عديدة بعد عودتها إلى المهجر وهي ما تفتأ تذكر ضاحكة الحديث عن قصف المدنيين، ولكن هذه المرة شيءٌ آخر مختلف بعد أن نظمت شعراً من وحي الشعور الوطني الذي غمر أبناء الوطن في الداخل والمهجر عقب تحرير هجليج، وأن لا حياد مع القضايا الوطنية، مبديةً رغبتها في العودة النهائية لأن هناك وعداً سيصدق وأملاً سيتحقق،، وإلى الملتقى.. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته