تم نهار أمس إعلان نتيجة الشهادة السودانية وهي مناسبة جماهيرية لو تعلمون وتتخذ أهميتها أو ضخامتها من الأعداد الكبيرة التي تجلس لهذا الامتحان في كل عام حيث يندر أن تخلو أسرة سودانية ممن ينتظرون زغاريد النجاح، كما يغشى الفرح وتوزع الشربات في البيوت التي خاصمتها الأفراح. ومثلما تغيرت "حاجات كتيرة" تغير طعم الإحساس بالنجاح في امتحانات الشهادة، ليس الثانوية فقط بل حتى شهادة مرحلة الأساس، وبعيدا عن الحسابات والأرقام المعقدة التي تحاول فك الطلاسم في كل عام، نقول إن النجاح لم يعد هو ذاك النجاح الذي يعطي مؤشرات طيبة لمستقبل البلاد، فقد تدهور مستوى الطلبة والطالبات لدرجة مخجلة جدا، وصار الدخول للجامعات لا يعني التميز، ونتيجة لذلك فقد تدهورت مستويات خريجي الجامعات لدرجة الفجيعة الا من رحم ربك واستفاد من الجهود الأسرية والموهبة الفطرية في سد الفجوة بين الواقع والمأمول! وإذا رجعنا لإرشيف امتحانات السنوات الماضية نجد العديد من المفارقات، ورغم أن وزارة التربية والتعليم بشرت الناس هذا العام بأن الوضع أفضل من الأعوام الماضية، إلا أن هذه الأفضلية تظل نسبية، ولا يخفى على قبيلة الأساتذة معاناة الطلاب الأكاديمية وعمليات الترقيع التي تتعرض لها الشهادة فيما يعرف بإزالة التشوهات، وهي عملية حسابية تهدف لتقليل "السقوط" في بعض المواد المهمة والأساسية. وبقراءة أولية لنتيجة الشهادة لهذا العام نجد "نفس الملامح والشبه" مع الأعوام السابقة خاصة في استمرار تفوق البنات في المراكز الأولى ، واستمرار احتكار المراكز المتقدمة لولاية الخرطوم واستمرار تقدم المدارس الخاصة على الحكومية وووو......! ونلاحظ العدد الكبير الذي جلس لهذا الامتحان "أكثر من 400ألف طالب وطالبة " وذا قرأنا هذا الكم الهائل بعدد الجامعات والكليات الخاصة ومعاهد الكمبيوتر نجد المسافة كبيرة جدا رغم الحديث عن التوسع في "مواعين" التعليم العالي وتبقى النسبة هيّ هيّ كما كان الحال في ثمانينيات القرن الماضي اذا نظرنا لعدد الطلاب الذين كانوا يجلسون للامتحان في ذلك الوقت و"ضيق" فرص الاستيعاب . وتقود المؤشرات الأولية لهذه النتيجة لعدة ملاحظات "قديمة متجددة" وهي عبارة عن تساؤلات مشروعة عن سياسة القبول بالجامعات والحاجة الحقيقية لسوق العمل؟ وربما تغنينا الإجابة عن هذه التساؤلات الخوض في قضايا شائكة بخصوص الخريجين وضيق فرص الحصول على العمل، بل إن الواقع يشير الى أن الغالبية العظمى من الخريجين تجلس على رصيف الانتظار وتحول الآخرون من أصحاب القلوب الحارة الى سائقي ركشات وكماسرة.! عموما نرسل آلاف التبريكات للناجحين لاسيما المتفوقين منهم مع أحلى الأمنيات لهم بالتوفيق والسداد في هذه المرحلة المهمة جدا من حياتهم، ونأمل أن تكون الوزارة قد استعدت للعام الدراسي الجديد والذي بدأ في بعض الولايات وتم تأجيله في ولاية الخرطوم ونسأل الله للخريجين الجدد " الشهادة والعمل الطيب".