# مرسي .. الأخوان يحكمون مصر .. !! .. لأ أعتقد مطلقاً أنه كانت هنالك لدى البعض مهما بلغت مهارتهم فى التحليل وتفنيد الوقائع وربط المعطيات .. أية قراءة موضوعية تتنبأ بما آلت اليه الأوضاع السياسية بمصر وبلوغ الأخوان المسلمين سدة الحكم عن طريق مرشح اسلامي تأتي به عملية ديمقراطية نظيفة أتت بالفعل بالدكتور محمد مرسي عضو الجماعة وأبرز قياداتها الحركية الذى أصبح هكذا فى غمضة عين ومنذ منتصف يوم السبت الماضي الموافق الثلاثين من يونيو الرئيس الرسمي المعترف به شرعياً عقب ادائه القسم أمام المحكمة الدستورية المصرية ليصبح الرجل وفى لحظة تاريخية فريدة ومدهشة أول رئيس مصرى مدني فى العصر الحديث منذ عهد الرئيس محمد نجيب ( 1952 – 1954م ) مروراً بجمال عبد التاصر ( 1954م – 1970م ) والسادات ( 1970 – 1981م ) وأخيراً حسني مبارك ( 1981م – 2012م ) .. يا لها من أقدار تفوق حد الوصف والتوقع أو حتى التنبؤ لمن سلك طريق العرافين وقارئي الكفوف ومدعي كشف الغيب الذى لأ يعلمه الا الله .. وأقدار الله عندما تمر بمصر قلب المنطقة ونبضها اذا دبت فيها الحياة فان فى الأمر ما فيه ليس لمصر وحدها ولكن لكل الأمة العربية من محيطها الى خليجها .. .. وهنالك بالطبع دلالات عديدة لهذا المتغير الكبير والخطير بمصر والمنطقة الا أن أكبر أمر تتحتم الاشارة اليه هنا هو نجاح الاسلام السياسي أخيراً فى الوصول للسطة عبر البوابة الديمقراطية بفلسفتها وشروطها ومواصفاتها الغربية التى تدافع عنها وتنادي بها بل وتحارب من أجلها أكبر دولة فى العالم ممثلة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبجانبها حليفاتها الغربيات فالولاياتالمتحدة قد نصبت نفسها ومنذ العقدين التاليين للحرب الكونية الأخيرة راعية وحامية بل ومناهضة للدول التي ترفض انتهاج منهجها الذى أسست عليه مؤسسات حكمها ومجتمعها وقد توجت جهدها ذاك بببوروسترويكا غورباتشوف فى مطلع التسعينات والتى قضت بها على الاتحاد السوفيتي الكبير ندها السياسي والعسكري والفلسفي أيضاً .. حدث هذا الزلزال الضخم فقط باطلاق رياح التغيير السياسي الديمقراطي الحر الذى تلقفته شعوب الشرق السوفيتي كما واكسير الحياة الذى أعاد اليها قيمتها ووجودها كشعوب ضمن شعوب الكون الكبير .. ومذ ذالك التاريخ والموقف الأمريكى ازداد صراخه المعلن عن دفعه لرياح التغيير الديمقراطي بالعالم الا أنه وللمفارقة المدهشة ترك منطقتين بذاتهما لم يتحمس لنفخ تلك الرياح فيهما فكانت أمريكا اللاتينية ضمن هاتين المنطقتين وقد تركتها واشنطن كما وحديقتها الخلفية تشذبها متى أرادت بمنطقها ووفق مصالحها كما مثلت منطقتنا العربية وبينها أفريقيا المنطقة الثانية التى نأت بها الولاياتالمتحدة وأبعدتها عن خططها الاصلاحية الديمقراطية لتبقى ربيبتها اسرائيل التي زرعتها ورعتها مع المملكة المتحدة فى قلب الدول العربية هى التجربة الديمقراطية الوحيدة الأمر الذى تشدقت به تل أبيب طويلاً أمام العالم المتقدم مشيرة الى جيرانها العرب وواصفة لهم بالرعاع المتخلفين المتصارعين على كراسي الحكم ولقد كان من الطبيعي أن تنضم المنطقة العربية الى رياح التغيير الديمقراطي منذ ذلك التاريخ فى مطلع التسعينيات الا أنها تأخرت كثيراً وفقاً للرغبة الأمريكية التى اتسقت مع مصالحها والمصالح الاسرائيلية التى أرادت لشعوب المنطقة أن تظل بعيدة عن مربعات الوعي السياسي الحديث .. هذه حقيقة الا أنه وأياً ما كانت تحفظات البعض تجاه هذا الموقف الأمريكي باعتباره لأ يعبر بصدقية كاملة عن ما تعلنه وتعمل به فى سياساتها الخارجية وبالتالى أدائها العسكري والأمني بالعالم من حولها الذى يصفه هؤلاء بالهيمنة والظلم والسعي وراء تحقيق المصالح الأمريكية – الأوروبية المشتركة .. الا أن بصمة الديمقراطية التى وضعها الغرب على ما عليه قد أوجد بالفعل الفكر السياسي الأكثر تلبية لحاجة الشعوب فى بناء مجتمعاتها عبر مؤسسات تمثل الدولة الحديثة الواصفة للحقوق والواجبات فيما مثل حسمها لأسس تبادل السلطة عبر الوصفة الديمقراطية الحديثة أكبر نجاحاتها على الاطلاق حيث ولى بحاكميتها زمان الصراع و الاقتتال على كرسي الحكم والسلطة .. هذه حقيقة موضوعية لأ يمكن انكارها على المنهج الديمقراطي الحديث ولا على أهله الذين وضعوه وعملوا به فأسسوا عبره دولهم الحدبثة المتقدمة بمجتمعاتها واقتصادياتها القوية .. الا أن ما أخذه أولئك على صدقية الولاياتالمتحدة تحديداً وهى تعلن منافحتها المصادمين لأسس الحكم الديمقراطي الرشيد قد بررته مواقف عديدة تورطت فيها واشنطن بالمنطقة بدت معها وكأنها تحمل بين يديها ميكيالين للحكم تستخدم ما شاءت منهما وفقاً لمصالحها ورغباتها ورغبات حليفاتها وعلى رأسها الدولة العبرية بالمنطقة العربية فعندما أجريت أول انتخابات ديمقراطية سليمة بالمنطقة العربية بالجزائر وفازت جبهة الانقاذ الاسلامية سارعت واشنطن فى تبني مواقف أصدقائها ( الذين كان من بينهم من يمثلون دولاً وأنظمة عربية) فأجهضت التجربة العربية الأولى عن طريق الضربة القاضية التى مثلت أكبر خطأ استراتيجي تقع فيه الولاياتالمتحدة كدولة عظمى لها ارتباطها المصيري بالمنطقة .. فبعد عقود من تجربة جبهة الانقاذ الجزائرية .. أيقنت واشنطن الآن بأهمية اندماج المنطقة العربية بتياراتها الاسلامية ضمن المنظومة الديمقراطية التى ما فتئت تأتي بالكيانات الاسلامية كلما أتيحت لها الفرصة عبر صناديق الاقتراع وربما كان هذا الأمر الأخير ضمن الأسباب الأمريكية التى منعتها التقدم بحماس تجاه المساعدة فى بناء أنظمة ديمقراطية بالمنطقة العربية .. صوت الشعوب .. هذا هو السبب الذى لجأت من أجله الولاياتالمتحدة لبناء أنظمة حكم عربية تواليها وتتبع لها حتى وان تم ذلك عبر قهر الشعوب واذلالها وحتى وان تعارض ذلك مع عقيدتها السياسية وفلسفتها الفكرية التي تتبنى النهج الديمقراطي الحر .. هنا سقطت الولاياتالمتحدة سقوطاً مريعاً كلفها الكثير بمثل ما كلف المنطقة العربية الكثير .. فماذا جنت واشنطن من بناء أنظمة عربية – أمريكية تابعة لها فى مقابل كبت الشعوب العربية وكتم أنفاسها .. الاجابة على ذلك أجاب عليها بن لادن والمجموعات الجهادية التى أذاقت الولاياتالمتحدة ما أذاقت فى كل مكان تورطت فيه .. فى أفغانستان .. فى العراق وفى الصومال وحتى في بلدان الربيع العربى الآن .. القادمون هم الاسلاميون .. هذا هو الدرس الذى يبدو أن الرئيس الأمريكى أوباما وادارته قد تعلموه أخيراً فسمحوا مجبرين لاسلاميي مصر بالصعود على سدة الحكم وكان يمكن بواقع الحال أن تدخل مصر عهداً من الصراع السياسي الدموي الخطير اذا ما واصلت الولاياتالمتحدة تبنيها لخط اجهاض الثورة المصرية بضغط عنيف وعنيف جداً من المجموعات اليهودية التى ضغطت بقوة (خلال أسابيع الحسم الثوري المصري الأخيرة ) بقوة على الرئيس أوباما وادارته لمنع وصول الاسلاميين لحكم مصر الا أن أوباما وادارته أدركوا أخيراً وأخيراً جداً خطر هذا المسار ليس على المنطقة العربية فقط ولكن على المصالح الأمريكية نفسها وعبر دفوعاتهم المنطقية بتقديم النموذج التركي كحالة مقبولة لتولي الاسلاميين الحكم مع حتمية الاستجابة لشعوب المنطقة العربية الثائرة الباحثة عن حريتها بجانب ضعف القدرات المالية واللوجستية لتقديم مساعدات فورية لمعالجة الأوضاع وفق الأفكار الاسرائيلية وأفكار اليمين الأمريكى المتطرف .. عبر كل هذه الدفوعات استطاع اوباما وادارته الافلات من هذا الضغط الكبير الا أن الرجل يبدو أنه لن ينجو بالكامل اذ بدأت الآن الصحافة الأمريكية واليهودية توجه له اتهامات خطيرة على مستقبله السياسي متهمة اداءه خلال ثورات الربيع العربى بالأداء السالب خاصة فى الحالة المصرية وان جاء هذا الاتهام مغلفاً بمسببات مغايرة الا أنه يعكس مدى الحنق والغضب الذي أصاب تل أبيب ومناصريها من مجموعات الضغط الأمريكية نتيجة لوصول اسلاميي مصر للحكم .. .. ولكن يبقى فى مصر التحدي بنجاح التجربة مرهوناً وبالكامل على قدرة الأخوان المسلمين على استيعاب المرحلة والعبور بها وقد نجح بالفعل وحتى الآن الرئيس الجديد في الاعلان عن نيته احتلال كل مساحته كرئيس دولة ليجلس عليها دون منازعة من أحد وقد أعلن عودة المؤسسات النيابية المنتخبة كما أمر الجيش بالعودة الى ثكناته عبر خطاب قوي ورصين جاء من داخل القلعة العسكرية التى أحنت له الرؤوس فى حركة لا يدرى أحد الى الآن ان كانت حركة اذعان تامة أم أنها انحناءة لرياح الثورة العاصفة .. الا أن المؤكد أن مصر قد وصلت بالفعل الى مربع التغيير الحقيقي وليس أمامها أي خيار آخر للتراجع وقد هتفت مع رئيسها الجديد فى ميدان التحرير و جامعة القاهرة .. .. ثوار ثوار حنكمل المشوار .. E:mail: ellogman@ yahoo.com