ما من دولة تشبه الصين في التعلق بموروثها الشعبي خاصة المحكي منه -فالألسن كانت السباقة دائما في التوثيق ونقل الخبرات على مر القرون- حتى عندما طور البشر الأبجدية وما تبعها لم يؤثر ذلك في قيمة الإرث الشفهي وتعلق الناس به والحيز الذي يتمتع به في الثقافة والحياة عموما. الحديث عن الصين يستدعي بالضرورة التطرق لحضارة ومجتمع ظلا ناشطين منذ خمسة آلاف سنة أو يزيد – اتصلت فيها المراحل في حراك تاريخي امتلك الصينيون القول الفصل فيه على عكس دول أخرى واجهت استحقاقات الغزو والحروب والهجرات وعلاقات القوى فتغيرت وجهتها تماما - ونقصد القطع التام مع التاريخ والإرث المحليين. آلاف السنين لامس فيها الصينيون الحياة من أكثر من زاوية وأداروها ذاتيا، وعندما اكتشفوا العالم الخارجي أو اكتشفهم كانوا قد قطعوا الشوط اللازم لتبلور رؤيتهم الخاصة للحياة. جرب الصينيون كل شيء، طرقوا كل الأبواب، اخترعوا الورق، اهتدوا إلى نبتة الشاي فزرعوها وابتدعوا الطقوس المصاحبة لشربها إجلالا للطبيعة وخيراتها، دنوا من الطب، جعلوا الطبيعة ، حفزوا الجسم البشري على المبادرة والتعرف على قدراته في مكافحة الأمراض ومقاومتها، فكانت الخريطة العصبية للجسم أعظم اكتشاف في عالم الطب التقليدي القديم ولا تزال، ويكفي انتشار العلاج بالإبر وثقة ملايين المرضى فيه . سبق الصينيون اليونانيين القدماء في نسج الأساطير باعتبارها أول المعرفة واللبنة الأولى لفهم الطبيعة وقواها الخارقة وما يقف خلفها، استخدم الصينيون الأسطورة لنشر الحكمة وإثراء مصادر الإلهام، نمثل هنا بالتنين، أفعى أو حيوان لا وجود له، لم يكتف أهل الصين باختراعه بل أجروا على لسانه ورسمه وشكله حوارات ومعارف وتقاويم يصعب حصرها. الفلسفة كانت حاضرة أيضا عبر معلمين مثل بوذا وكونفوشيوس وتعاليمهم التي تحث على الخير والتسامي والتفاني في العمل والجد فيه، أطر الصينيون العمل وفروا له كل ما يحتاجه من قيم وثقافة، نظروا له، أفردوا لهم معظم تراثهم من أساطير وأمثال وحكم، كان العمق حاضرا في كل مثل قيل والحاجة للتفكير فيه فرض عين على السامع. أترككم مع هذه القائمة من الأمثال والحكم الصينية نقلا عن موقع على الانترنت، مع دعوة للتفكر فيها وقراءتها أكثر من مرة والتدبر فيها لأنها خلاصة تجربة عريقة قد يختلف الناس حول الاحتفاء بها لكنهم لن يختلفوا حول نتائجها. إليكم الأمثال والحكم الصينية: -الابن الذي يبكي أمه هو وحده الذي يضحكها. لا تستخدم الفأس لإزالة ذبابة عن رأس زميلك. أن تكون على حق، لا يستدعي رفع صوتك. شيء واحد تسهل عليك إثارته، ويصعب إيقافه عند حد، إنه الإشاعة الكاذبة. إن الماء الذي يأتي من مكان بعيد لا يستطيع أن يشارك في إخماد الحريق القريب. - من يذهب إلى المحكمة يكسب قطة ويخسر بقرة. -فلتكن قوسك مهيئة ولكن من أجل إطلاق السهم. -قد يجد الجبان ستة وثلاثين حلا لمشكلته لكن لا يعجبه سوى حل واحد منها وهو الفرار. -البيت الذي تزاول فيه الدجاجة عمل الديك يصير إلى الخراب. -النساء كالحكام، قلما يجدن أصدقاء مخلصين. -من كان لي معلما يوما غدا لي صديقا دوما. -ليس من أغراك بالعسل حبيب بل من نصحك بالصدق عزيز. -لا تتخذ تمساحا صديقا وإن سالت منه الدموع .