لا أود ذكر اسمه لا خوفاً من أن يقسمه الهواء (ما بجيب اسمو الهوا بقسمو) ولكن لأسباب لا داعي لذكرها، أحد الإخوة الإعلاميين العاملين في فضائية عربية شهيرة، تجمعني به شبه صداقة، وجهت له انتقادات على حائطي في الفيس بوك على تقرير أعده عن حرب هجليج. التقرير حمل معلومات عسكرية تقع ضمن تصنيفات الحرب النفسية، منسوبة لمصادر مجهولة، تتحدث عن اقتراب قوات الجيش الشعبي من كادوقلي على بعد عشرة كيلو متر، وأن الجيش السوداني مني بهزيمة عسكرية غير مسبوقة في تاريخ الحرب السودانية!! حاولت ما استطعت أن أنقل له ملاحظاتي النقدية، بهدوء واحترام، الرجل لم يحتمل ما قيل، هاج وماج، وشرع في شن حرب إسفيرية حشد لها الأصدقاء والحلفاء تستهدف إعاقتي معنوياً. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مناقشاتنا باعتبارها حرباً إعلامية ضروساً، تستهوي القراء والمتابعين. وظلت الاحتكاكات بيننا متقطعة وفي فترات متباعدة ولكن ظللنا في قائمة الأصدقاء في الفيس بوك على قواعد الحرب الباردة! في الاحتجاجات الأخيرة واصل الرجل ذات الأسلوب الذي ابتدره في أحداث هجليج ولكن هذه المرة بطريقة فاجرة تسئ للمهنية وسلامة الذوق، تهويل وأكاذيب ودعائية فجة، فمن موقعه داخل القناة تحرك كناشط سياسي (أشتر) يعبث بابسط قواعد العمل المهني، تحركه الرغبات لا الحقائق والأمنيات لا الحيثيات. يضيف بروميد البوتاسيوم للأخبار لتأخذ حجماً أكبر ليخدع المناصرين. فهو في القناة يؤدي مسرح الرجل الواحد (المونودراما) وهي في تعريفها (مسرحية يقوم بتمثيلها ممثل واحد يكون الوحيد الذي له حق الكلام على خشبة المسرح. فقد يستعين النص المونودرامي فى بعض الأحيان بعدد من الممثلين، ولكن عليهم أن يظلوا صامتين طول العرض وإلا انتفت صفة "المونو")!! صاحبي في القناة، هو جالب أخبار المظاهرات وكاتب التقارير، ثم يجلس مساءً على مقعد التحليل، محكماً ربطة عنقه، مرتدياً ابتسامة محايدة، يتحدث كمختص في الشأن السوداني!! يتحدث عن مظاهرات غاضبة تقترب من القصر الجمهوري بالخرطوم، ثلاثة أيام والخبر معلق على شاشة القناة، صاحبي لا يرخي ربطة عنقه!! وصاحبي يجلس على مقعده المريح، تحت التكييف المركزي، مستنعماً بخيرات تلك الدولة الخليجية، وأمامه صناديق المارلبورو، وكوب الكبتشينو يفور ويهدى، ومن على اللاب توب يريد إنجاز مهام الثورة السودانية كأنه يمارس لعبة مثيرة على البلي استيشن!! رغم سذاجته فهو أشجع من غيره لأنه يضع اسمه الثلاثي كاملاً ولا يختبئ خلف الأسماء الكودية (قهران وحران ومغبون).. والسؤال يخرج مترنحاً لأولئك، كيف تستطيعون إسقاط نظام تعجزون حتى من مواجهته باسمائكم الحقيقية..!! السلوك الإعلامي للحكومة هو الذي يوفر مناخاً صالحاً لظاهرة الأشباح الإسفيرية ولتجار الشائعات.. سلوك دس الرؤوس في الرمال والإنكار المطلق وفرض الرقابة والتحكم في النشر.. هذا يجعل الصحف ضعيفة المصداقية قليلة التأثير!! صاحبي أعلن قبل أيام مهدداً ومتوعداً بأنه سيقوم بإلغاء صداقته في الفيس بوك مع أي شخص لا يتماشى مع خط الثورة ولا يغني مع الكورال!! أحد الأصدقاء المناصرين له أصابته الدهشة فعلق: (يا فلان لماذا أصبحت لغتك تشبه لغة نافع)؟!! صاحبي مناضل يحمل ذات الخصائص والسلوكيات التي ينتقدها في حاكميه، الصور نفس المشاهد، عدم احتمال الرأي الآخر وقمعه بالإلغاء!! أمس حاولت الدخول على صفحته في الفيس بوك وجدت (اسمي محظوراً) وعرفت بأن الرجل قد قام بحظر كل من لا يعزف معه على السلم الخماسي، فلم أجد (لستك عربة) لأحرقه على أعتاب حائطه، احتجاجاً على فعلته تلك، فانسحبت سريعاً من الحائط قبل استخدام البمبان!!