نصحني أحد الإخوة بعدم الكتابة في هذا الموضوع مرة أخري مظنة اتهامي بالترصد والاستهداف الشخصي قلت له لم اعد اخشي الإسقاطات السالبة عل يما اكتب وإرسال الظنون السيئة لتبحث بين السطور وتحتها عن الدوافع الخفية والأغراض الباطنة وظلال المعاني! عليك ان تمضي بقلمك نحو الورق الأبيض دون أن تستصحب معك حسابات وتقديرات وظنون آخرين حتى لا تكتب علي طريقة ما يطلبه المستمعون. الشخص موضوع هذا المقال سبق أن حدثتكم عنه، اعرفه علي المستوي الشخصي واشهد له بالتهذيب والذوق وحسن التعامل ولكنه اختار لنفسه السير في الاتجاه الخطأ فهو ناشط سياسي يريد انجاز مهام حزبية علي حساب القواعد المهنية للإعلام! وكنا نخشي عليه من هذه اللحظة التي يضع فيها قدمه العجلي علي لغم فيصيبه الانفجار بتشوهات لا تنفع معها كل عمليات التجميل والترقيع وهذا ما حدث بالأمس. تذكرون قبل أيام أنني كتبت عن احد الإخوة الإعلاميين العاملين في فضائية عربية شهيرة تجمعني به شبه صداقة وجهت له انتقادات علي حائطي في الفيس بوك علي تقرير أعده عن حرب هجليج. التقرير حمل معلومات عسكرية تقع ضمن تصنيفات الحرب النفسية منسوبة لمصادر مجهولة تتحدث عن اقتراب قوات الجيش الشعبي من كادوقلي علي بعد عشرة كيلو مترات وان الجيش السوداني مني بهزيمة عسكرية غير مسبوقة في تاريخ الحرب السودانية!! حاولت ما استطعت ان انقل له ملاحظاتي النقدية بهدوء واحترام الرجل لم يحتمل ما قيل، هاج وماج ، وشرع في شن حرب اسفيرية حشد لها الأصدقاء والحلفاء تستهدف إعاقتي معنوياً..! في الاحتجاجات الأخيرة واصل الرجل ذات الأسلوب الذي ابتدره في أحداث هجليج ولكن هذه المرة بطريقة فاجرة تسيء للمهنية وسلامة الذوق تهويل وأكاذيب ودعائية فجة فمن موقعه داخل القناة تحرك كناشط سياسي (اشتر) يعبث بأبسط قواعد العمل المهني تحركه الرغبات لا الحقائق والأمنيات لا الحيثيات. يضيف بروميد البوتاسيوم للأخبار لتأخذ حجماً اكبر ليخدع المناصرين!! هذا ما قالته في السابق ولكن بالأمس وضع الرجل رجله علي اللغم، حينما التقط بخفة غير محتملة خبراً من الأسافير مصدرة اسم مجهول (جكسا لرصد الانتهاكات)، جاء في الخبر (علي عثمان ينجو بأعجوبة من الجموع الغاضبة بكوستي تحت حماية إعداد كبيرة من عناصر الشرطة والرباطة، غادر إستاد كوستي بدون سابق إنذار بعد هتافات داوية ضد النظام عمت الإستاد). صاحبي نقل خبر جكسا الي شاشة قناة العربية، وانطلق الخبر في الفضاء بسرعة البرق لا سيما أنها جاء في قناة كبيرة. ولكن المفاجأة كانت أن علي عثمان لم يزر كوستي منذ عامين وأنه في يوم خبر جكسا المنقول علي العربية كان يخاطب دورة الانعقاد الرابعة لمجمع الفقه الإسلامي بقاعة الصداقة بالخرطوم. حرج بالغ أصاب قناة العربية من بث الخبر الجكساوي رغم ذلك استنكفت عن تقديم اعتذار وتصويت من قبلها وطالبت مكتب النائب الأول بالنفي لأنها تريد تطبيق قاعدة مهنية بأن كل خبر لابد له مصدر، ولأن جكسا مصدر مجهول يستحيل الرجوع إليه! العربية تتساهل في قواعد البحث والتدقيق في نقل أخبار جكسا وشواطين ولكنها تتشدد في تصويت نفسها! قد ينصح البعض الحكومة بإغلاق مكتب العربية في الخرطوم ولكنها ستكون ارتكبت خطأ فادحاً لو فعلت ذلك. معظم التقارير الصادرة من المكتب تلتزم قواعد المهنية ولكن في مطبخ دبي التحريري يوجد شخص يدير ملف السودان لا يفرق بين الملح وسم الفيران!. من المهم منح مكاتب القنوات الفضائية المحلية والأجنبية الحرية في الحصول علي المعلومات والصور، فإذا منعت المعلومات ستزدهر الإشاعات وإذا حجبت الكاميرات ستنشط الموبايلات وتروج بضاعة الصور المفبركة!. الحكومات التي تخشي من فتح الأنوار ومن الصور والكلمات إذا لم تمت برصاص العدو سيصيبها الظلام والغبار بالربو والسعال الي أن تقضي نحبها!. نقلا عن صحيفة السوداني السودانية 19/7/2012م