السيد بيركيت سيمون وزير الإعلام والإتصالات الإثيوبي رجل مثقف وذكي جدا. قررت مجموعتنا الصحفية الإفريقية في القمة تسجيل زيارة له. الوفد مكون من عمر فاروق (الصومال) رئيس الفيدرالية الأفريقية للصحفيين وعضو المكتب التنفيذي للإتحاد الدولي للصحفيين وجبريل باغلو (توغو) مدير مكتب أفريقيا للإتحاد الدولي للصحفيين وفوستر دونغوزي نقيب صحافيي زيمبابوي وشخصي الضعيف مع أنني حضرت للقمة بوصفي كاتبا صحافيا وليس ممثلا لأية جهة، واعتقد أن فوستر مثلي ولكنها كانت مصادفة طيبة. ليست هي المرة الأولى التي التقي فيها هذا الرجل ... في العام الماضي طلبت زيارته وأخرت سفري وفعلا ظفرت بساعة كاملة كتبت عنها مقالين من قبل. الرجل ينتقد مذهب "الليبرالية الحديثة" من منصة الديموقراطيين الثوريين الأحرار وله في ذلك حجج قوية ويتحدث عن ديموقراطية في السياق الوطني المحلي وحريات متوائمة مع الثقافات المحلية. كيف لا وإثيوبيا البلد الوحيد الذي فشل الإستعمار الأوربي في دخوله وظل مستقلا. النقاش مع السيد بريكيت كان عن عدة أمور ومن أبرزها مطالبة الفيدرالية الإفريقية وبقية المنظمات بإطلاق سراح صحافيين سويديين وهما مارتين سشيبي وجوهان بيرسون، أكملا حتى الآن سنة في السجن من أصل (أحدى عشرة سنة!) قضت بها المحكمة الإثيوبية. وتتلخص القصة في تسلل الصحفيين عبر الحدود بطريقة غير شرعية وذهابهما لمنطقة الأوغادين ولقائهما بالحركات المسلحة بغرض إجراء تغطيات صحافية حسب ما ادعيا. لم ينفعهما الإنتماء لأوربا ولا الإدانات الدولية من هيومان رايتس ووتش ولا أمنستي إنترناشنول ولا أي شيء ... مضت المحاكمة حسب القانون وعندما ظهرت بعض الإحتجاجات لصالح الأوربيين في البرلمان الإثيوبي قال لهم رئيس الوزراء ملس زيناوي ... هل تريدون تمييزهم أمام القانون (هل دماؤهم لونها مختلف؟!) الكيانات الأفريقية التي نمثلها أيضا شاركت في الإدانة ولكن بريكيت حرص على فتح بابه والمناقشة وقال أحيانا نكون ضحية للنقد الإعلامي ونلام على فعل الشيء الصحيح الذي يجب أن نقوم به. عندما نضبط افرادا لا يمارسون الصحافة إنما تقويض النظام الدستوري ونقدمهم للمحاكمة يقال أننا أخطأنا. هل الصحافة تمنح الشخص الحق في فعل أي شيء؟! هل تمنحه الحق في القتل أو المساعدة في القتل؟! هل من ينتحل صفة الصحافة فوق المحاسبة وفوق القانون؟! هل الصحفي مستثنى من مبدأ سيادة القانون؟! وافاض في حديث فلسفي بسيط عن المعادلة بين السيادة والحريات! تغيرت لهجة المتحدثين واتحدت في مطلب واحد وهو إلتماس العفو للصحفيين السويديين والإثيوبيين الذين حوكموا معهم. إلتماس العفو مع إحترام الأحكام التي صدرت. وعد الرجل بدراسة هذا الطلب والرد عليه حالما تتوصل الحكومة إلى رأي حوله. طلب مني التعليق وقد كان ذهني مستغرقا في قصص مشابهة وبيانات سودانية مشابهة ... وصحافيون أفلحت مناشادات إتحاد الصحفيين بقيادة الدكتور تيتاوي في المساهمة في إطلاق سراحهم وآخرون أكملوا مدتهم وخرجوا إلى رحاب الحرية (أبوذر 3 سنوات، أشرف سنة، أبوجوهرة سنة، السبكي، فاطمة غزالي، منى أبوالعزائم، أمل هباني ... الخ) كان تعليقي هو عزيزي سيد بيريكيت أن الخلاف الذي حدث والمناقشة هذه والعفو الذي نرجوه ونتوقعه من حكومتكم ... لبنة من لبنات بناء المعادلة التي ذكرتها .. لبنة في معادلة أفريقية في السيادة والحريات.