تحت هذا العنوان يتداول كثير من الشباب بالبلدان العربية عند إطلالة شهر رمضان عبر المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ، يتداولون قائمة للمساجد التي يؤمها أئمة لهم أصوات جميلة ومميزة في ترتيل القرآن الكريم والقراءة بالجزء ليختمون القرآن مع نهاية الشهر الكريم في خشوع وتدبر . تذكرت هذا الحدث خلال مروري بالأمس بشارع الستين مقابل ضاحية المنشية بالخرطوم ، وكنت في طريق العودة من مشوار " طاريء " صادف صلاة التراويح فوجدت الشارع مغلقاً تماماً بأعداد كبيرة من المصلين يفترشون الأسفلت عند مسجد سيدة السنهوري بالمنشية وأرتال من السيارات تحف المكان ، وكان صوت الشيخ الزين محمد أحمد ينطلق عبر مكبرات الصوت وهو يشدك إليه بترتيله الجميل ليملأ المكان خشوعاً وإنصاتاً . هذا المشهد أعاد الى ذهني مسجد الراجحي بالمملكة السعودية الرياض والذي يطلق عليه البعض مجازاً " حرم الرياض " حيث يتوافد إليه جمع من المصلين لأداء صلاة التراويح لساحاته الفسيحه وتلاوة إمامه الخاشعة . وكذلك جامع الملك خالد " بأم الحمام " والذي يؤم المصلين فيه أحد أئمة الحرم المكي الشيخ عادل الكلباني ذو الصوت الفريد المميز في تلاوة القرآن . وفي ظني أن هذا ليس بدعة قال تعالى ( ورتل القرآن ترتيلا ) وقد وجد النبي (صلى الله عليه و سلم) أن القرآن الكريم يحتوى على طرب وجداني من خلال الإعجاز الذي يفوق قدرة البشر فأمر الصحابة الكرام أن يحسنوا أصواتهم بالقرآن وأن يتغنوا بتلاوته، مع الحرص الشديد على الالتزام بأصول القراءة الصحيحة التزاماً تاماً. وورد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع أبا موسى الأشعري يتلو القرآن بصوت حسن ويتغنى به فقال عمر لمن حوله: من استطاع أن يتغنى بالقرآن غناء أبى موسى فليفعل. وكان الرسول (صلى الله عليه و سلم) يحب أن يسمع القرآن من الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود لجمال صوته وعذوبته والتزامه بقواعد التلاوة الصحيحة، فقال له ذات يوم: (يا ابن مسعود اقرأ على القرآن) ، قال يا رسول الله: أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال (صلى الله عليه و سلم): (إني أحب أن أسمعه من غيري) فتلا عليه ابن مسعود سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا }. فبكى رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بكاءاً شديداً لأنه المقصود بهذه الآية. فالقرآن جميل يزيد من جماله تلاوته بصوت حسن، وليس المقصود بالتغني بالقرآن أن يخرج القارىء عن القواعد الأساسية في تلاوة القرآن، وأن يقرأ حسب هوى صوته وإرضاءاً لبعض الناس، ولكن للتغني بالقرآن أحكام وضوابط فالممدود لها درجات والوصل له حكمه و للوقوف حكمه، وكذلك الترقيق والتفخيم. وقد وضع علماء القراءات ضوابط وقواعد ملزمه لمن أراد أن يقرأ القرآن بطريقه صحيحة، فالألحان والمقامات الموسيقية كالصبا و السيكا و النهاوند والرصد والبياني وغيرها لا تخرج اللفظ عن وضعه الطبيعي، فهي ألحان خالية من الإيقاع تسمى الألحان المرسلة. ووضعت هذه القواعد حتى لا يخرج القارىء عن المنهج القويم وحتى لا يبتعد بألفاظ القرآن عن صيغتها السليمة بإدخال حركات زائدة تغير معنى الكلمة، أو إخراج حركات تؤثر على معنى كلمة أخرى.. فللقرآن موسيقاه الداخلية و ضوابطة المتقنة الدقيقة وله أصول أوضحها علماء القراءات، وهذا سر الإعجاز الذي لا يستطيع الإنس ولا الجن أن يأتوا أبدأ، ولو كان بعضهم لبعض ظهير. ولجمال القرآن انبهر الجن لما سمعوه { فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا {1} يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} . وقد افتى بعض الشيوخ بجواز الذهاب إلى مساجد بعيدة لأداء التراويح مع إمام لأن صوته أحسن وأنه يخشع لقراءته ويستفيد فلا بأس، ولو كان بعيداً عن بيته، لكن يحرص على أداء الفريضة أن لا تفوته . ماسمعت من تلاوة جميلة للشيخ الزين بمسجد سيدة السنهوري إن صح أن نطلق عليه " حرم الخرطوم " مجازاً ، جعلني أفكر في موسم الهجرة الى المساجد خلال هذا الشهر الفضيل إن توفر الوقت الكافي لإدراك الفريضة . وللشباب حق في سؤالهم المطروح عبر المواقع الالكترونية أين تصلي التراويح هذا الشهر ؟