الصحافة الأمريكية كانت مشغولة الأسابيع الفائتة بمعركة "الحوت الأبيض" وهو التعبير الذي استخدمه آلان بوزيل من مجموعة "ماكلاتشي" كتعبير مجازي عن الرئيس عمر البشير. حيث وضع آلان الممثل جورج كلوني بدقة في شخصية القبطان أهاب في رواية موبي ديك. وتحكي الرواية قصة القبطان الذي قضى حياته عبثا في مطاردة حوت أبيض ضخم لقتله وذلك لأن هذا الحوت هزمه وكسر ساقه في مطاردة سابقة. تجسد رواية هيرمان ملفل "موبي ديك" حالة من "المونومينيا" وهي "جنون العدو الواحد" وهو مرض نفسي يحدث عندما تسيطر على الشخص أو مجموعة من الأشخاص معاداة شيء محدد للدرجة التي يتم تكريس الحياة فيها لهذه العداوة مع إلغاء أي مشاعر أخرى... وهنا يكمن ذكاء بوزويل الذي يرى أن اللوبي المعادي للسودان لا يرى كل المذابح والمآسي جنوب السودان إنما شماله فقط حيث الحوت الأبيض عمر البشير. المونومينيا بعمر البشير التي أصابت مجموعة برندرقاست وغيره من سياسيي وصقور كونجرس وولف و(المتوفي باين) وغيرهم حقيقة لا تشبه إلا مطاردات أهاب الفاشلة في موبي ديك. الكاتب الأمريكي هيرمين عاش صباه في أيام حرب التحرير من الاستعمار الإنجليزي وقد كان جده أحد قواد التحرير ولكن يكمن السر أيضا في أن أحد القادة الذين هزمهم جده هو الجنرال جون بورقويني وهو من أعند قادة الجيش البريطاني ضد الثوار الأمريكان وشخصيته لا تشبه إلا القبطان أهاب. حقبة هيرمان مؤلف موبي ديك انطبعت بحروب السنوات السبع التي كانت الثورة الأمريكية من ضمنها... وهي سلسلة من الحروب تتبعها الناس وشغلتهم في ذلك الزمان مثلما تتبعنا حروب الخليج وجنوب لبنان وأفغانستان وغير ذلك. المهم أن مقال آلان بوزويل "لوبي الدولة الفاشلة" والذي بلغ 2,300 كلمة لم تجرح منه كلمة مجموعة كفاية وانقذوا دارفور وظهراءهم في الكونغرس وغيره، سوى كلمة "الحوت الأبيض"... وجاء رد اللوبي عبر مقال جوناثان هيوستون والذي حمل عنوان... ألان بوزويل وحوته الأبيض... ودافع المقال دفاعا مستميتا عن جورج كلوني "النجم الأكثر إثارة جنسية" حسب التصنيف الأمريكي لا ينافسه إلا "مات ديمن" صاحب أبذأ أغنية مع "سارا سيلفرمان" (...) المهم أن المقال مجّد كلوني وقال إنه زار السودان ست مرات وأصيب بالملاريا مرتين..! كفارة والله ولكن... من المعروف أن أصحاب الزيارات القصيرة للسودان ولجنوبه يتعاطون "حبوب وقاية" وأن الملاريا عادة لا تصيب إلا الذين يقيمون لفترة أطول... المهم أن مشاعر كلوني الإنسانية لم تتبد بالقدر الكافي وذلك لأنه قرر بعد ست زيارات وملاريتين أن يتبرع بسيارته والتي لا تتعدى قيمتها 200 ألف دولار وهي سيارة مستعملة في النهاية، في حين أنه يكسب في الفيلم الواحد 20 مليون دولار هذا غير ما يكسبه من إيجار المعدات والأستديوهات والآليات... ويقال إن دخله ودخل شركاته يصل إلى 50 مليون دولار في الفيلم الواحد... بمعنى أنه لو تبرع بنصف فيلم لاستردت جبال النوبة العافية جبلا جبلا..! بالمناسبة هذا غير دخل الدعايات والظهور في الحفلات العامة... مجرد قبول الدعوة في افتتاح منشأة والابتسام أمام الكاميرات وتسبيل العيون للمعجبات... بالشيء الفلاني... تقول لي سيارة مستعملة يا سيد كلوني.