تنتشر في ولايات البلاد ما يقرب من ألف وكالة سفر وسياحة، ورغم هذا العدد الكبير جداً الذي يفوق عدد الوكالات في اكبر البلدان السياحية في العالم، التي تعتمد على السياحة اعتماداً تاماً كمصدر رئيس لاقتصادها القومي، إلا أن نشاط أغلب هذه الوكالات في السودان مازال قاصراً على بيع تذاكر السفر، والحجوزات، وخدمات الحج والعمرة باستثناء عدد قليل جداً من وكالات السفر والسياحة في ولاية البحر الأحمر التى تقوم بتنظيم خدمات سياحة القوص رغم أن كل تراخيص الوكالات ولافتاتها تحمل مسمي وكالة السفر والسياحة. تعتبر وكالات السفر والسياحة رأس الرمح والركيزة الأساسية للتنمية السياحية في أي بلد، وذلك من خلال اهتمام الوكالات بالسياحة الداخلية والسياحة الاجنبية "الوافدة" والسياحة البينية مع البلدان المجاورة من خلال إقامة القرى والمعسكرات والمنتجعات السياحية، وتنظيم رحلات شاملة مبرمجة للمناطق السياحية والمواقع الأثرية والتاريخية وغيرها من الأماكن البارزة والمميزة التي تعتبر مقاصد سياحية مهمة كالغابات، والبحيرات، والسدود، والجزر والجبال، والشلالات، والصحاري، ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. تعتبر فترة الاعياد والعطلات بالنسبة للمؤسسات التعليمية، وجمهور السودانيين العاملين بالخارج، والأجانب المقيمين بالداخل، والاتحادات المهنية، والجاليات الأجنبية، وجمهور المواطنين، سانحة طيبة بالنسبة لوكالات السفر والسياحة لتقوم بتنظيم رحلات شاملة ومبرمجة للمناطق السياحية، والمواقع الأثرية والتاريخية وغيرها باعتبار أن تنمية وتطوير وإزدهار حركة السياحة الداخلية أمر في غاية الأهمية بالنسبة للتنمية السياحية بصفة عامة، حيث تمثل السياحة الداخلية الركيزة الأساسية للتنمية السياحية في أي بلد، ولا يعقل أن تدعو سياحا أجانب لزيارة البلد وأنت لا تعد دارك وتوفر كل الخدمات المطلوبة بالنسبة للسياحة الوافدة مثل وسائل المواصلات الحديثة، ومنشآت الايواء، وخدمات الطرق البرية، والتسهيلات المتعلقة بدخول البلاد، والتحرك في ربوعها. لقد شهدت بلادنا خلال العقدين الماضيين تطوراً كبيراً وملحوظاً في مختلف المجالات، خاصة البنيات الأساسية اللازمة للتنمية السياحية، من طرق برية معبدة ربطت كل أقاليم البلاد، بل امتد بعضها الى بعض البلدان المجاورة، وهناك تطور ملحوظ في خدمات الاتصال، والمياه، والطاقة، ووسائل النقل البري من اتوبيسات حديثة ومركبات أخرى، وبالتالي أصبح الوصول إلى المناطق السياحية والمواقع الأثرية والتاريخية، ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية أمراً يسيراً، مما يساعد الوكالات الجادة في تنظيم رحلات وزيارات ميدانية للمناطق السياحية خلال الاجازات، وعطلات الأعياد، باعتبار ان القطاع الخاص السياحي السوداني كان ومازال الرائد في تشييد وإقامة معسكرات وقرى سياحية على صعيد العالم العربي والافريقي، خلال فترة الخمسينات والستينات حينما كان يهتم بالسياحة الداخلية والأجنبية، فاقام القرى والمعسكرات السياحية في الجنوب وجبل مرة، ومحمية الدندر، وجبل الأولياء والبجراوية، ودبك، وخور أم جر، ومنطقة الشلال السادس بالسبلوقة، وذلك في ظروف صعبة وقاسية، تعاني من إنعدام الطرق البرية المعبدة، مضافاً إلى ضعف خدمات الاتصالات، والطاقة، والمياه،والخدمات الصحية، وغيرها. وعليه نأمل ان يطل علينا عيد الاضحى القادم وقد شهدت البلاد تطوراً ملحوظاً في مجالات السياحة الداخلية، والأجنبية والبينية، وأن أغلب وكالات السفر والسياحة في العاصمة القومية والولايات تعمل في كل المجالات السياحية التي تشير إليها لافتاتها، ومطبوعاتها والتراخيص الصادرة بشأنها، واللوائح التي تحدد وتنظم أنشطتها ومهامها، ونرجو من أجهزة السياحة الرسمية على مستوى المركز والولايات تكريم وتحفيز الوكالات التي تهتم بالسياحة الداخلية والوافدة في آن واحد، وذلك من خلال الاحتفال باليوم العالمي للسياحة في كل عام، من أجل تشجيع وحث واستقطاب الآخرين لولوج النشاط السياحي في مجالاته المختلفة كما هو مطلوب، مثل تنظيم الرحلات السياحية الشاملة والمبرمجة، وإقامة القرى والمخيمات والمنتجعات السياحية، وإقامة المعارض وتنظيم الأحداث السياحية المختلفة كالمهرجانات والسباقات، وأعياد الحصاد والانتاج وغيرها من الأحداث الجماهيرية الشعبية التي تعمل على تفعيل وتحريك كل المنشآت والمؤسسات والصناعات المتصلة بالسياحة. ونأمل أيضاً أن يطل علينا العيد القادم وقد شهدت بلادنا إيجاد كل الآليات المنظمة للنشاط السياحي في البلاد، بدءاً من تكوين مجالس تنمية وتطوير السياحة في الولايات، حتي يبدأ النشاط السياحي من القاعدة مروراً بتكوين المجلس الأعلى للسياحة كآلية قومية تنسيقية تخطيطية، وإنتهاءً بقيام الهيئة القومية لتنشيط السياحة، للقيام بالترويج الفاعل للسياحة السودانية، مع إكمال كل التشريعات السياحية المطلوبة كإصدار لوائح للارشاد، والنقل السياحي والصناعات التذكارية، وخدمات الطرق البرية، وحماية المناطق السياحية ومن عند الله التوفيق. عثمان إبراهيم محمد خبير سياحي مدير سابق لإدارة الرقابة السياحية.