المضحك في المشهد المصري أن غلاة السلفيين في مصر وغلاة العلمانيين فيها توقفوا بملاحظاتهم فقط عند لقاء الرئيس المصري محمد مرسي عند حدود التساؤل والتعليقات حول قبول السيد مرسي الجلوس قبالة السيدة كريستسين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي وهي ترتدي ملابس تنحسر عن ركبتيها بقليل!! البعض تساءل لماذا لم يلفت رجال المراسم المصريين نظر السيدة لاغارد الى قصر ملابسها وضرورة معالجة ذلك قبل انعقاد الاجتماع بينهما؟ (هكذا قال السلفيون)، اما سخرية العلمانيين فقد تساءلوا لماذا لم تقترح المراسم على الرجل شد ستارة بينهما وادارة الاجتماع من وراء حجاب؟؟. بالطبع السيد محمد مرسي ما كان ليلتفت وهو في هذه الظروف الاقتصادية البالغة التعقيد الى ماذا كانت ترتدي السيدة الاقتصاديه الأهم في العالم وهو يضع على طاولتها طلبا بالتمويل يتجاوز الاربعة مليارات دولار ثم ينتظر منها سماع شروطها للتمويل وهي شروط ستذهب بوعود الاخوان الانتخابية بعيدا فيما يخص إحداث انفراج سريع في الضائقة المعيشية وخفض الاسعار وتوفير فرص للعمل للخريجين والشباب وذلك ببساطة أن أول شروط البنك الدولى لتوفير هذا القرض هو خفض الإنفاق العام والالتزام ببرنامج تقشف شامل ورفع الدعم عن الوقود وتعويم سعر الجنيه المصري حسب ما تردد في كثير من وسائط الاعلام المصرية. ليس هذا هو التحدي الأوحد الذي يواجه رئيس مصر المنتخب بل أن الرجل يتمدد بين أكثر من مطرقة وأكثر من سندان، واول هذه المطارق هي جماعة الإخوان المسلمين نفسها متمثلة في جمهورها العام الذي سيحاكم كل حركات مرسى وسكناته على أساس الشعارات والسقوفات الدينية التي تتحرك تحتها الحركة، ثم السندان الذي سيقع على ظهر الرجل بعنف هو سندان التيار السلفي الذي سينشط في التحرك والرقص على طول المساحة التي ستظهر بين أقوال جماعته الانتخابية وبين أفعاله الرئاسيه ثم تأتي مضايق ومزالق المعركة مع التيار العلماني الذي سيعمل أولا على دفع السيد مرسي لقبول شروط البنك الدولي بما فيه من فوائد ربوية ثم يطلق من وراء ظهره كل (صفافير) السخرية من الطرح الاخواني الذي رفض هذا القرض على ايام رئيس الوزراء السابق السيد كمال الجنزوري. وبعيدا عن هذه المطارق فإن التيار الليبرالي يتحزم ليقود معركة أخرى مع الرئيس مرسي وهي معركة الحريات المطلقة، حرية الصحافة والرأي والتعبير وحرية الفن والتمثيل والكتابة، وهي قضايا لا يجدي معها أي تعامل براغماتي طارئ أو تكتيكي عابر، لان هذا التيار في مصر تيار أكثر ركوزا وعمقا في الحياة المصرية سياسيا واجتماعيا وثقافيا وهو يشكل مظهرا من مظاهر الحياة العتيقة في مصر... نعم كلما تراجع السيد مرسي خطوات لارضاء هذا التيار سيزيد هذا التيار من تقدمه للإمام في اتجاه انزال مرسي من الطرف الخلفي للمسرح ثم يصفق منتصراً!! صحيح أن بعض هؤلاء يتغافلون على حقيقة أن الضغط الحاد على الإخوان في مصر قد يُنتج في داخلهم تيارا يفكر في خطف البندقية لحماية مكتسباتهم الانتخابية ولكن... المطلوب من مرسي الآن تفكير عبقري خاص يجعله يجيب على السؤال الصعب.. أيهما أولى بالمحافظة عليه.. انتصار الاخوان الانتخابي أم إبقاء المسرح الديمقراطي منتصبا حتى لو غادره الإخوان؟.