تحدث معي مستثمرون سودانيون عن الفرص في غرب إفريقيا .. أحدهم تحدث عن طلب شديد للأسمنت السوداني وبداية التصدير لتشاد بالرغم من أن سعر الأسمنت السوداني غالٍ ولكنه الأقرب لأسواق غرب افريقيا ... تحدث آخرون عن صناعة الإتصالات التي قطع السودان فيها شوطا جعله يمتلك ثلاث شركات هناك مع إمكانية غزو السوق بالكامل ... حديث عن الزراعة المطرية وعشرات المناطق التي تصلح (قضارف جديدة!) ... الطلب الشديد على المعاهد والمدارس العربية حيث يمكن للقبس وغيرها أن تذهب هناك وتلبي حاجة الجاليات العربية والإسلامية التي تتلفت ولا تجد إلا الفرنسية وكذلك الطبقة التجارية المنعشة في غرب أفريقيا والتي قررت التوجه نحو اللغة العربية والإسلام مع ولع شديد بالنسخة السودانية. سألت نفسي عن دور سفاراتنا هناك ... قفز إلى رأسي حادثة إنزال العلم السوداني التي تفرغت لها سفارتنا في تشاد و(قنصلها الهمام!) بدلا من أن تتفرغ لواجبها في رفع علم السودان عاليا فوق مئات الشركات والجامعات المدارس والمصانع؟! حدثني رجل الأعمال بدر الدين محمد الأمين عن الشخص المستهدف في هذه الحادثة وهو رجل اعمال سوداني ابن بلد من مدينة الدويم اسمه فتحي عنبر يتولى تمثيل المؤتمر الوطني في غرب إفريقيا وفق خطابات رسمية وأن داره مفتوحة لكل السودانيين القادمين للنيجر ... حتى عندما يتغيب للسفر للخارج تبقى داره مقصودة للسودانيين ... وأنه يقيم إقامة شرعية في النيجر وعدد من دول غرب أفريقيا للدرجة التي سمي (فتحي غانا) لوجود أعمال له في غانا ..! وعلمت من بعض رجال الأعمال أيضا أن سلطات النيجر طلبت من القنصل الحديث مع الجهة التي منحت الخطابات لهذا (المتهم برفع العلم السوداني ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم!) وأن ينزع منه حزبه صفة التمثيل لتقوم هي بإنزال العلم بعد ذلك! انظروا لتعقل وحكمة سلطات النيجر مقارنة بالخطأ الشنيع الذي وقع فيه القنصل السوداني. قرأت الخبر قبل إسبوع وظننت أن القنصل السوداني في تشاد (آدم أبكر) سيوضح الأسباب والملابسات ... ظننت أن السفارة ستنفي القصة من الأساس أو تثبتها وتقدم تبريرات للفعل الذي قام به القنصل. مرت الايام ولاذ القنصل والسفارة بالصمت ... ومما جعل الأمر أكثر قربا لإتهام رجل الأعمال أن تصرف القنصل وراءه دوافع شخصية ... أن بعض السودانيين قالوا أن هنالك شخصا معارضا للعلم السوداني وهو الذي سعى لهذه الأزمة الغبية القبيحة التي لا تشبه السودانيين ..! عموما ... هنالك قاعدة منطقية جدا وهي أنه ما أن تسمع بتصرف غريب يقوم به شخص مسئول فهذا يعني أنه (غلبو شغلو) وإتجه إلى معارك وضوضاء جانبية. ويعزز هذا الإفتراض ألا تسمع منه أي تفسير مقنع لتصرفه الغريب ... وعندها تتضح الصورة تماما أنه شخص يملك (السلطة) ولكنه لا يملك الفهم والحكمة لإستخدام هذه السلطة. الأدهى والامر أن القنصل آدم أبكر لم يشتك للمؤتمر الوطني ولا حتى الخارجية من هذا العلم الذي يضايقه كما لم ترد شكوى من السودانيين أو أية دولة غرب أفريقية من السيد عنبر..! يبقى السؤال المشروع ... ما هي دوافع القنصل في مواجهة رجل الأعمال فتحي عنبر؟