قضايا الفساد .. من متون الأوراق إلى حواشي الخطابات علي عثمان طه: لسنا ممن يضيق صدره من النقد عثمان كبر: وأهم من ظن أن الإعلام سلطة رابعة بل تعداها د.حسن عابدين: البرلمانات تراقب بلا أسنان تعض، وبلا يد تبطش مسار يتعهد بثورة إعلامية جديدة تعتمد على المكاشفة والحرية الفاشر: د.أنور شمبال أجمع المشاركون في ملتقى الفاشر لقضايا الإعلام الذي انعقد في حاضرة شمال دارفور الفاشر في الفترة (10 – 12) ديسمبر الجاري أن فكرة الملتقى عبقرية.. عبقرية في المضمون والتوقيت والمحل، وأنه مثل قلب للطاولة، طاولة دارفور التي تفرش عليها الأخبار المحزنة و المشؤومة فقط .. وحقاً وأهم من ظن أن الإعلام هو سلطة رابعة بل أصبح أكبر من ذلك كما قال والي شمال دارفور وصاحب الفكرة والمنفذ عثمان محمد يوسف كبر في فاتحة أعمال الملتقى، فسلطة الإعلام باتت تتمدد بلا منازع وكادت أن تصبح السلطة الأولى مع ثورات الربيع العربي التي تمور موراً. توحيد الخطاب الإعلامي فقد خرج الملتقى بجملة من التوصيات التزمت رئاسة الجمهورية بتنفيذها بلا استثناء. واحد من توصياتها ال(53) نادت بتكوين آلية خاصة لمتابعة التنفيذ.. ومن التوصيات: أن تعمل الدولة على توفير المزيد من الاستقلالية والحرية للوسائط الإعلامية، وأن تتيح فرصة قيام نظام إعلامي جديد تتكامل فيه وسائل الإعلام المملوكة للدولة والقطاع الخاص بما ينسجم مع المصلحة العامة ويكفل التنوع والتعدد، وتوحيد الخطاب السياسي تجاه القضايا التي تهم البلاد كافة، والسعي لإبراز الوجه الأجمل لدارفور المتمثل في الإبداع في المرحلة القادمة من خلال الإعلام، والتنسيق بين الأجهزة الإعلامية ومصادر المعلومات لتوضيح المواقف بشفافية، وتقوية الإذاعات الولائية لتوسعة دائرة البث لتصل كل أرجاء الولايات (وبخاصة ولايات دارفور)، وحماية حق الصحفي في المحافظة على مصادر معلوماته، وغيرها من التوصيات. الإعلام ليس منبتاً ولكن الحديث عن الإعلام لم يكن منبتاً عن الأوضاع التي ينمو فيها ويتعايش معها ولذلك فإن الإعلام يعني الحديث عن ما يعيشه الناس، ويمارسوه من أنشطة سياسية كانت، أواقتصادية، أواجتماعية، وقانونية أو طبيعية، وغيرها لأن الكل يتكامل لإنتاج ما يعرف بحياة الناس، الأمر الذي جعل النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه يركز في حديثه على قضايا بعينها ومنها أن يكون الخطاب الإعلامي معبراً عن إرث وثقافة الإنسان السوداني الإسلامية و مكوناته الاجتماعية واتجاهاته الجغرافية ومساهماً بصورة مباشرة فى حفظ وحدة البلاد وأمنها، كما أنه منح مساحة كبيرة للتحدث عن الكيفية التي يمكن التعامل بها حول ما يشاع عن قضايا فساد، والإفساد التي تثار في الصحف. طه: لن نرفض النصيحة وقال النائب الأول لرئيس الجمهورية(لن نرفض النصيحة، لسنا في موضع تلجلج لنخشى أن ندل على ضعف لنحيله إلى قوة، ولسنا ممن يضيق صدره من النقد إذا دل على مواقع الفساد بل سيوفنا مشرعة للقضاء على الفساد، ولكن استخدام قضايا الفساد بانصاف الحقائق واختزال القضية لإحداث بلبلة، وتصفية خصوم لأغراض شخصية أو حزبية أو كسب خاص، فهذه مسؤولية يحاسب عليها الله قبل أن يحاسب عليها القانون) أراد النائب الأول لرئيس الجمهورية إيصال رسائل مباشرة وغير مباشرة، ليس فقط لما ينشر في الصحف، بل هي أيضاً رسالة لما حملته أوراق العمل من جرأة في الطرح ومباشرة لمعالجة القضايا، والتي ناقشها الملتقى على مدى ثلاثة أيام وتلك المحاضرة التي لم تقدم، ودار حولها جدلاً كثيفاً وعتاباً بين القيادات في حكومة الولاية التي استضافت الحدث، والمركز، كما أن المحاضرة التي أعدها الأستاذ بجامعة الخرطوم د.حسن عابدين تحت عنوان (الشمال الجديد .. والجمهورية الثالثة: قراءة جديدة لتاريخ السودان المعاصر) وتم طباعتها ضمن أوراق العمل كانت وراء الرحلة المرتجلة التي نظمتها حكومة الولاية لشباب الصحفيين والإعلاميين بالمؤسسات الإعلامية العاملة إلى محليتي كبكابية، وسرف عمرة وقت كان مقرر لهم حضور فعاليات الورشة لأنها تعنيهم، وترك المجال للأكاديميين ووزراء الإعلام، والمسؤولين الحكوميين، ليتم تدارك موقف المحاضرة التي أوردت معلومات جريئة عن الوضع الماثل، ولأهمية هذه الورقة نورد بعض ما جاء فيها: وزراء كثر ككثرة النمل يقول د.حسن عابدين في ورقته إن الجمهورية الأولى (ويقصد بها الحكومات الوطنية للسودان الموحد) بحكوماتها المتعاقبة ووزاراتها المتلاحقة، ثم وزرائها الكثر كثرة النمل ، وذرات الرمل ، لم تحاسب أو تعاقب أو حتى تعاتب الفاسدين والمفسدين لا بالمساءلة أو الإعفاء من المنصب الوزاري أو الحزبي بالرغم من أن المحاسبة والشفافية كانتا وما برحتا أس الديمقراطية ومحورها. ويمضي مستطرداً : وكما يقال من يسكت عن الحق شيطان أخرس، فمن يسكت عن الفساد شيطان آخر ! لقد عرفت جمهوريتنا الأولى هذه عشرات لجان التحقيق في شبهات واتهامات الفساد والتقصير والإهمال فساد وتقصير القيادات والمؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة بدءاً بنتائج التحقيق الباكر في أخطر القضايا والأزمات والمحن الوطنية ( تمرد توريت فى أغسطس 1955م ) وانتهاء بفضحية خصخصة الناقل الوطني (الخطوط الجوية السودانية) وهو التحقيق الذي استعصي اجراؤه على مجلسنا الوطني ولكنه وللمفارقة ، تم على يد عضو مجلس إدارة الشركة نفسها ويا له من تحقيق يقف فيه الخصم حكماً !! غياب المؤسسية ويتابع د.حسن والآن تتعاقد في المعاش وبين الميلاد والكهولة عشرات قصص وحقائق الفساد ولجان التحقيق، وغيب الرأي العام تماماً عن نتائج أعمالها وتوصياتها ومآلات هذه التوصيات ونحسبها قابعة الآن فى أرشيف رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء وأضابير الخدمة المدنية. ومن نقصان جمهوريتنا الأولى غياب المؤسسية والمسؤولة الجماعية والتضامنية في إدارة الشأن العام، وإدارة جهاز الدولة، وظل قرارنا السياسي والاقتصادي والدبلوماسي بيد الرئيس يتخذه منفرداً وأحياناً من وحي اللحظة، وربما من ثنايا غضبة لحظة أو فرحتها، يتخذه منفرداً أو أحياناً بعد نصح أو استشارة يبذلها أحد أو بعض من رجال الرئيس أو أنصار حزبه أو حتى من حاشيته الملازمين الأصفياء وأحياناً يقولها من لا مكان له في خارطة الدولة أو أجهزتها الدستورية وبعض من هذا يتم حينها بالمبادرة والطوع نصحاً أميناً شجاعاً . قصور تشهد على الفساد أما برلماناتها فهي تراقب بلا أسنان تعض وتوجع، وبلا يد تبطش بالمقصرين، والمتقاعسين والمفسدين عقاباً لهم على أخطائهم وخطاياهم وفسادهم وثرائهم الحرام، وهو ظاهر بين تشهد عليه القصور المشيدة والفلل المزينة تسر الناظرين وتغيظ الفقراء والمساكين، وهي حقائق ترى بالعين المجردة تراها في أحياء الخرطوم الراقية في العمارات والرياض، والطائف والمنشية وأخرى ترونها وتعلمونها في كافوري والراقي.... ويمضي إلى يقول : قال الشريف الرضي إن آفة الإخبار رواتها ونقول إن آفة جمهوريتنا الآفلة سدنتها وخزنتها وقادتها والساسة والأحزاب.. فلماذا لا نتعرف على أنفسنا لنصلح ما بنا ومابها؟ إننا نحلم بجمهورية ثانية يستديم فيها السلام والديمقراطية والوحدة. نظريات تحتاج لتطبيق هذه المحاضرة التي لم تلقَ بعد فعلت فعل السحر، وأحدثت حراكاً فكرياً وإبداعياً بين الخرطوموالفاشر، عبر أجهزة الموبايل، واللقاءات المباشرة من قمة رئاسة الجمهورية إلى حكومات محليات ولاية شمال دارفور ليكون الحصاد التفاعل الكبير الذي وجده الملتقى، وكان كل الحاضرين من الخرطوم في حالة حماس منقطع النظير. وقال عبدالله علي مسار وزير الإعلام مدشناً أول نشاط له في موقعه الجديد، إن انعقاد الملتقى دليل تعافي دارفور من أنين الحرب إلى رحاب السلام، وتأكيد أن للولايات دور أساسي في تحديد الأدوار التي يجب أن يقوم بها الإعلام، متعهداً بتنفيذ ما أسماه ثورة إعلامية جديدة تعتمد على الشفافية والمكاشفة والحرية. إنها جميعها أحاديث نظريات تنتظر من يحيلها إلى برنامج عمل ويجعلها تمشي بين الناس ممارسة وسلوكاً لأمة تنشد التقدم والنهضة، والإعلام الإيجابي إعلاء للقيم وارساءً للنهضة وهو الشعار الذي على أساسه قام ملتقى الفاشر لقضايا الإعلام.