مفاوضات أديس أبابا.. اللعب في الزمن الإضافي! تقرير: أحمد دقش هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته متغيرات كثيرة حدثت في المنطقة، ورمال تتحرك أسفل الأقدام بين قادة السودان وجنوب السودان المفاوضين في أديس أبابا، وربما عدم جفاف الدموع على رحيل رئيس الوزراء الأثيوبي ميلس زناوي يستمر طويلاً لدى البعض حال عدم إحسان التعامل مع ملف العلاقات وتأثيرها على قضايا التفاوض، ولعل الجولة المقرر انطلاقتها غداً ستحدد ليس العلاقة بين بلدين وإنما ستساهم في إعادة رسم خارطة المنطقة من خلال ما يحققه التوصل لتسوية من استقرار، ويبدو واضحاً أن القوى الدولية ممثلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ملت لعبة القط والفأر من خلال ما أدلى به العديد من قادتها في الفترة الماضية. الجولة المرتقبة ستكون قصيرة ونشطة بلغة (الميري) من خلال فتح كافة الملفات في مسارات مختلفة نظراً لقصر الفترة المحددة لها، ويبدو أن قضايا الحدود بما فيها قضية المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين البلدين وأبيي والقضايا الأمنية ستكون هي الأعلى مكانة خلال الجولة الحالية، بجانب قضية منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وربما يشكل ما تم من توقيع على اتفاق بين السودان وجنوب السودان على استئناف الرحلات الجوية بين الدولتين، والتي توقفت لما يقارب الخمسة أشهر دفعة جديدة لمضي التفاوض إلى الأمام تضاف إلى اتفاق النفط السابق، حيث قال وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان، إن رحلات الطيران بين الخرطوم وجوبا ستستأنف حال اكتمال الإجراءات الفنية، مؤكداً وجود ممرات جوية ستفتح بعد أن تم تحديدها من قبل الجانبين. وأضاف "مباحثات تجرى بين الطرفين لفتح المعابر البرية والنهرية. أبيي.. أزمة متجددة! ورغم الدفعة التي يمكن أن تلعبها قضية الاتفاق على عودة الطيران والنقل النهري والنقاش حول فتح المعابر البرية بين السودان وجنوب السودان إلا أن التصعيد الذي حدث في أبيي في الأيام الماضية يشكل انذاراً مختلفاً بمهددات كبيرة ستلازم ملفات التفاوض القادمة، حيث استنكر نائب رئيس لجنة تسيير شؤون أبيي ماجد ياك كور، محاولة بعض أبناء دينكا نقوك الأربعاء الماضي، ما اسماه إحداث بلبلة في سوق المدينة، مبيناً أنهم حاولوا الاعتداء على بعض من أبناء المسيرية بالسوق الكبير، الأمر الذي عده يتنافى مع مذكرة التفاهم الموقعة مؤخراً بين القبيلتين، وقال إن القوات الأثيوبية لحفظ السلام بالمنطقة تحت مظلة الأممالمتحدة تدخلت وحالت دون تفاقم الأمر بعد أن تم إغلاق السوق بصورة مؤقتة. وأضاف "الوضع محتقن وقابل للانفجار في أي لحظة إذا لم تتدارك الجهات المسؤولة الأمر". وناشد دولتي السودان وجنوب السودان بذل قصارى جهدهما وتكوين الحكومة المدنية المشتركة وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني بالمنطقة بأسرع فرصة لنزع فتيل الأزمة بصورة نهائية. تكتيكات مضادة يبدو أن الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال ستتجهان إلى اللعب بأساليب ضاغطة خلال الجولة المقبلة حيث أضاف كل طرف اسماء جديدة إلى قائمة وفده المفاوض بأديس أبابا فالحكومة من جانبها وبحسب مصادر رفيعة قررت أن تضم قيادات من منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بوصفهم أصحاب المصلحة الحقيقية. وقالت المصادر ل(السوداني) إن قيادات تمت إضافتها من كافة القوى والأحزاب السياسية للوفد الحكومي المتعلق بالتفاوض بشأن المنطقتين. وأوضحت أن إضافات منطقة جنوب كردفان شملت كل من رئيس الحركة الشعبية جناح السلام دانيال كودي، ورئيس الحزب القومي الديمقراطي الجديد منير شيخ الدين، واللواء محمد مركزو كوكو، ورئيس الحزب القومي السوداني باكو تالي. وقال المصدر إن الإضافات التي تمت على الوفد الحكومي من منطقة النيل الأزرق ضمت كل من د. سراج الدين من الحركة الشعبية جناح السلام، وعبدالرحمن أبو مدين، واستيفن سقا دنيا، والفاتح يوسف المك عدلان. وقالت المصادر إن تلك الاضافات هدفت لإشراك أصحاب المصلحة في التفاوض على غرار تجربة دارفور، بينما أصدر قطاع الشمال بياناً سمى فيه عدداً من الاسماء بالداخل وقال إنه يرغب في ضمها إلى الجولة القادمة وعلى رأسها ازدهار جمعة. شروط حكومية وفد الحكومة من المقرر أن يكون قد وصلت مقدمته إلى العاصمة الأثيوبية أمس الإثنين برئاسة الوزير إدريس محمد عبدالقادر ولجنة منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وبعض قادة اللجان الاقتصادية مثل د. صابر محمد، والذي سيلحق به وزير الدفاع بعد غدٍ الأربعاء ويضع في أجندته التفاوضية والتي تقرأ من سياق ما صرح به عدد من قادة الوفد ومن بينهم رئيس الآلية العسكرية والأمنية المشتركة وزير الدفاع الفريق أول ركن عبدالرحيم محمد حسين أن الجانب السوداني لن يفرط في شبر من أراضي السودان مما يعني عدم التنازل في قضايا الحدود، كما أن العديد من قيادات الوفد أبدت في مناسبات مختلفة تمسكها بضرورة فك الارتباط بين الجيش الشعبي في السودان (قطاع الشمال) والجنوب، والتوقف عن دعم وإيواء حركات دارفور المسلحة، والاتفاق على تحديد الخط الفاصل للمنطقة المنزوعة السلاح على الحدود، كشروط لحسم بقية القضايا، ومن الواضح أن تلك الشروط متفق عليها داخل كابينة القيادة الحكومية إذ أعلن ذلك مراراً رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، وربما خاتمة تلك المحصلة تكمن في رغبة الجانب الحكومي في إنهاء حمل السلاح في المنطقتين عبر عمليات الدمج والتسريح التي يتم الاتفاق عليها مع المقاتلين ويتم تنفيذها عبر ال(DDR)، والكثير من قادة الحكومة تحدث عن وجود الإطار الذي ينظم ذلك (بروتكول الترتيبات الأمنية في اتفاقية السلام الشامل)، لكن تبدو على الضفة الأخرى طموحات ورغبات قادة قطاع الشمال التي تتعدى إلى الاتفاق على ترتيبات جديدة تشمل توفيق أوضاع المقاتلين ولكنهم يشترطون أن تكون تلك الترتيبات آخر البنود تنفيذاً. الدور الدولي.. حرير وشوك..!! مجلس الأمن الدولي الذي وضع الإطار الذي بموجبه تتفاوض الأطراف المختلفة في أديس أبابا بدا متابعاً للأوضاع من خلال التقارير التي تقدم له عبر الوساطة الإفريقية ممثلة في الرئيس أمبيكي أو المبعوث هايلي منكريوس كل أسبوعين، وأمس الأول دعا مجلس الأمن الدولي في بيان السودان وجنوب السودان إلى تسوية الخلافات بينهما بسرعة، وجاء في بيان مجلس الأمن أن الدول ال(15) الأعضاء في المجلس ترحب بالتقدم الذي حققه السودان وجنوب السودان برعاية الاتحاد الإفريقي وخصوصاً بشأن تقاسم عائدات النفط، وأكدت تلك الدول بحسب البيان أنها تأمل في عقد قمة بين رئيسي الخرطوم وجوبا للتوصل إلى الاتفاقات اللازمة لتسوية كل القضايا العالقة. وربما الإشارات التي حملها البيان من أن المجلس يبدي أسفه بسبب أن الجانبين لم يتمكنا من الاتفاق على عدد من المسائل الأساسية من بينها ترسيم الحدود وجعلها منطقة منزوعة السلاح، ومشاكل المواطنة، تعني أن ذلك الأسف ربما يتحول إلى لغة أكثر حدة في الفترة المقبلة حال استمرت الأطراف في التفاوض دون التوصل لتسوية شاملة، لكن بالمقابل الحكومة السودانية ووفدها المفاوض أعلن عن رؤية يبدو أنه ظل متمسكاً بها حتى الآن ومن بينها اشتراط تسوية الملفات الأمنية أولاً قبل الدخول في القضايا الأخرى وبدا ذلك واضحاً من خلال ربط إنفاذ اتفاق النفط بتسوية بقية القضايا ليتم توقيعها بين الرئيسين حزمة واحدة في نهاية العملية التفاوضية. بيانات مجلس الأمن وتحركات الإدارة الأمريكية التي ابتدرتها وزيرة الخارجية هيلري كلينتون قبيل الجولة الماضية وزيارتها لجوبا واتصالها قبل ذلك بوزير الخارجية علي كرتي واضح أنها ساهمت في التوصل الى اتفاق النفط في الجولة الماضية، أما تحركات الإدارة الأمريكية عبر سفارتها في الخرطوم فقد أسفرت عن إعلان عن لقاء تم بين القائم بالأعمال الأمريكي الجديد ومساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع.. ورفض بعده الأول الإدلاء بأي تصريحات صحفية واعتذر بلطف وقال إن الوقت الآن مناسب لفتح الحوار بين واشنطنوالخرطوم في كافة القضايا والانطلاق إلى مرحلة جديدة بالعلاقات. تلك اللغة توضح أن الإدارة الأمريكية ترغب بوسائل مختلفة التوصل إلى تسوية بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتحقيق السلام والاستقرار بين السودان وجنوب السودان، ولعل ذلك عبر عنه المبعوث برليستون ليمان صراحة وبالتفاصيل ونشرته (السوداني) في وقت سابق، تلك الرغبات يبدو أن الولاياتالمتحدة تريد أن يلعب ملف السودان دوراً في الانتخابات الأمريكية القادمة، بجانب رغبتها في الاستفادة من وضع الجنوب الذي ساندت انفصاله في وقت مضى.