امريكا أعدّت سيناريو مرعب لترسيم الحدود في افريقيا وبالتحديد رأت أن السيناريو الجديد لترسيم الحدود .. يبدأ من السودان أكبر الدول الافريقية .. فامريكا واسرائيل يران أن الخريطة السياسية لافريقيا التي رسمتها فرنسا وبريطانيا .. خريطة بين دول غير مكتملة.. وأن هذه الخريطة بها خلل وظيفي داخل الدولة نفسها.. وبين الدول المتجاورة فترى امريكا واسرائيل ترسيم حدود للدول الأفريقية .. ولدول الشرق الاوسط .. على أساس قيام كيانات متجانسة أي دول جديدة على أسس مذهبية .. وعرقية وطائفية تقسيم استعماري صهيوني جديد .. فهذه الرؤية تتجلى بوضوح في عملية ترسيم الحدود بين السودان ودولة الجنوب وبوضوح أكثر في أبيي .. الأرض الشمالية .. التي زجّ بها دانفورث القسيس الامريكي في إتفاقية نيفاشا .. فأصبح لها برتوكولاً خاصاً في الاتفاقية .. فالسيناريو الامريكي .. الصهيوني .. يريد اقتلاع أرض دولة الشمال وتسليمها للجنوب .. تحت الفكرة الجديدة .. أي نقل دينكا أبيي الى الجنوب بفرضية «العرق».. وطبعاً إجلاء عنصر المسيرية من أبيي .. وقولنا هذا يؤكده رفض الحركة الشعبية للمسيرية في الاستفتاء الخاص بابيي .. والضغوط على المسيرية .. وزعزعة وجودهم في المنطقة .. فهذا التقسيم الاستعماري الجديد هو أمر أخرق .. ولا يعد إلا بسفك الدماء .. مزيد من الدماء .. في تناحرات واسعة .. فتن جهنمية تُولد مشروع حرب .. لا ينتهى بين الشمال والجنوب.. فهذه الالغام المزروعة في جنوب كردفان والنيل هو مشروع الدولة الصهيونية .. قيام دولة على أسس عرقية .. دينية .. دولة في النيل الازرق .. بذرتها حكم ذاتي .. ينمو ليصبح في المسقبل دولة .. هذا المشروع هو المشروع الذي دفع المتمرد مالك عقار الى اشعال الحرب في النيل الازرق .. بعد فشل عبر المشورة الشعبية في انفاذ .. مشروع الحكم الذاتي .. ولتأكيد ما نقول .. فإن وجود جيش لمالك عقار وعبدالعزيز الحلو .. فإن الدعم الذي وصل اليهما من اسرائيل دليل على أن مشروع ترسيم الحدود .. هو مشروع امريكي .. اسرائيلي .. فالسيناريو قائم على دول جنوب جديدة .. دولة في جنوب كردفان ودولة بالنيل الازرق.. وأخرى في جنوب دارفور ودولة كبرى في دارفور .. دول تؤسس على مذهبية .. أو الدين .. أو العرق .. فأمريكا تريد تقطيع السودان .. ومن بعد .. تعمل على تقطيع بقية الدول الأخرى.. فما يجري في الصومال .. دليل واضح على أن التقسيم الجديد .. تقسيم وراءه الاستعمار الامريكي .. وما يجري في ليبيا الآن .. ينذر بخطر التقسيم .. فهناك صراع بدأ يظهر على السطح في الاقاليم الليبية .. برقة .. طرابلس .. بنغازي وخرائط حدودية تظهر .. تحملها أعاصير الاحتراب والفتن في مالي .. فالتقسيم «الحدودي» يخفي وراء ظهره ألغاماً اشد فتكاً من ألغام تقسيم فرنسا وبريطانيا .. فهذه المرة سيكون الصراع على الحدود .. صراعات طائفية .. أو دينية .. أو عرقية وستكون الخريطة السياسية للدول الافريقية «خرائط دم» واظن ان الاعتداء الاخير على هجليج دليل قاطع الى الصراع .. سيكون أشد خطراً على المنطقة بأسرها .. فالخريطة الحدودية التي قدمتها حكومة الجنوب .. للمفاوضات في الاخيرة هي جزء من السيناريو الامريكي .. إلغاء وتجاوز خريطة ترسيم حدود 1956 .. الى خريطة بريطانيا وتقديم الخريطة «الامريكية» .. إلغاء وتجاوز لخريطة الأممالمتحدة .. المعتمدة .. والتى على ضوئها تم الاستفتاء .. وأجريت الانتخابات .. والغائها من قبل حكومة الجنوب .. يعني إنزال مشروع ترسيم الحدود في افريقيا .. على فكره .. تأسيس دول افريقية على فكرة لم الشمل على أساس العنصر في دولة واحدة .. أي دول بذات مواصفات الدولة الاسرائيلية .. وفي النهاية سيصبح السودان في حالة نجاح المشروع الامريكي .. الصهيوني .. عدة دويلات .. دولة دارفور .. دولة النيل الازرق .. دولة النوبة .. دولة البجا ..الخ فهذا المشروع عند انفاذه ونزوله الى أرض الواقع طبعاً بعد حروب «داحسية» .. سيمكن اسرائيل وامريكا من الهيمنة على هذه الدول العشائرية .. وأخيراً فقد فات على الذين يؤسسون نظرياتهم وأطروحاتهم على افتراضات غير واقعية .. إن السودان بتنوعه الثقافي والاجتماعي والعرقي .. دولة لها تاريخ قبل الميلاد بحوالي .. «7» آلاف عام .. فهي ليست «الأرض الجديدة» .. وشعبها ليس مجرد نوع من «الكعك» الهش .. يمكن تقسيمه بسحبة سكين باردة.