لم يكن قطاع الشمال موفقاً وهو يتحاور في أديس أبابا مع وفد الحكومة حول منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ويصر على أن تكون المسائل الإنسانية مقدمة على ما سواها من ترتيبات أمنية، الأمر الذي ادى إلى فشل الجولة وانهائها قبل أن تبدأ لم يكن حصيفاً وهو في ظرف عندما دفع بقواته المعتدية إلى عدد من المناطق في جنوب وشمال كردفان مستهدفاً الأبرياء والمواطنين، الذي يدعي بأنه حريص على حقوقهم في أديس وحريص على أن يكون العون الإنساني هو الأول في اجندته الأمر الذي ادى إلى اجهاض برنامجه السياسي أن كان هناك برنامج سياسي معداً وموجه لخدمة أهل المنطقتين لكنه واضح من هذا الهجوم الآثم أن قطاع الشمال الذي يتحرك أيضا من داخل ما عرف بالجبهة الثورية واستنادا على الأجندة التي طرحها والتي تتحدث عن كل السودان واضح أنه يريد أن يتمدد في مفاوضات جديدة تحقق حلم الحركة الشعبية بالسودان الجديد الذي تريده حتى بعد أن انفصلت بالجنوب.. ولعل هذا السقف من المطالب وتلك الأحداث المؤسفة التي روعت المواطنين الآمنين واستهدفت مؤسسات رئيسة يستفيد منها المواطن، كل هذه التصرفات يجعل الاستعداد الحكومي للتفاوض في ظل هذه الظروف امراً صعباً أن لم يكن مستحيلاً رغم إعلان رئيس الوفد جاهزيته للعودة إلى المفاوضات، ولكن لا بد للحكومة أن تعزز جولة التفاوض القادمة ببسط هيبتها وسيطرتها على المواقع التي تمدد فيها قطاع الشمال، هذا من جانب الحكومة، أما من جانب الوساطة الأفريقية وحتى ترى وتتابع هذا السلوك البربري لمن يدعي أنه يعمل من اجل حماية المواطنين لا بد لها من تحديد اجندة التفاوض وأن تكون خارطتها الجديدة التي تود طرحها على الطرفين قبل بداية المفاوضات لا بد أن تكون محددة المعالم والموضوعات ولا بد أن تنحصر فقط في مشاكل ومطالب المنطقتين فقط ولا مجال للقبول بطرح أي بند خارج عن المنطقتين، تقول ذلك لأن رئيس الوفد ياسر عرمان كان قد سبق في جولة سابقة فشلت قبل أن تبدأ كان قد طرح قضايا تتعلق بالسودان كله، وهو يعلم تماما أن الوفد غير مفوض وغير مخول له بمناقشة القضايا التي طرحها سواء أكان مشروع الجزيرة أو الشرق أو دارفور، لأن لكل هذه الأقاليم أناس يديرون أمرها وأن قطاع الشمال الذي لا مكان له بعد انفصال الجنوب غير المنطقتين، لذلك لا بد لهذه الوساطة الأفريقية أن تمارس قدراً من الضغوط على قطاع الشمال بالالتزام بالتفويض الممنوح له، وإن كانت دولة الجنوب قد تبرأت ولو عبر الإعلام أو عبر التصريحات عن التزامها بأي دعم لقطاع الشمال بعد التوقيع على المصفوفة، وإن كان الجنرال تلفون كوكو قد أعلن من جوبا أن الذين يفاوضون الآن باسم قطاع الشمال هم لا يمثلون أي قاعدة شعبية يمكن أن يتحدثوا باسمها، لذلك يتعين على الوساطة وهي تعد خارطتها الجديدة ألا تترك لقطاع الشمال الحرية في تحديد بنود تتعارض مع التفويض والحديث أيضا لوفد الحكومة فإن لم تلتزم الوساطة أو قطاع الشمال بالأجندة الخاصة فقط بالمنطقتين فعليها باتخاذ موقف واضح بالإحجام عن المشاركة في الجولة المرتقبة، فليكن شرطها في نوع الأجندة وليس في من يرأس الوفد.