تقول الطرفة إن أربعة بنات بلغن من الكبر عتياً، ولا زلن «بايركس»، ولهذا فقد أكثرن من التردد على الشيخ الذي أعطاهن في المرة الأولى«بخرات» ولم تنفع.. ثم أعطاهن« محاية وتعاويذ» فلم يتقدم لهن أي عرسان، وأعطاهن محلبية وزيت سمسم ليتمسحن بهما ويحلمن في المنام بالعريس وهو يأتي راكباً على الفرس الابيض.. ولم يحضر العريس.. لا في اليقظة ولا في المنام.. وأخيراً قام الشيخ بعمل «حواطة» وتعاويذ وطلب من الأربعة بنات أن يقمن فجراً قبل صلاة الصبح ويذهبن إلى الشجرة المعروفة خارج القرية وهناك سيجدن أربعة شبان شداد «غلاظ» عريضي المنكبين مشرئبي الابعاع على رأي عادل امام ويمثلون أربعة عرسان ويمكن لكل واحدة منهن أن تختار العريس الذي يناسبها ويقتسمن العرسان بالتساوي. وفي فجر ذلك اليوم «قامن» البنات الأربعة يتلمسن الطريق إلى الشجرة في الظلام الدامس.. وكانت بينهن واحدة معروفة بان«عينها طايرة» وعندما اقتربن البنات من الشجرة رأين العرسان الأربعة وهم يجلسون في انتظارهن.. وقامت البنت المعروفة بان«عينها طايرة» بالجري أمام البنات الأخريات وسبقتهن نحو العرسان الأربعة.. وجلست على كتفي واحد منهم وقبضت على الثاني بيدها اليمنى وقبضت على الثالث بيدها اليسرى ثم بصقت على الرابع وقالت«حدقُوني بي داك». وما فعلته البنت«أم عين طايرة» يشبه تقريباً ويطابق ما تفعله بعض أحزاب المعارضة هذه الأيام.. فهي تعارض الحكومة وتريد أن تحارب الحكومة وتريد أن تسقط النظام وتريد أن تصالح النظام وتبقى عليه... وتريد أن تكون خارج النظام وتريد أن تشارك فيه.. وتريد أن تدير حواراً مع المعارضين الآخرين وتدير حواراً مع الحكومة وحزبها.. وتريد أن تدير حواراً مع دول الاستعمار وتحذر منها.. وتدير علاقة مع تيار داخل المؤتمر الوطني وتعادي تياراً آخر فيه.. وتتحد مع الشعبي وتشتم سنسفيل ابو الجاب الشعبي.. وتتحد مع الحزب الشيوعي بينما تعتبره سبب الساحق والماحق والبلا المتلاحق.. وتظهر بمظهر قائد المسيرة في تغيير النظام وفي نفس الوقت تدعو إلى تثبيته.. وتنادي بالربيع العربي والثورة في السودان وتقول إنها تخشى الصوملة، وترى أن من الضرورى أن يظهر بديل فوري للنظام الآن وعاجلا، وفي ذات الوقت ترى أن الوقت لم يحن بعد لذلك البديل.. وتعلن انها تريد أن تمارس الجهاد المدني وفي ذات الوقت تدعو لممارسة الديمقراطية بالانتخابات.. وتقول إنها مستعدة لهذه الانتخابات وفي نفس الوقت تقول إن الحكومة لم تعطهم الوقت الكافي.. والمال اللازم للاستعداد لممارسة الديمقراطية.. وبعض هذه الأحزاب ترى أن المحكمة الجنائية مسيسة ولا يحق لأي سوداني أن يتعرض للمساءلة تحت قانونها، وفي ذات الوقت ترى أن المحكمة الجنائية يجب أن تطاع أوامرها والوقوف عند مطالبها وتلبية رغباتها لأن معارضة المحكمة الجنائية« لا تشرّب موية» وتريد الشئ وتريد ضده .. وتريد أن تأكل الكيكة ثم تحتفظ بها في ذات الوقت.. وتريد أن تركب على ظهر الحمار الأعرج وتتسلق الهيلكوبتر في ذات الوقت.. تريد أن تضع رجلا في المركب ورجلا في الطوف وتظل واقفة على الضفة.. تريد أن تأكل الدجاجة ثم«تخم» بيضها.. تريد أن تلد دون أن تذوق شيئاً من معاناة مقدمات الحمل وألم المخاض.. تنظر إلى جزرة المؤتمر الوطني وتحتضن مجموعة تحالف شتات المعارضة.. وأذنها تسترق السمع وتنتظر في لهفة وشوق متى يحضر«ناس كاودا» .. وتردد أغنية جوبا مالك عليّ أنا.. وترقص على طريقة دينكا بور ثم تتباكى مع أغنية سمسم القضارف وليمون بارة.. في ذات الوقت تقول أو ترق منا الدماء أو ترق منهم دماء أو ترق كل الدماء.. ونحن نقول مساك دربين ضهيب، وركّاب سرجين وقيع.. فيا أهلنا في المعارضة.. اما هنا واما هناك».. يا أبيض يا أسود فنحن لا نحب اللون الرمادي.. اما انكم مع الحكومة أو ضدها.. ولابد لكم أن تختاروا اما معارضة «جد جد» أو حكومة«مية مية» ولن يفيدكم كثيراً المواقف الرمادية بتاعت «كراع برة وكراع جوة» أو قل كراع في مدني وكراع في الكاملين.. وفي النص ما عارف شنو كده..!