نعيد الطُرفة التي تقول إن أحد اليساريين في مدينة عطبرة قد «استعجل» جداً وأرسل برقية تأييد لانقلاب هاشم العطا يوم 91/7/1791م الذي حدث في الساعة الثانية ظهراً من يوم الإثنين.. وكانت البرقية تقول «نؤيدكم.. ونقف من خلفكم، اضربوا على العابثين بيد من حديد.. البلاد تمر بمنعطف خطير وتقف على شفا حفرة...». وبالطبع عاد الرئيس نميري يوم الأربعاء الثاني والعشرين بعد أقل من ثلاثة أيام لم يستمتع فيها الشيوعيون بجني ثمرات انقلابهم، وحدث ما حدث من الرئيس النميري الذي أعلن في أجهزة الإعلام قائلاً «أي واحد يشوف أي شيوعي طوَّالي يقبض عليهو ويجيبو لينا». ويبدو أن «ناس الأمن» استدعوا ولدنا بتاع عطبرة مع آخرين من الذين أرسلوا برقيات التأييد لمساءلتهم.. وجاء دور ولدنا الذي برّر إرساله للبرقية بأن لديه بعضاً من أقربائه في التشكيل الوزاري وفكر أن يتقرب إليهم بالبرقية، و«ناس الأمن» قبلوا تبريره ولكنهم سألوه عن السبب الذي جعله يقول: «إن البلاد تمر بمنعطف خطير وتقف على شفا حفرة»، وطالبوه بأن يحدد نوع «المنعطف» ويحدد الحفرة التي ستقع فيها البلاد.. والرجل قال لهم «دي كتبتها قلة أدب مني ساكت» وأطلق سراح الرجل لاحقاً.. طبعاً بعد أن هدأت الأمور جداً جداً وعلى أقل من مهلهم.. وبمناسبة أن البلاد دائماً في حالة «منعطف خطير.. ودائماً على شفا حفرة من الانهيار» نقول إن اللورد كتشنر عندما جاء غازياً على رأس جيوش من «الفرنجة والمصريين» أعلن أنه يأتي خصيصاً لأن بلادنا كانت «تمر بمنعطف خطير.. وأنها على شفا الانهيار».. وثورة أربعة وعشرين و«اللواء الأبيض» قال قادتها إن البلاد كانت تمر بمنعطف خطير وعلى شفا الانهيار»... ومؤتمر الخريجين في الخمسينيات أعلن أيضاً أن البلاد «تمر بمنعطف خطير وأنها على شفا الانهيار».. وخطاب الاستقلال في 1/1/6591م أشار إلى ذات المنعطف الخطير وشفا حفرة الانهيار.. مع أن الاستقلال تم بمرونة وسلاسة ولم يمت أي زول ولم يستشهد أي واحد ولم تكسر رجل أي مواطن ولا يده.. وكل ما في الأمر أن هناك عضوا في البرلمان أعلن عن اقتراح بطلب الاستقلال من داخل البرلمان.. والأحزاب بعد تعب قالت «موافقين» والخواجات قالوا موافقين طوّالي.. وحدث الاستقلال وجاءنا الرئيس إبراهيم عبود بانقلاب عسكري.. وقيل إن ناس حزب الأمة «سلموه الحكومة» لأن البلاد كانت تمر بمنعطف خطير وكانت على شفا الحفرة وأعلن عبود في 8591م أن همه الأول سيكون إبعاد شبح «حافة الانهيار وتجاوز المنعطف الخطير» ... وجاءتنا أكتوبر 4691م لتقول لنا إن البلاد تمر بمنعطف خطير وأنها على شفا الانهيار».. ثم جاءت الأحزاب لتحكم من 5691م 9691م» وتكرر على مسامعنا أن البلاد تمر بمنعطف خطير وأنها على وشك الوقوع في الحفرة.. ثم جاءنا الرئيس نميري في مايو 9691م ليقول إن البلاد «برضو» تمر بمنعطف خطير وأنها على شفا الانهيار.. وحدث غزو «المرتزقة» ليعلنوا أنهم جاءوا لأن البلاد تمر بالمنعطف الخطير «ذاتو» وتمت المصالحة الوطنية مع الأحزاب في عام 7791م ليقولوا إنهم ما تصالحوا مع النظام إلا لأن البلاد «على شفا حفرة وأنها تمر بمنعطف خطير..» وجاء سوار الذهب في 5891م بعد الانتفاضة ليقال لنا إن البلاد «برضو» كانت تمر بمنعطف خطير.. وجاءت الأحزاب للمرة الثالثة لتقول لنا إن البلاد «والله تمر بمنعطف خطير» وجاءت الإنقاذ في 9891م لتقول إن البلاد تمر بمنعطف خطير.. وأنها على وشك الانهيار في الحفرة وظلت المعارضة ليل نهار تقول لنا إن البلاد تمر بمنعطف خطير طوال الأربعة وعشرين عاماً الماضية.. فقال الشيوعيون إن البلاد على شفا الانهيار وقال الاتحاديون إن المنعطف خطير.. وحتى يوم أمس وبمناسبة أعياد الاستقلال لعام 4102م قال كل زعماء الأحزاب المستضافين في أجهزة الإعلام إن البلاد تمر بمنعطف خطير وأنها على وشك الوقوع في الحفرة... ونقول إن جمهورية مصر العربية تمر بمنعطف خطير «برضو» وأن سوريا تمر بمنعطف خطير «برضو» وأن تونس تمر بمنعطف خطير كذلك وأن الجزائر تمر بمنعطف خطير أيضاً وأن تركيا تمر بمنعطف خطير «برضو» وأن مالي تمر بمنعطف خطير وأن تشاد تمر بمنعطف خطير وأن جنوب السودان يمر بمنعطف خطير .. وبهذه المناسبة فإن أمريكا والاتحاد السوفيتي هما الآخران يمران بمعطف خطير و«الموت مع الجماعة عِرس» .... وحكاية الموت مع الجماعة عِرس دي قلة أدب مني ساكت».