كلنا نعرف أنه منذ استقلال السودان في عام 1956م، فإن حكامنا لم يذوقوا الراحة ولا الاستقرار ولا الهدوء بسبب الجنوب والجنوبيين... وكان على كل حكومة أن«تشوف» طريقة لاسترضاء الجنوبيين حيث أنهم دائماً منقسمون الى جزءين، جزء يحارب في الغابة ويقاتل، وجزء يعيش عالة علينا تماماً.. وكان على الحكومات أن تقوم بإعداد برامج عملية وثقافية لتجعل الوحدة جاذبة سواء البرامج الإذاعية أم غيرها. منذ أن كانت إذاعة أم درمان عبارة عن جهاز في غرفة صالون في أحد بيوت ام درمان والى أن تم الانفصال...! وكان من حظ حكومة الرئيس إبراهيم عبود الذي جاء بانقلاب عسكري أو في الحقيقة قام حزب الأمة بتسليم السلطة له تحت غطاء مسرحية الانقلاب العسكري في 17 نوفمبر من عام 1958م وكان بالطبع على الرئيس إبراهيم عبود أن يجعل الوحدة جاذبة وأن «يدلِّع» الجنوبيين، فيجعل بعضهم وزراء ويجعل بعضهم رؤساء مصالح. وفي إطار جعل الوحدة جاذبة، فقد قررت حكومة عبود تقديم برنامج إذاعي يومياً من الساعة الثانية وحتي الثالثة ظهراً، وكان هذا البرنامج يتم تقديمه بلغة عربي جوبا.. وفي ذات يوم أراد مذيع النشرة أن يفيد المستمعين عن زيارة السيد وزير الرياضة والشباب الى إحدى البلدان الأوروبية ليعمل على تأسيس علاقة وثيقة في مجال الرياضة.. ولسوء حظ مقدم البرنامج ويومه الأسود، فقد أذاع الخبر على النحو التالي: (سافر هو وزير بتاع لعب الى دولة بتاع برة السودان عشان هو بعملتو حلاقات بتاع لعب وانتكم وزير بتاع لعب هو برجع بلد تاني شهر كمسة». ويُقال أن الوزير المعني في وقتها كان اللواء محمد طلعت فريد، وأن مقدم البرنامج تم فصله من العمل بسبب «وزير بتاع لعب»، ولا أدري لماذا تذكرت قصة الوزير (بتاع اللعب) عندما شاهدت بعض منسوبي الأحزاب وهم يناقشون في إحدى القنوات التلفزيونية القضايا الأربع التي طرحها عليهم رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني الشهر الماضي والتي تتلخص في: السلام، الاقتصاد، الحريات، الهوية.. وقد خطر على ذهني أنه لو أتيحت لبعض هؤلاء أو كلهم الفرصة ليكونوا وزراء في الحكومة القومية أو«الانتقالية» المرتقبة، فلابد أنهم سيكونون وزراء (بتاعين لعب)!. كما أن الحكومة الانتقالية نفسها ستكون حكومة «بتاعة لعب».. ولهذا اقترح أن تكون فترة الحوار مفتوحة بحيث لا تقل عن عام كامل حتي نلتقي مع هؤلاء القوم في الانتخابات المقترحة في 2015م،وعندها «الحشاش يملأ شبكتو».. فإذا جاءت الانتخابات بغيرهم يكون «الله حلانا».. وإذا جاءت بهم نكون «أكلنا نيم» ونتعايش مع وزراء (بتاعين لعب) وحكومة بتاعة لعب برضو...!