لقد حاولت دائماً استبدال حبك بأشياء أفرط في إيهام نفسي بأنها كافية لنسيانك، وكان دائماً يعوزني الانتساب الحقيقي للأشياء، ثم يعاودني ذلك الشعور الذي يهتف بي حينما أصحو كل صباح، ثم يتهاوى الاحتيال عليك، يبدو.. أنني بحاجة لأرض ثابتة لأقف عليها ثم أبدأ بمشروع نسيانك.. بالأمس وقد التقت عينانا صدفة وتآمر ضدي المكان والحدث، وقلت لي (الأحمر يليق بك). لم أستطع احتمال تلك اللحظات، كما لا يستطيع الجريح في الميدان أن ينقب في جروحه بحثاً عن الرصاص حتى لا ينبثق النزْف، وكما قالت من قبل غادة السمان عندما تركها غسان كنفان ورحل قالت:«حياتي جميعها سلسة من الرفض لذلك استطعت أن أعيش، لقد رفضت المدرسة ورفضت الثروة ورفضت الخنوع ورفضت القبول بالأشياء» وأنا أقول لك رفضت كل شيء ورفض قلبي أن يرفضك. فأنا أبحث عن وجود أكثر تعقيداً وعمقاً. عندما التقت نظراتنا، كأن يداً وحشية قد خلطت الأشياء حينها خلطاً رهيباً، فجعلت نهايات الأمور وبدايتها نهايات ولم تشفِ رسائل الهاتف التي تبادلناها لحظتها غليلي العاطفي، رغم محاولاتك المستميتة للقيام بذلك، يبدو أنني في نهاية المطاف سأقتل بك. وكم كنت أحتاج لحظتها لبيت عنكبوت أحشو به جرحي لكي يهدأ النزْف، ولكن شدة ارتباكي دفعت دمي بقوة حتى اهتززت، فالوفاء لا يشترط أن يكون لك، وإنما لعاطفة غابرة متجددة تسمح لي كل يوم بالعودة للحياة والكتابة والعطاء، موتها سيكون خسارة كبيرة على الصعيد الذي لا يعوض. فكل أنثى تزهو دائماً بعاطفة تمر عبر كبريائها، وأنا كذلك لا أستطيع تبرئة نفسي من ذلك، ولكنني لا أستطيع إخراج ذلك القمقم المدعو حبي لك من مخبأه وإلا لما استطاعت رسائلك كبح جموح قلبي الى المستحيل، ولا سد شهية أشواقي الى تقمص حروفك حتى الفناء، حتى لا تتحول من رجل بداخلي الى مجرد رسائل نصية في هاتف. أعلم.. أن الكثيرات كتبن لك، وهاتفنك، وأبدين عن حبهن وإعجابهن، وربما تجاوبت مع بعضهن وخنت ذكرانا، ولكني على يقين بأن الكلمات المكتوبة تخفي عادة حقيقة الأشياء، وما يحس وينزف ويتقطر شيء أحمر يليق بي. فأنا لم أنم ليلتها وفوجئت بالشمس على رأسي، قاومت دموعي وطردتها كثيراً الى داخل مقلتي، ابتلعت مرارة لم أعرفها، طعمها كملوحة ماء البحر وغربة الموتى وشوقي لك، والجحيم الذي يطوق حياتي من كل جانب، كلهيب السياط على الجلد العاري، والحريق الذي يشتعل في عروقي والصخرة التي على صدري، وحياتي التي أشعر أنها تتسرب من بين يدي كلما مر بذاكرتي طيفك. فبعد أن ابتعدنا كم ارتكبت من حماقات، وعرفت من لايستحق أن أعرفه، وأعطيته من زمنك عندي لحظات، تعذبت، جلدت ذاتي من الداخل والخارج دونما رحمة، وبدت لي حياتي تافهة لا قيمة لها، ووضعت نفسي في المكان الخطأ، وكنت غير عادلة مع ذاتي. ورغم ذلك.. فحين أكتب لك كنت أعرف أن شيئاً واحداً فقط أستطيع أن أقوله وأنا أثق من صدقه وكثافته وربما التصاقه بي وحتميته وسيظل كالأقدار التي صنعتنا .. إنني أحبك. وصدقت حينما قلت لي (الأحمر يليق بي).