ٌإن قضية الاتجار بالأعضاء البشرية تعتبر من القضايا الخطيرة والتي يجب أن تنظر إليها الجهات الحكومية بعناية فائقة ومركزة وذلك باعتبارها قضية تتعلق بالبشر والذين أصبح بعضهم يفكر في بيع أعضائه وهو حي يرزق وبثمن بخس غير آبهٍ بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يحرم مثل هذا البيع. البعض يعتقد أن القانون يعطي هذا الحق وبالإمكان أن يقوم أي شخص باستصدار تصريح قضائي من المحكمة أو القاضي المختص بأنه يريد أن يتبرع بكليته مثلاً إلى شخص لوجه الله، ولكن وبكل أسف تكون الحقيقة غير ذلك فهناك بيع وشراء «كاش» وآجل ومقدم وعربون وحافلة مقابل هذه «الكلية» .وهنا إن كان المتبرع قد خدع القاضي والمحكمة والقانون هل يستطيع أن يخدع ربه الذي سواه وخلقه؟ و ماذا عن يوم القيامة يوم الحساب؟ يوم لا ينفع مال ولا بنون. فجميع الأديان السماوية تحرم على الإنسان بيع أعضائه، وهنا لدينا تساؤلات تتعلق بالشاب الذي باع كليته لسيدة سعودية تمت عملية الجراحة بمستشفى الزيتونة على يد الدكتور أبو سن الاختصاصى المعروف تتمثل في الآتي:- 1/ عملية التبرع بالكلية تبدأ بأن هناك شخصاً امرأة أو رجلاً أو طفلاً مصاباً بما يعرف بالفشل الكلوي وهو يحتاج لزراعة كلية من متبرع. 2/ تجري الفحوصات للمريض المصاب بالفشل الكلوي لمعرفة تطابق الأنسجة وفصيلة الدم وأشعة ملونة للكلي والشرايين والحالب بالإضافة إلى الفحوصات الكاملة من سكري وضغط وكل الأمراض الوراثية وفق فحوصات معملية معروفة. 3/ تبدأ رحلة البحث عن متبرع تتطابق أنسجته وفصيلة دمه وكافة الفحوصات مع المريض المصاب بالفشل الكلوي وغالباً ما يكون المتبرع من أسرة المريض - إخوانه أشقائه ابناء عمومته ابنائه إلى آخر قائمة الأسرة. 4/ ووفق هذه الفحوصات تتم عملية التطابق مع أكثر من شخص واحد بعدها تبدأ عملية التجهيزات لإجراء هذه العملية الخطيرة. 5/ هناك احتمالات حدوث مضاعفات للمريض أو المتبرع أثناء وبعد إجراء العملية وأحيانا يرفض جسم المريض الكلية ويهاجمها وقد حدث ذلك في عدة حالات. وهنا تبدأ تساؤلاتنا والتي تتمثل في الآتي:- ٭ المريضة بالفشل الكلوي سعودية والمتبرع«البائع» سوداني وهذا يعني أن هناك فحوصات قد أجريت على عدد من البائعين لمطابقة الأنسجة والفحوصات، حتى تمت عملية المطابقة مع البائع الذي قبض الثمن «كاش» عداً نقداً بواسطة أخيه مع حافلة قيمتها «80» مليون جنيه. ما الذي يدفع هذا الشاب للتبرع بكليته لأجنبية ليس هناك اي صلة قرابة بينهما، غير بين البائع والشاري يفتح الله ويستر الله..؟!. ٭ القانون وحده لا يكفي في مثل هذه الحالات فهناك سابقة قبل سنوات.. فلقد ذهب مريض برفقة أخيه الذي يريد التبرع بكليته له إلى إحدى المستشفيات الخاصة ووقتها كان المركز القومي للكلى متابعاً لما يدور في كل المستشفيات وكان مديره الدكتور العلامة عبدالرحمن علي والذي أرسل خطاباً يمنع فيه إجراء هذه العملية لاعتبارات منها أن هذا المستشفى الكبير «وكبير جداً» غير مؤهل لاجراء مثل هذه العمليات الكبيرة. ٭ المستشفيات الخاصة تحتاج إلى تصاديق إضافية من المراكز المتخصصة كالمركز القومي للكلى والمركز القومي للقلب وتقوم بزيارات إلى هذه المستشفيات لمراجعة تجهيزات غرفة العمليات وغرف المريض والعناية المكثفة إلى آخر التجهيزات الطبية التي تؤهل هذا المستشفى لإجراء العمليات الكبيرة «كبيرة خالص» ... وهنا السؤال لايحتاج إلى أي توجيه. ٭ قبل مزاولة الأطباء لمهنة الطب هناك ما يعرف بقسم أبوقراط وهو غير ملزم لأن مهنة الطب الآن أصبحت مقيدة بنصوص قانونية ورغم ذلك اشتهر هذا القسم والذي من فقراته:«أقسم بالطبيب أبولو وأسكليبوس وهجيا وبانكيا وجميع الأرباب والربات وأشهدهم بأني سوف أنفذ قدرتي واجتهادي.. هذا القسم وهذا العهد وأن أجعل ذلك الذي علمني هذا الفن في منزله أبوي وأن أعيش حياتي مشاركاً إياه.. واذا صار في حاجة إلى المال أن أعطيه نصيباً من مالي» الخ...القسم. هناك على غرار هذا القسم نصوص أخرى تختلف حسب البلدان والمعتقد الديني.. وعلى سبيل المثال هناك ميثاق الشرف النقابي العربي والقسم الطبي للمؤتمر العالمي للطب الإسلامي والذي نصه: «بسم الله الرحمن الرحيم أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في كافة أطوارها في كل الظروف والأحوال.. باذلاً وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق وأن أحفظ للناس كرامتهم واستر عوراتهم واكتم سرهم وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد، الصالح والطالح والصديق والعدو وأن أثابر على طلب العلم وأسخره لنفع الإنسان لا لأذاه وأن أوقر من علمني وأعلم من يصغرني وأكون أخاً لكل زميل في المهنة الطبية في نطاق البر والتقوى وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي نقياً مما يشينني أمام الله ورسوله والمؤمنين والله علي ما أقول شهيد». وأخيراً فان شريعة الإسلام جاءت لتحفظ للناس أنفسهم وعقولهم ودينهم وأعراضهم وأموالهم.. فهذه الأمور هي مقاصد الشرع الكلية وحفظ النفس من أهمها وأولها فلقد نهى الشرع الإنسان عن إلحاق الضرر بنفسه وعدم تعاطي الإنسان ما يوجب هلاكه حسب قوله «ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة » سورة البقرة195 .. وقال تعالى:«ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما» وهذا دليل على أن القرآن الكريم حرم قتل الإنسان لنفسه والتبرع بأحد أعضائه الفردية والتي تفضي الي هلاك النفس وقتلها، وقال تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان «المائدة2». هذا ولذا ثبت التحريم في التصرف بالهبة فلئن حرم في التصرف بالبيع والهبة فكلاهما مشتركان في ترتيب التمليك عقبهما والبيع يزيد على الهبة بوجود الثمن المقابل. ومن نفس الآية نأخذ فتوى بتحريم مشاركة الطبيب في إجراء عملية النقل أو الزرع لأنه يكون بهذا معيناً على معصية وإثم وهذا منهي عنه بنص الآية المذكورة. وهنالك دليل آخر يحرم بيع الحر وهو ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى.. ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره». ٌٌٌٌ «إذن فذاك «الحر» وأعضاؤه ليست محلاً قابلاًَ للتعاقد ضمن شروط صحة عقد البيع«بالٌجماع» أن يكون كله قابلاً للتعاقد وأن يكون مالاً منقولاً مملوكاً يجوز الانتفاع به والآدمي ليس بحال منقولاً فلا يجوز بيعه ولا بيع أعضائه لأن المال مخلوق لإقامة مصالحنا اما الآدمي فهو مالك للمال (هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا)«البقرة29».وبما أن الدكتور مأمون حميدة وزير الصحة وصاحب مستشفى الزيتونة ومالك مستشفي يستبشرون ومالك جامعة العلوم الطبية فقطعاً لديه كل المعلومات التي ذكرناها ولا يحتاج لقراءة هذا المقال.. والذين نقصدهم به هم العامة من الناس «الغبش» الذين ألجأتهم الحاجة ْإلى بيع أعضائهم للأجانب.