لقد مدح الله أولئك الذين يوفون بنذرهم في قوله تعالى: «يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً»، والنذر ينذره صاحبه شكراً لله على حدوث نعمة، أو نجاة من مكروه، وقد يكون النذر صوماً، وشروطه العقل والبلوغ والإسلام. مناسبة هذه المقدمة هي أنني أحب «النذر» وأتفاءل به، ودائماً - ولله الحمد - أوفي به، واليوم يأتي مقالي هذا إيفاءً «بنذر» قطعته على نفسي، أن أطالب الرئيس عمر حسن البشير بإطلاق سراح الشيخ إبراهيم السنوسي، في حالة تحرير هجليج من «الحشرة الشعبية»، وبحمد الله قد تم مرادنا، وتحررت هجليج، وأريد أن أوفي «بنذري»، وهذا جانب. والجانب الآخر يحتم علينا أن نطالب الرئيس البشير بإطلاق سراح الشيخ السنوسي لعدة أسباب: الأول: الشيخ السنوسي من رجالات الإنقاذ الأوائل، وكان من ضمن مجموعة «المكتب الخاص»، الذين دبروا لانقلاب الإنقاذ. الثاني: الشيخ إبراهيم قدم ابنه الشهيد «مصعب» فداءً للدين والوطن، والذي كان نقيباً في الجيش السوداني، وقد استشهد في مناطق العمليات، وجرحه ظل غائراً في وجدان إبراهيم السنوسي. الثالث: إبراهيم كان من المقربين لك - سيدي الرئيس - وأنت أعلم الناس به، فنرجو أن تطلق سراحه بحكم العلاقة القديمة و«الملح والملاح». الرابع: لإبراهيم السنوسي مجاهدات سياسية نحسبها كبيرة وعظيمة، طوال فترة عمله منذ ظهوره من أيام الجبهة الوطنية. الخامس: لقد ظل إبراهيم السنوسي حارساً للإنقاذ، ومدافعاً عنها قبل المفاصلة، وظل يصول ويجول في أغلبية المكاتب والمناصب التي تدافع عن الإنقاذ ورموزها، وعنك أنت شخصياً الأخ الرئيس. السادس: الشيخ السنوسي أكمل كل الفترات القانونية المنصوص عليها في قانون الأمن واستمرار اعتقاله لا يجوز قانوناً الآن. السابع: الشيخ السنوسي سنه لا تسمح باعتقاله، فهو مسن، ويستحق أن نراعي سنه وعمره الذي أفناه في سبيل الوطن في كل المواقع، حكومة ومعارضة. الثامن: الشيخ إبراهيم السنوسي لديه جرح لم يندمل، وهو وفاة ابنه الدبلوماسي محمد إبراهيم السنوسي، وجرح آخر، وهو وفاة الزوجة أم الأولاد والبنات. وأخيراً - سيدي الرئيس - إنني أجد نفسي أمام حالة خاصة، ترتبط بنا نحن كأسرة، فلقد كان الشيخ إبراهيم صديقاً وأخاً لوالدنا سيدأحمد خليفة، برغم الاختلاف السياسي، منذ أن كنا أطفالاً في ليبيا، ولدينا معه ذكريات ولعب مع أطفاله أيام الغربة، التي لا يوجد فيها عم أو خال، وبكل أمانة، لم نجد شخصاً يعطي هذه الأمثلة غير عمنا إبراهيم السنوسي، ومن هذا المنبر، نطالب الرئيس البشير بإطلاق سراحه، إكراماً لسنه وشيخوخته، وكل من يفعل ذلك، يرد الله ذلك الخير إليه، ويهيئ له من يكرمه إذا كبرت سنه.