[email protected] حُرمة الوقف في أي شرع أو دين يستغل مسؤول متنفذ، وهو ذو سلطة واسعة ، منصبه ليسكن في بيت «الأوقاف» ويرفض الخروج منه، وهو يعلم أنَّ للوقف حُرمته ولا يجوز استغلاله لمنفعة شخصيَّة، وكان حري به أن يسكن في بيته الذي هو من حرِّ ماله، أو أن يوفر له بيت حكومي ، وهو بهذا التصرُّف يثبت جهله ب«فقه الوقف»، ويمنع استغلاله بما يعود بالنفع على آخرين هم في أشدِّ الحاجة للعون. ومثل هذا المسؤول نموذج لاستغلال المنصب لمنافع شخصية، وينبغي مُساءلته ومطالبته بإخلاء الوقف وإعلان اسمه مع غيره في وسائط الإعلام حتى يتعظ غيره. هذا التصرُّف مرده غياب فقه الوقف وسوء إدارة الأوقاف على مستوى السودان ، التي تحتاج إلى إدارة شفَّافة وأمينة تحسن تطويرها واستثمارها. وتشير الإحصائيات إلى وجود 80 وقفاً قومياً ، و6 آلاف وقف في السودان و600 وقف بولاية الخرطوم ، تمَّ استرداد بعض من الأوقاف المستغلَّة منها أراضٍ بالخرطوم بقيمة 120 مليون دولار، والمتبقي منها بقيمة 80 مليون دولار، وتسعة آلاف فدان بمشروع الجزيرة قيمتها 47 مليون جنيه ، هذا غير الأوقاف في خارج السودان، ودار حولها كثير من اللغط خاصة منسقها ، و تهم تبديد المال العام تظل قائمة وتحتاج للتحقيق وإصدار الأحكام الرادعة، لأنَّ المحافظة على الأملاك الوقفية مسؤولية، ولا يجوز الاعتداء عليها بأي صورة من الصور، «من اغتصب شبراً من أرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة » ، و«على اليد ما أخذت حتى تؤدِّيه»، لابد من إحياء الوقف والتأكيد على حرمته، وأن تنشأ مؤسسة تديره، تكون لها الشخصية الاعتبارية والاستقلالية، يتولَّى أمرها المتفقهون، لا السياسيون أو أهل الولاء، أو المتنفذون الذين لا يقيمون وزناً لحرمة المال العام، ويستبيحون حرمته، ومن الضرورة بمكان التوعية بفقه الوقف، والاستفادة من تجارب الدول التي أرست تجربة فقهية يستفاد منها، وخاصة دول الخليج، ولابد من «القوي الأمين» في تولِّي شأن الوقف، وليس خائن الأمانة، وأن يكون قادراً على الدفاع عن حقوق الوقف و رعاية الحقوق من الضياع، وإن اقتضى الأمر الذهاب إلى المحاكم. أرى أنَّ نائب الرئيس علي محمد عثمان الأنسب ليشمل برعايته الوقف في السودان، ونقترح عليه أن يستعين بأهل الرأي في تنظيم مؤتمر الوقف بمشاركة الفقهاء والاستعانة بتجارب دول إسلامية وعربية وخاصة الخليجية، وأن يصدر القرارات التي تحفظ للوقف حرمته، ويحاسب كل من يستغلَّه دون وجه حق وخاصة من شاكلة الذين يسكنون في بيوت الوقف؟