بحمد الله وشكره، لقد كان صالون الراحل سيدأحمد خليفة حافلاً بالضيوف الكرام، ولا أريد أن أقول «بالمشاكل»، ولقد كانت البداية بمشاكل المعاشيين، الذين اشتكوا إلى طوب الأرض، باحثين عمن يعينهم ويقف معهم، فلقد أتوا «العميان شايل المكسر»، وكلها شكاوى، فلقد أتى الضرير الذي كان يعشم أن يغطي معاشه علاجه، وأتى «ضعيف السمع» الذي يريد أن تجرى له عملية أو تشرى له سماعة، وأتى الذي يتحدث عن أن المعاش لا يسد رمقه هو وأسرته، وأتى الذي يشتكي قلة حيلته، بسبب عجزه عن دفع رسوم أبنائه الدراسية، وأتى الذي لديه زوجتان وأسرتان ومؤجر، وأتت امرأة تشكو عدم قدرتها على شراء علاج أمراض القلب، فالمعاش لا يكفي، واليد قصيرة، والعين بصيرة. لماذا لا تحل مشاكل هذه الشريحة من المجتمع السوداني؟، ولماذا لا تقف الدولة معهم، وتخصص لهم ميزانية خاصة؟، بدلاً عن الصرف البذخي على المؤتمرات والسفريات والنثريات والعربات الفارهة المملوكة للدولة والمؤجرة، المعاشيون «كارثة قومية»، ما عاش من يهضم حقوقهم ويعذبهم في الحصول على «الفتافيت»، في زمن أصبح فيه كيلو اللحمة ب «38» جنيه للضان، و«28» جنيه للعجالي. في زمن أصبح باب بيتك يدق صباحاً في مواعيد «بتاع اللبن»، فتجده «بتاع العوائد»، وفي اليوم التالي تجد «بتاع المياه»، وفي الذي يليه «بتاع النفايات»، ناهيك عن الذين تذهب إليهم بنفسك مجبوراً ومحسوراً، من أجل السداد والشكر، ومن هؤلاء الكهرباء، والمدارس، والجامعات، والرخص للذي لديه دكان أو كنتين، يعول به أسرة محتاجة «لرغيف العيش»، مواصلاتها «الركشة»، وأكلها «الكسرة بالموية»، وشرابها «الموية الزرقا». ثم كان « الفصل الثاني» مع الدكتور الطيب مختار - الأمين العام للأوقاف «المقال» - الذي أظهر صراحة، برغم عدم حضور الطرف الثاني من المشكلة، والذي حاول عادل سيدأحمد إقناعه بالحضور إلى الصالون، ليس من أجل النشر، ولكن من أجل معرفة وإظهار الحقيقة. الدكتور الطيب مختار تمسك بموقفه، ورفض الكشف عن «العقد»، وكأنه عقد «زواج» من ثانية، متعللاً بأن هناك شرطاً فيه ينص على سريته، ولا أدري لماذا السرية في عقد لا يحتوي على معلومات عسكرية تتعلق بالأمن القومي السوداني، فالحكاية كلها قروش في قروش، سواء أكانت بالجنيه السوداني، أو الريال السعودي، أو الدولار الامريكي. أما الفصل الثالث، فلقد كان قمة في الروعة والجمال، تحدث فيه الشيخ الأمين عمر الأمين حديثاً كان مبهراً للحاضرين، مقنعاً - بأفكاره وحديثه اللبق - الجميع بأنه «شيخ بحق وحقيقة»، ليس كما يدعي البعض، ولقد تحدثت، مبادراً بالسؤال الأول عن حكاية شيخ الأمين «حوارو جكسي ومحايتو بيبيسي وحجابو جلكسي»، فذكر أن هذه المقولة أطلقها عليه صحفي يعمل في مجلة عربية شهيرة، فلقد كان شيخ الأمين واضحاً كالشمس، وجهه نيّر، وحديثه مشوق مثمر، الصلاح على وجهه يجبرك أن تحترمه وتقدره، وتشرب معه «البيبسي»، وتأكل معه «الجلكسي»، وتتزوج من حيرانه «الجكسي» بالحلال.